أوراق ثقافية

أمستردام.. أكبر مهرجان وثائقي عالمي يقاطع الأفلام الإسرائيلية

post-img

رفض أكبر المهرجانات الوثائقية الرائدة في العالم اعتماد شخصيات بارزة في الصناعة الإسرائيلية من مؤسسات كبرى، بينهم مسؤولون بمهرجان "تل أبيب" للأفلام الوثائقية 2020 (دوكافيف)، و"كوبرو" (CoPro)، وهيئة البث العامة الإسرائيلية "كان" (Kan)، من حضور فعالياته المرتقبة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

بحسب مجلة فارايتي الأميركية، يبدو أن مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية "إدفا" (IDFA) ، الذي تقوده حاليا مديرته الجديدة إيزابيل أراتي فيرنانديز، قد تبنى مقاطعة صناعة السينما الإسرائيلية، التي دعت إليها الشهر الماضي منظمة "عاملون في السينما من أجل فلسطين"، بينهم نجوم من هوليود، مثل إيما ستون وخواكين فينيكس، الذين تعهدوا برفض العمل مع المؤسسات السينمائية الإسرائيلية "المتواطئة في جرائم الحرب" في غزة.

يدعو التعهد -الذي أصدرته في سبتمبر/أيلول الماضي- مجموعة عمال السينما من أجل فلسطين، ووقعه أكثر من 4 آلاف ممثل ومخرج ومنتج من جميع أنحاء العالم- المهنيين في مجال السينما العالمية إلى مقاطعة المؤسسات الإسرائيلية، بما في ذلك المهرجانات ودور السينما والمحطات الإذاعية وشركات الإنتاج. من أبرز من وقعوا على المبادرة -تتابع الصحيفة الإسرائيلية- أوليفيا كولمان، وإيما ستون، ومارك روفالو، وتيلدا سوينتون، وريز أحمد، وخافيير بارديم، وأفا دوفيرناي، ويورغوس لانثيموس.

مقاطعة

ضمن هذا السياق، رفض مهرجان "إدفا" منح الاعتماد لممثلي "دوكافيف"، وكذلك "كوبرو" و"كان"، لأنهم يتلقون جزءا من تمويلهم من ميزانية الدولة الإسرائيلية.

عند الاتصال بها من قبل مجلة "فارايتي"، أكدت مديرة مهرجان أمستردام أراتي فيرنانديز المقاطعة وقالت: "بالنسبة لهذا العام، لم تُمنح المنظمات من إسرائيل، التي تتلقى دعما حكوميا، اعتمادا، على الرغم من أن هذا القرار سيُراجع العام المقبل".

قالت إن "إدفا" يقيّم "الأفلام المستقلة وصانعي الأفلام بشكل فردي وعلى أساس كل حالة على حدة"، و"هذا ينطبق أيضا على الطلبات المقدمة من المؤسسات"، مضيفة: "إذا كان لمشروع ما روابط واضحة مع حكومات مسؤولة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان -على سبيل المثال، من خلال تمويل الدولة المباشر- فإنه لا يتم اختياره بشكل عام".

أوضحت رئيسة مهرجان "إدفا" أن هذا المبدأ التوجيهي لا ينبع من دعوة المقاطعة التي أطلقها "عاملون في السينما من أجل فلسطين" ولكنه جزء من لوائح المهرجان التي "أدت سابقا بـ"إدفا" إلى رفض أفلام معينة من إيران، ومنذ الحرب الشاملة على أوكرانيا، من روسيا، وكذلك دول أخرى".

في حديثها لمجلة "فارايتي"، تقول المخرجة الإسرائيلية ميخال فايتس، وهي منتجة وثائقية تولت رئاسة مهرجان "تل أبيب" للأفلام الوثائقية 2020 (دوكافيف) العام الماضي، إنها ونظراءها في "كان" و"كوبرو" "تلقى كل منهم رسالة رفض من إدفا". وأضافت فايتس: "الرسالة قالت إنهم لن يمنحونا الاعتماد لأننا متواطئون في الإبادة الجماعية، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق".

جدل في "إسرائيل"

أضافت فايتس أنه على مر السنين، عرض "دوكافيف" العديد من الأفلام الوثائقية النقدية واليسارية التي أثارت غضب "وزير الثقافة، الذي قال إننا خُنّا البلاد"، مستشهدة بفيلم "محامية" (Advocate)، وهو فيلم وثائقي صدر عام 2019 من إخراج راحيل لياه جونز وفيليب بيلاش حول لِيا تسيميل، وهي محامية حقوق إنسان إسرائيلية تمثل الأسرى الفلسطينيين. ومثال آخر على فيلم وثائقي أثار الجدل هو فيلم "1948: تذكر، لا تذكر" (1948: Remember, Remember Not) لنيت شاشاني، والذي سلط الضوء على الأحداث المحيطة باحتلال القرية الفلسطينية في الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948.

في المقابل، ذكرت الكاتبة حنين مجادلة -في عمودها السابق بصحيفة هآرتس- أن اليسار الإسرائيلي يبدي معارضة للاحتلال، لكنه لا يزال يلتزم بواجباته عندما يصدر الجيش إخطارات استدعاء طارئة.

تحدثت مجادلة عن أفلام تتعارض مع الرواية الإسرائيلية الرسمية، ومن بينها أفلام تناولت نكبة 1948، لكنها استغربت أن يرى صانعو الأفلام الإسرائيليون أنفسهم ضحايا في هذه القصة، وتساءلت: "هل يعبّر صانعو الأفلام الإسرائيليون عن معارضتهم بشكل ملموس عن طريق رفضهم الخدمة في جيش الاحتلال والمشاركة في نظام يرتكب جرائم ضد الإنسانية؟ أم إن احتجاجهم يقتصر فقط على مجال الإبداع الفني؟".

أوضحت أن المقاطعة ليست عملا انتقاميا "بل آلية تصحيحية"، وخاطبت الغاضبين قائلة: "المقاطعة قد تعزلكم وتجعلكم منبوذين على الساحة الدولية، ولكن فقط إلى أن تدركوا أن إعلانا أجوف مثل (ليس باسمي) أبعد ما يكون كافيا، لأنها، في الحقيقة، باسمكم".

كانت "مجموعة عمال السينما من أجل فلسطين" قد أكدت في وقت سابق -لوكالة أسوشيتد برس- أن مبادرتها "تستند إلى نضالات تاريخية"، لا سيما الحركة الدولية الناجحة لإنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، حسب ما أوردته هآرتس.

شددت على أنه إذا أرادت المؤسسات السينمائية الإسرائيلية مواصلة العمل مع الموقعين على التعهد، فإن خيارهم واضح: "إنهاء التواطؤ في الإبادة الجماعية والفصل العنصري في إسرائيل، والاعتراف بالحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني بموجب القانون الدولي".

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد