صحيفة المدن
أشارت مصادر من داخل جمعيّة المصارف لـِ "المدن" إلى أنّ اجتماع الجمعيّة مساء اليوم الأحد شهد خلافات وسجالات حادّة، بين مجموعة من المصارف التي أصرّت على الذهاب نحو خيار التصعيد والإضراب، وتلك التي فضّلت الاكتفاء ببيان يقتصر على القواسم المشتركة التي يتّفق عليها أعضاء الجمعيّة، بخصوص قانون الفجوة الماليّة.
وبحسب المصادر، استبقت بعض المصارف الاجتماع باتصالات جانبيّة، لوّحت فيها بإمكانيّة تعليق عضويّتها في الجمعيّة أو حتّى الانسحاب، في حال اللجوء إلى خيارات تصعيديّة من قبيل الإضراب. وفي خلاصة هذا الخلاف، تم الاكتفاء بالبيان الذي صدر عن الجمعيّة مساء اليوم.
قواسم مشتركة
ووفق المصادر نفسها، توصّلت المصارف إلى تحديد مجموعة من القواسم المشتركة، والتي سيتم التركيز عليها خلال المرحلة المقبلة، وأهمّها:
- الاعتراض على فكرة المفعول الرجعي، الذي اعتمده مشروع قانون الفجوة لملاحقة الأرباح غير المشروعة وغير الاعتياديّة، التي حقّقها المساهمون في المصارف في فترة الهندسات الماليّة، على حساب أموال المودعين الموجودة في مصرف لبنان.
- المطالبة بتسييل موجودات مصرف لبنان، وخصوصاً الذهب، وبقيمة لا تقل عن 10 مليارات دولار أميركي، لتمكين المصارف من تسديد الودائع التي تقل قيمتها عن 100 ألف دولار أميركي. وذلك بدل اعتماد تراتبيّة الحقوق والمطالب، بحسب نص مشروع القانون، والتي تقضي بتحميل المساهمين في المصارف أوّل شريحة من خسائر القطاع المصرفي.
- التركيز على مبدأ "مسؤوليّة الدولة"، بهدف زيادة قدر الخسائر التي سيتم تحويلها إلى ديون عامّة في المستقبل، في مقابل تخفيض حجم الالتزامات المفروضة على أصحاب المصارف بموجب مشروع القانون.
وفي الخلاصة، عكس بيان الجمعيّة خلاصة هذه النقاط المشتركة بين المصارف.
اختلاف المصالح
وكانت "المدن" قد حصلت قبل الاجتماع على معلومات تفيد بوجود انقسام داخل الجمعيّة، بخصوص درجة التصعيد الذي يمكن أن تلجأ إليه الجمعيّة، رداً على طرح مشروع قانون الفجوة الماليّة بهذه الصيغة. ووفقاً لتلك المعلومات، تزعّمت الجناح المتطرّف داخل الجمعيّة مجموعة من المصارف الأكثر تورّطاً في العمليّات المُعتبرة غير قانونيّة أو غير اعتياديّة، وفقاً لتعريف القانون للأصول غير المنتظمة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ مشروع القانون يستهدف ملاحقة مجموعة من الأصول غير المنتظمة، لإطفاء الخسائر المتراكمة في القطاع، ومنها تلك الناتجة عن:
- التحويلات الاستنسابيّة إلى الخارج، التي جرت بعد حصول الأزمة، أو تلك التي جرت ابتداءً من 17 نيسان 2019 بالنسبة للمصرفيين، حيث من المفترض أن يتم تحميل أصحاب هذه التحويلات غرامة بنسبة 30% من إجمالي الأموال المحوّلة.
- الحسابات التي حقّقت فوائد وأرباح جرّاء الهندسات الماليّة، التي نظّمها مصرف لبنان قبل حصول الأزمة، والتي ساهمت في اتّساع فجوة الخسائر على حساب أموال المصرف المركزي.
- المكافآت وأنصبة الأرباح المفرطة، التي جرى توزيعها على المساهمين وكبار موظفي المصارف، بحسب تقييم المقيمين المستقلين.
- الأموال المشتبه في مصدرها، والقروض الكبيرة التي تتجاوز قيمتها النصف مليون دولار، والتي جرى تسديدها بسعر الصرف الرسمي. بالإضافة إلى بعض العمليّات غير الاعتياديّة التي استفاد منها محظيون في المصارف.
وفضلاً عن كل تلك الإجراءات، ينص مشروع القانون على إلزام أصحاب المصارف بتقديم مساهمات جديدة لإعادة رسملة مصارفهم، بعد تصفير الشريحة الأولى من الرأسمال. كما ينص على إلزام المصارف بالخضوع لتدقيق وتقييم للموجودات، لتقييم وضعيّة كل مصرف، في ضوء انكشافه على الأصول غير المنتظمة، والتوظيفات لدى مصرف لبنان.
وتشير مصادر مصرفيّة إلى أنّ جميع المصارف العاملة في لبنان قامت خلال عطلة نهاية الأسبوع بإعداد دراسات داخليّة، لتقدير أثر هذه الإجراءات على رساميلها. وفي النتيجة، تفاوتت حدّة ردة فعل كل مصرف بحسب نتائج هذه الإجراءات المرتقبة، وهو ما يفسّر الخلافات القائمة اليوم داخل الجمعيّة.
مع الإشارة إلى أنّ عدداً من ممثلي المصارف الأعضاء في الجمعيّة عبّروا -في أحاديث مع "المدن"- عن شكوكهم بطريقة إدارة هذا الملف، من قبل قيادة الجمعيّة التي لم تبادر إلى تعيين لجنة للتفاوض بإسم جميع الأعضاء، حتّى بعدما طلب ذلك رسمياً وزير الماليّة ياسين جابر، فيما تم الاكتفاء بالدور الذي لعبته شركة أنكورة كاستشاري مالي للجمعيّة. وتفاقمت الشكوك المتبادلة بين أعضاء الجمعيّة حين بادرت قيادة الجمعيّة لتنظيم اجتماعات مغلقة مع جابر لاحقاً، من دون إبلاغ أو دعوة أعضاء مجلس الإدارة أو الجمعيّة العموميّة.