علي سرور/ جريدة الأخبار
تأخذ الهجمة الإسرائيلية على لبنان أشكالًا متعدّدة. وبينما يستمرّ العدوان العسكري ويستعر الضغط السياسي، يدأب الناشطون الإسرائيليون على استثمار الوضع الراهن لفرض أمر واقع ثقافي يتجلّى في الزيارات «السياحية» المتكرّرة إلى مدن ومعالم لبنانية، بهدف تحويل التطبيع من «تابو» شعبي إلى حدث اعتيادي.
ضمن سلسلة زيارات المؤثّرين الصهاينة الذين يتناوبون على القدوم إلى لبنان بشكل مكثّف منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية الواسعة في نهاية العام المنصرم، «صبّح» التيكتوكر الصهيوني الشهير آفي غولدمان متابعيه، من خلال مقطع فيديو يظهره متجوّلًا «بكل أريحيّة» على واجهة بيروت البحرية. في المقطع الذي نشره أول من أمس على منصّة «تيك توك»، يقول غولدمان في أثناء التصوير على «الزيتونة باي» بـ «أنّ النهار جميل في مدينة بيروت»، في أسلوب يهدف للإيحاء بأنّ الموضوع طبيعي جدًّا.
من غير الواضح التاريخ الحقيقي لزيارة الناشط الإسرائيلي، لكنّ المعلومات تصبّ في خانة الخرق المتكرّر للحوادث المشابهة، حيث يستغلّ الزائرون قصرًا لبنان، جواز السفر المزدوج لدول غربية.
الجدير بالذكر أنّ الرسالة المصوّرة تحمل رسالة «من بيروت إلى تل أبيب»، في مسعى واضح لفتح شقّ أخلاقي في الوعي المجتمعي اللبناني، يظهر فيها «السائح» الصهيوني كإنسان عادي يمشي في الشارع اللبناني، عوضًا عن صورة القاتل المعتدي الذي دخل إلى المدينة ذاتها للمرّة الأولى من خلال غزو شامل كاد أن يطيح بالكيان اللبناني بأكمله.
من جانبه، يعمل غولدمان منذ العام 2010 على «أنسنة» كيانه من خلال زيارة أكثر من مئة دولة حول العالم. إلا أنّ الزيارات الأبرز التي قام بها كانت، إلى جانب الرحلة إلى لبنان، زيارة حديثة إلى سوريا، وزيارات قبل سنوات إلى دول عربية وإسلامية. ويحرص في رسائله على التركيز على الجانب الإنساني والحرص على إظهار تقبّل ثقافي للشعوب للعلاقة معه.
لكنّ الفيديو الأخير من بيروت يُظهر بائعًا من دون مُنتَج، إذ تصطدم المهمّة التطبيعية لغولدمان التي يفترض أن تتضمّن مشهدًا يوحي بـ«جسر تواصل إنساني» يجمع ضفتيّ المتحاربين، بواقع أنّ المقطع احتوى النقيض تمامًا. فالناشط استغلّ خلو الرصيف العلوي من المنطقة من أي تحرّك للمواطنين، ليسرق ثواني معدودة لتصوير رسالته باللغة العبرية في محاولة لإظهار تقبّل اللبنانيين لتواجده!