ديانا غسطين (سفير الاشمال)
ستة أشهر تفصل عن موعد الانتخابات النيابية المفترض اجراؤها في شهر أيار من العام ٢٠٢٦، من دون ان تتمكّن الدولة اللبنانية بكلّ اجنحتها من حلّ معضلة قانون الانتخاب، وتحديدًا الشق المتعلّق باقتراع المغتربين، إذ في ما تصدح أصوات بضرورة تطبيق القانون النافذ من دون أي تعديل، تؤثر أطراف أخرى، ولحسابات سياسية معينة، الضغط باتّجاه تعديل القانون ليسمح للمغتربين بالاقتراع للـ١٢٨ نائبًا أسوة باللبنانيين المقيمين.
هذا ونجحت الحكومة الأسبوع المنصرم، في رمي كرة قانون الانتخاب في ملعب مجلس النواب بعد أن احالت مشروع قانون معجل من مادتين، تنص الأولى على تعليق العمل بالمواد ١١٢، ١٢١، ١٢٢، والفقرة الأولى من المادّة ١١٨ من القانون رقم ٤٤/٢٠١٧، وذلك بصورة استثنائية ولدورة الانتخابات النيابية المقرّر إجراؤها في أيار 2026، وإلى حين انتهاء اللجنة الفرعية المنبثقة من اللجنة الفرعية النيابية المكلّفة دراسة اقتراحات قوانين الانتخابات ومجلس الشيوخ. اما المادّة الثانية فتتعلق بعدم إمكانية اعتماد البطاقة الممغنطة في الانتخابات المقبلة، والاستعاضة عنها برمز الاستجابة السريع. كما تطرق مشروع القانون إلى ضرورة تعديل الفقرة ٣ من المادّة ١١٣ من القانون عينه، لجهة تمدد تسجيل المغتربين حتّى ٣١ كانون الأول المقبل.
الى ذلك، وفي ما اعتبرت بعض الأحزاب قرار الحكومة انتصارًا جزئيًا لها، إلا ان الواقع على الأرض يشير إلى أن البلاد امام منعطف خطير قد يؤدي إلى تطيير الانتخابات بالكامل، لا سيما مع استمرار رفض الثنائي الشيعي للتعديلات المطروحة، على اعتبار ان اقتراع المغتربين من بلدان أقامتهم، لن يكون عادلًا للجميع، مشدّدًا على أن في الأمر محاولة لاستهداف وإلغاء الطائفة الشيعية.
وفي وقت يصرّ كلّ من رئيسي الجمهورية العماد جوزيف عون والحكومة نواف سلام على إتمام الاستحقاق الانتخابي في موعده، يبقى السؤال المطروح حول كيفية تلقف رئيس مجلس النواب نبيه بري لكرة تعديل قانون الانتخاب، خاصة وان القانون النافذ إذا ما اريد تطبيقه كما هو، بحاجة إلى تعديلات لجهة اصدار المراسيم التطبيقية المتعلّقة بمقاعد الاغتراب الستة المذكورة، فضلًا عن اصدار البطاقة الممغنطة والعمل بها.
في سياق متصل، يرجح متابعون لملف الانتخابات بأن يحيل رئيس مجلس النواب مشروع القانون الذي وضعته الحكومة إلى اللجنة التي تدرس اقتراحات القوانين الانتخابية، عملًا بأحكام المادّة ١٠٦ من النظام الداخلي للبرلمان، والتي سيتعين عليها بحسب المادّة ٣٨ من النظام عينه ان تنجز مناقشة ودراسة المشروع المقدم إضافة إلى احالته إلى الهيئة العامة في خلال مدة ١٥ يومًا.
توازيًا، تشير المعطيات إلى أن ضغوطًا ستمارس على الرئيس بري من أجل طرح مشروع القانون المعجل على أول هيئة عامة يمكن أن يدعى إليها مجلس النواب، معتبرة ان مخالفة هذا الأمر يعدّ مخالفة واضحة للدستور ولمبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها. في ما تتحدث مصادر أخرى عن تسوية تطبخ في الكواليس تقضي بتأجيل الانتخابات النيابية إلى الصيف المقبل، فيتمكّن عندها العدد الأكبر من المغتربين من التصويت من داخل لبنان.
اذًا، هي أزمة سياسية جديدة افتعلتها المصالح الحزبية الضيقة لكل طرف من أطراف السلطة، ستفضي إذا لم تتم معالجتها بالشكل المناسب إلى الغاء للانتخابات واجحاف بحق المغتربين الذين أثبتوا انّهم العمود الفقري للبنان لا سيما ابان الأزمات. فهل سيدرك أهل السلطة المنتخبين من الشعب ان تغييب صوت المغترب أينما كان خطيئة كبرى أم ان الاغتراب سيبقى بالنسبة لهم مجرد ورقة “جوكر” يستعملونها كلما حشروا في الزاوية؟..