اوراق مختارة

مافيا الماء تسقط في بحمدون... "الحبل على الجرار"

post-img

روجيه ابو فاضل (صحيفة الديار)

لم يعد العطش في بحمدون وجوارها تفصيلاً صيفياً عابراً، ولا أزمة موسمية تُعالج بالصهاريج وبضعة اتصالات. ما يجري هناك تحوّل إلى مشهد يومي فاضح، يختصر ما آلت إليه الدولة حين تُترك مؤسساتها رهينة موظفين فاسدين ، وشبكات تستثمر ضيق الناس، وتحوّل حاجاتهم الحيوية إلى تجارة سوداء عنوانها الجشع والابتزاز. مواطن يكدّ ليقبض راتباً لا يتجاوز مئتي دولار، ليجد نفسه مجبراً على دفع خمسين دولاراً كلّ أسبوعين، مقابل مياهٍ يفترض أن تصل إلى خزان بيته مجاناً بوصفها خدمة عامة وحقاً مكتسباً.

هذا الواقع لم ينشأ فجأة. سنوات من الفوضى تركت مفاتيح مضخات المياه في أيدي متنفذين، وعمّال يتحكمون بمنسوب الحياة في البلدات، فيغلقون ويضغطون ويضخّون بحسب جدول غير مكتوب، لا تحكمه العدالة بل المصالح والصفقات، فيما عشرات نقلات المياه المدعومة من الدولة، تتحوّل إلى سلعة تُباع وتُشترى تحت أعين الجميع. من يحتجّ يُجابَه بأن لا مياه في الشبكة، فيما الصهاريج لا تتوقف عن الدوران، والأسعار تنهك الناس وتُهينهم في لقمة عيشهم وكرامة منازلهم.

أمام هذه الوقائع، قرر النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي سامي صادر التحرّك وفتح الملف من بابه العريض، فادّعى على المجموعة المتهمة ببيع المياه العمومية والتلاعب بالتوزيع واستثمار الوظيفة واختلاس المال العام، وهم: رأفت. أ ، حسين عبد الله. ح ، برنار. و ، فادي. خ ، نشأت. ب ، غسان. م ، جناح. أ ، سعيد. أ ، وكل من يكشفه التحقيق ، وطلب توقيف عدد من المتورطين وجاهياً وملاحقة آخرين متوارين عن الأنظار.

ومع ذلك، لم يتوقف المسار عند حدّ الادعاء. الملف بات اليوم بين يدي قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضية ندى الأسمر، التي تسلّمت الملف وشرعت بدراسته تمهيداً لاستجواب الموقوفين ومتابعة كل الخيوط، في تحقيق يُنتظر أن يكشف كيف تمكّنت هذه الشبكة من السيطرة على خزان المنطقة وبيع الماء كأنها شركة خاصة، ومن سهّل ومن تغاضى، ومن استفاد وسكت.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد