أوراق سياسية

المقاومة والواقعية السياسية.. توازن بين الثوابت والتنوع اللبناني!.. 

post-img

غسان ريفي (سفير الشمال)
  
في ظروف بالغة الدقة، وتهديدات مباشرة للبنان بالويل والثبور وعظائم الأمور، إذا لم ينفذ الشروط الأميركية بالتفاوض المباشر مع "إسرائيل" تحت النار بما يعني الاستسلام وإعطاء العدوّ ما يريد لجهة المنطقة العازلة والمنطقة المنزوعة السلاح والمنطقة الخاضعة لقيادة الجيش اللبناني بأسلحة خفيفة، أطل الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في مقابلة على شاشة “المنار” مع الزميل عماد مرمل لمناسبة مرور عام على تسلمه الأمانة العامة للحزب، لفتت الأنظار لما تضمنته من تهدئة وانفتاح على كلّ الأطراف ومن رغبة في التعاون من أجل الخروج من الأزمات التي ترخي بظلالها القاتمة على لبنان.

لم تكن مقابلة الشيخ نعيم قاسم عادية أو روتينية أو عابرة، بل أسست لمرحلة مقبلة من الواقعية السياسية من خلال تجديد التأكيد على توجه حزب الله لفتح صفحة جديدة بهدف تأمين صيغة وطنية لمواجهة المخاطر "الإسرائيلية"، خصوصًا بعد إبلاغ العدوّ أميركا بأنه لن يتوقف عن الاعتداءات على لبنان، وبعدما تبيّن للقاصي والداني بما لا يقبل الشك أن الولايات المتحدة تدعم كلّ التوجّهات "الإسرائيلية"، وما مشاركة مورغان أورتاغوس إلى جانب وزير حرب العدوّ يسرائيل كاتس في إعطاء الأوامر للجيش الصهيوني بشن الغارات على الجنوب اللبناني وقتل المواطنين سوى أكبر دليل على ذلك.

تعاطى الشيخ نعيم قاسم بإيجابية إلى أقصى الحدود وأبدى الاستعداد للتعاون مع الجميع لضمان السيادة الحقيقية للبنان وكرامته الوطنية التي تهدر يوميًّا على أيدي "الإسرائيلي"  والأميركي في ظل صمت مطبق من “السياديين” خصوصًا أولئك الذين يثورون على تصريحات سياسية ويدفنون رؤوسهم في التراب أمام الاعتداءات "الإسرائيلية" والتدخلات الدولية والإملاءات الأميركية من توم براك منظّر الاعتداءات إلى أورتاغوس التي تمعن في استفزاز اللبنانيين بأشكال مختلفة عند كلّ زيارة.

كلام الشيخ نعيم قاسم أكد الاتّجاه نحو تصفير المشاكل، حيث شدد على قوة وعزيمة وصلابة المقاومة التي لا ترغب في إشعال جبهة الجنوب لكنّها لن تتوانى عن مواجهة العدوّ في حال قرر توسيع الحرب على لبنان وفقًا لإمكاناتها الدفاعية انطلاقًا من الواجب الديني والوطني في حماية السيادة والدفاع عن الأرض، مشدّدًا على التزامها باتفاق وقف إطلاق النار وعلى الاستمرار بإعطاء الفرصة للاتّصالات الدبلوماسية لإنهاء الاحتلال ووقف الاعتداءات وإعادة الإعمار.

وجه الشيخ قاسم رسائل إيجابية في أكثر من اتّجاه، فأشار إلى أن التعاون والتواصل قائمين مع رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، وأكد عدم الرغبة في الخلاف مع رئيس الحكومة نواف سلام وأن الحزب على استعداد للتعاون معه وفي حال تقدم خطوة تجاهنا سنتقدّم عشر خطوات.

كما أشاد بالجيش اللبناني وعقيدته الوطنية مؤكدًا التعاون معه، ومشدّدًا على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وهذا يُسجل لحزب الله الذي قد يكون الوحيد الذي يسعى إلى إنجاز هذا الاستحقاق دون التيارات السياسية والأحزاب الأخرى التي ما تزال تناور، وذلك بهدف إجراء استفتاء شعبي على المقاومة ومشروعها.

وقد جاءت هذه الإيجابيات لتؤكد أن المقاومة وبيئتها هما في صلب مشروع الدولة الذي يتطلع إلى تحرير الأرض وحماية السيادة الوطنية ومواجهة العدوّ بشتى الوسائل والطرق، وهذه مسلمات وثوابت لا أحد يعارضها باستثناء من لديه أجندات مشبوهة يسعى إلى تنفيذها.

يمكن القول، إن الشيخ نعيم قاسم قدم في مقابلته أكثر من مبادرة، لجهة المصالحة الوطنية، والحوار حول المواضيع الخلافية والتوافق على القواسم المشتركة واعتماد سياسة اليد الممدودة بعيدًا عن التشنجات، ما يؤكد أن المقاومة تسعى إلى إيجاد توازن بين ثوابتها وبين التنوع اللبناني بتوجهاته المختلفة.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد