جهاد نافع (صحيفة الديار)
صحية جسيمة، جراء ما يتناوله المواطن من غذاء يهدد حياته، ويصيبه بامراض خطرة، ربما تعطي اجوبة للتساؤلات حول ارتفاع نسبة الاصابات السرطانية الاعلى في لبنان بين الدول.
انهيار منظومة الغذاء الصحي والسليم يعود الى أمرين:
- اولا: انهيار نظام القيم والضمير الحي.
- ثانيا: الشلل الذي اصاب اجهزة الرقابة ومبدأ العدالة والعقاب، بمعنى غياب الدولة عن مراقبة ومتابعة مصانع الانتاج الغذائي والزراعي، ومراقبة مطابخ المطاعم والمقاهي وما اكثرها في كل المناطق اللبنانية، والتي تقدم المأكولات والمواد الغذائية التي تغيب عنها الرقابة.
مؤخرا استفاقت بعض الاجهزة الرقابية، لتكتشف منذ ايام قليلة في عكار، ان مياه الصرف الصحي تعتمد في ري منتوجات زراعية، ابرزها زراعة البقدونس والخس والبندورة والخيار، وبعد اجراء الفحوصات اللازمة من قبل وزارة الزراعة، تبين انها غير مطابقة للمواصفات الصحية، فعمدت الى اتلاف كامل المحصول في الحقول المخالفة لقانون سلامة الغذاء.
وقبل اسابيع، ضبطت اجهزة الامن عشرة اطنان من الفراريج الفاسدة في براد كبير مخصص لتجارة الجملة يقع في محيط حلبا، وكانت معدة للتوزيع في اسواق الشمال وللمطاعم باسعار منخفضة...
وآخر الفضائح ما تم كشفه خلال جولة لوزارة الاقتصاد، حين دهم فريقها احد معامل تكرير زيت الزيتون في طرابلس، الذي تبين خلوه اولا من ابسط مقومات النظافة، وثانيا من تقنيات تكرير زيت الزيتون، بظروف صحية غير ملائمة، وتحيط بها الجرذان والصراصير. وتبين ان المعمل يوضب زيت الزيتون باسماء "ماركات"، مختلفة تزود بها اسواق لبنانية من الشمال الى بيروت، وبعضها معدّ للتصدير الى دول عربية واجنبية.
وكشف احد خبراء زيت الزيتون، ان هذا الزيت المكرر الذي يباع في محلات شمالية وفي اسواق بيروت، وبالتالي يتصدر طاولات بعض المطاعم على انه زيت زيتون بكر، ما هو الا زيت نباتي وخليط من مواد كيمائية، مع صبغة تضفي عليه لون الزيت الصافي. ودعا الخبير الى التنبه من هذا الزيت، نظرا لمخاطره الصحية، وما يتسببه من انعكاسات على صحة الانسان. وشدد على ان الزيت الوحيد الذي يتمتع بالجودة، هو الذي يمكن الحصول عليه من المزارع مباشرة، ومن المعاصر، وما عدا هذا فقد بات الزيت المغشوش منتشرا بشكل غير مسبوق في الاسواق.
احد المراقبين كشف ان تجارا يتجولون من مطعم الى آخر، لشراء زيت القلي المحروق المسود، ويتم بيع الكميات الى معامل لاعادة تدويره ومن ثم توزيعه على انه زيت قلي...
لا يقتصر الامر على معامل الزيت المغشوش، فقد كشف بعض الخبراء منذ ايام ان البانا واجبانا غير مطابقة للمواصفات الصحية، تنتجها معامل صغيرة في مناطق شمالية، بعضها في عكار والبعض الآخر في طرابلس وضواحيها، وتعتمد في انتاجها على اضافة مواد صلبة ونشويات ومواد حافظة، وتباع على انها البان واجبان بلدية ، ويتم انتاجها بظروف تخلو من ابسط القواعد الصحية.
كما كشف النقاب عن معامل في عكار وفي ضواحي طرابلس، تنتج مواد تنظيف مختلفة مغشوشة ومزورة، وبعضها يضاف اليها مواد خطرة على الصحة لتبدو انها اصلية.
ثمة فوضى مستشرية في اسواق الشمال على صعيد الانتاج الغذائي والزراعي، وانتشار واسع لسلع غذائية ومواد تنظيف مزورة ومغشوشة، تستدعي استنفار اجهزة الرقابة ومتابعتها بدقة، لكشفها والحد منها حماية للسلامة والصحة العامة.