أوراق سياسية

برّاك يستنهض جبهة ضدّ إيران: تركيا و"إسرائيل" لن تتحاربا

post-img

محمد نور الدين (الأخبار)

لا يتوقّف سفير الولايات المتحدة إلى تركيا، ومبعوثها إلى كلّ من سورية ولبنان، توم برّاك، عن إطلاق مواقف مثيرة للجدل، من مثل قوله أخيرًا إنّ "لبنان دولة فاشلة"؛ وهو نفسه الذي كان صرّح عشيّة وصوله إلى أنقرة، في نيسان الماضي، بأنّ "خريطة سايكس - بيكو، إنّما وضعتها الدول الاستعمارية خدمةً لمصالحها"، وبأنه حان الوقت لإنهاء تلك التقسيمات والعودة إلى نظام الملل العثماني، الأقرب إلى ولايات فدرالية.

ولم يخفِ المراقبون الأتراك، قلقهم من هذه التصريحات، لأنها تعنى تعريض تركيا نفسها إلى خطر التقسيم على أساس عرقي أو مذهبي. ومع ذلك، لا يرى الأتراك في برّاك، شخصًا معاديًا، لا سيّما وأنه يتناغم في الملف السوري تحديدًا مع سياسة أنقرة، عبر الدعوة إلى حلّ قائم على وجود دولة واحدة وجيش واحد، ودمج "قوات سورية الديموقراطية" بالجيش السوري، في ما يثير غضب الأكراد - حلفاء الأميركيين - في شرق الفرات.

وفي منتدى "حوار المنامة" الأخير الذي عُقد في البحرين، الأسبوع الماضي، أَطلق برّاك مواقف تخصّ العلاقات التركية - "الإسرائيلية"، أثارت صدى في الداخل التركي. وإذا كان "حزب العدالة والتنمية" وحلفاؤه يتعاطون مع مجمل الأوضاع في المنطقة على قاعدة التماهي مع الموقف الأميركي، بفعل العلاقة الطيّبة التي تجمع بين الرئيسَين رجب طيب إردوغان ودونالد ترامب، فإنّ التصريح الأخير لبرّاك، وإنْ لم يزعج أنقرة، لكنّه أثار تساؤلات حول حجم التعاون المنشود بين تركيا و"إسرائيل"، في ظلّ التوتّر الذي شهدته العلاقات بينهما، ولا سيّما في سورية.

وفي إطار الرؤية الأميركية، للوضع الجديد في الشرق الأوسط، بدا لافتًا قول برّاك، إنّ "تركيا و"إسرائيل"، لن تتحاربا. سوف تَرون تعاونًا مشتركًا بينهما من بحر قزوين إلى البحر الأبيض المتوسط". وإذا كان تقاطع المصالح في سورية تحديدًا، صبّ في خانة استئصال النفوذ الإيراني، فإنّ الحديث عن تعاون في بحر قزوين، إنّما يستهدف بشكل أساسي إيران أيضًا، في خاصرتها الشمالية. وفي هذا السياق، بدت لافتة التصريحات الجديدة لوزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، عن "ضرورة أن يسلّم "حزب العمال الكردستاني" سلاحه ليس فقط في تركيا، بل أيضًا في سورية والعراق وحتّى إيران".

وفي التعليقات الإعلامية على ذلك، يقول الكاتب محمد علي غولر، في صحيفة "جمهورييات"، إنّ تصريحات برّاك، تعنى أنّ الولايات المتحدة، "تريد تعاونًا تركيًّا - إسرائيليًّا ضدّ إيران"، وإنها "تعمل على نظام جديد في الشرق الأوسط وتريد أن يكون التعاون التركي - ال"إسرائيلي"، أساس جبهة ضدّ إيران، وتكون آذربيجان، والأكراد في الدول التي يوجدون فيها، والعشائر العربية في العراق وسورية، ضمن هذه المظلّة". ويضيف أنّ "برّاك، يتحرّك على أساس أنه الوالي الأميركي، في المنطقة الممتدّة من قزوين إلى المتوسط، ومن لبنان إلى الخليج. وفي قلب هذه الخريطة الجديدة، تركيا و"إسرائيل" والخليج وسورية ولبنان والأردن وآذربيجان وأرمينيا، التي كما يقول برّاك نفسه، في حال اجتمعت ستشكّل المنطقة الأقوى في العالم". ووفقًا لغولر، فإنّ "جهود أميركا، نجحت في عقد اتفاق بين آذربيجان وأرمينيا، و(تدفع نحو) التعاون بين "إسرائيل" وآذربيجان، والتوفيق بين أحمد الشرع وقسد، والتطبيع بين "إسرائيل" وسورية، وجعل غزّة منزوعة السلاح، عبر إيكال هذا الدور إلى تركيا، ونزع سلاح حزب الله في لبنان. وهذا كلّه يصبّ في هدف تطويق إيران لضربها". وينتهي إلى القول، إنه "كما استخدمت أميركا، تركيا ضدّ صدام وضدّ الأسد، فهي تستخدمها الآن ضدّ إيران".

وفي صحيفة "آيدينلق"، يكتب عصمت أوزتشيليك، أنّ ترامب، قد "أوعز إلى برّاك، ليقوم بتنفيذ مخطّط الشرق الأوسط الجديد". ويضيف أنّ أميركا، "توكل تركيا بالقوقاز وبسورية وبغزّة. وترامب وبرّاك، يتناوبان على مديح إردوغان. أمّا ارتياح تركيا للمواقف الأميركية، فيعني أنّ الخطّة مستمرّة، بل تمتدّ إلى شرق المتوسط، حيث اتفق لبنان مع قبرص، حول الحدود البحرية، ويتمّ الإعداد لمؤتمر رباعي بين مصر وتركيا واليونان وليبيا".

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد