دموع الأسمر (صحيفة الديار)
لو عاد شريط الذاكرة الى الوراء اكثر من عشرين عاما، لعثرنا على وعود ومشاريع ابرزها المخطط التوجيهي لشبكة السير في مدينة طرابلس، التي تحدث عنها اكثر من وزير تعاقب على وزارة الاشغال، ولعثرنا على مشروع يتعلق بمحلة البحصاص عند المدخل الجنوبي لمدينة طرابلس ، حيث الازدحام اليومي الخانق المتواصل منذ سنين طويلة ، وازداد تفاقما عند انجاز المبنى الجامعي الموحد في نطاق راسمسقا، الى جانب نشوء ابنية جامعية اخرى، وعدد من المدارس الخاصة.
ضمن المخطط التوجيهي الذي اطلق حينذاك بمهلة حددت ما بين 2001 الى 2020، بحيث تشهد عاصمة الشمال حسب الوعود، والمشاريع التي بقيت حبرا على ورق، نقلة نوعية في شبكة الطرق الرئيسة والداخلية ، وضمنها انشاء نفق في شارع البوليفار، وجسور تربط احياء ابي سمراء والقبة بالتبانة والتل والميناء.
كل هذه الوعود بالمشاريع باءت بالفشل، وذهبت ادراج الرياح، ودائما المال شماعة الفشل.
لكن بعض الاوساط الطرابلسية، اعربت عن اسفها لغياب القيادات والمرجعيات، التي لم تستطع انتزاع موازنة كافية لانجاز شبكة طرق في المدينة، بينما مناطق اخرى يحضر المال وما يلزم، لانجاز مشاريع تنموية.
في ظل الاوضاع المالية المتعثرة التي تسود البلاد عموما، اطلق المجلس البلدي الاسبق، مناقصة لانجاز اوتوستراد دائري في محلة البحصاص، نظرا لحجم المأزق الذي تعيشه المحلة المذكورة، وبعد مسلسل نداءات وصرخات للمواطنين، الذين كانوا يحتجزون لساعات اثناء توجههم الى اعمالهم، او الى الجامعات والمدارس صباحا او في ساعات الظهيرة.
ويقول مصدر مطلع ان المناقصة وقعت يومذاك على احد المهندسين المحظيين، فعمد الى وضع خريطة هندسية للمحلة غير ملائمة لمساحة الشارع ومتفرعاته، وبشكل فاقم من الازمة، حيث جرى تصميم مستديرة مساحتها 450 مترا، في مساحة لا تتجاوز الـ 500 متر ، وتبين عقم التصميم الهندسي من شكل المستديرة التي اطلق عليها تهكما اسم ساحة الامويين، وكأن المهندس المصمم للمستديرة، توهم ان مساحة البحصاص تماثل مساحة ساحة الامويين الضخمة في دمشق.
كانت النتيجة تواصل الازدحام بعدة اتجاهات، سواء من البوليفار باتجاه البحصاص، او من البحصاص باتجاه المدينة، وادى الحال الى اختناق يومي في المحلة المذكورة، ونتج عنه ازمة سير يومية في مختلف الشوارع والمتفرعات في المدينة.
لم تقتصر الازمة على الازدحام اليومي وعرقلة مصالح المواطنين، وانما انسحب ايضا على ازمة سيول في فصل الشتاء وتراكم النفايات التي تحملها الامطار والسيول، مما اثار غضب المواطنين الذين لمسوا غياب المرجعيات عنها وترك المدينة لقدرها...
وبرزت علامات تساؤل حول محاسبة الذين صمموا المخطط الهندسي لهذه المستديرة، ولشوارع عديدة في طرابلس الكبرى خارجية وداخلية، غير مطابقة لحركة السير في المدينة ، وتنعكس سلبا على الشوارع وتعيق حركة السيارات فيها.
الا ان وعودا جديدة برزت في الآونة الاخيرة، بان لدى الادارة البلدية مشروع ازالة مستديرة البحصاص، ووضع تصميم هندسي جديد لها، ولشوارع اخرى في المدينة، وفق مخطط هندسي جديد يشكل حلا جذريا لازمة السير في الشوارع، التي تشهد ازدحاما وفوضى في كل صباح، وعند انتهاء دوام المدارس والادارات العامة.