اوراق مختارة

كلّ شيء مؤجّل حتى الانتخابات النيابيّة لمعالجة الفجوة المصرفيّة .. التعاون بين السلطات والمصارف يُترجم الاعتراف بحقيقة الأزمة المصرفيّة

post-img

جوزف فرح (صحيفة الديار)

يبدو ان كل شيء مؤجل، لمعالجة والبت بمصير القطاع المصرفي حتى انتهاء المعركة الانتخابية في ايار المقبل، حيث يتم انتخاب نواب جدد، قد يشكلون الانطلاقة الحقيقية للاقتصاد الوطني.

وتعترف مصادر مالية مطلعة ان الاصلاحات المصرفية والمالية، التي يطالب بها المجتمع الدولي، لم تبت بعد حتى الآن بدليل ان قانون الاصلاح المصرفي، الذي اقره المجلس النيابي يواجه عثرات، وبالتالي هناك اتجاه لاعادته الى المجلس النيابي، وذلك بسبب:

1- رفض صندوق النقد الدولي له، واصراره على ادخال تعديلات على بعض بنوده، سبق والقينا الضوء عليها.

2- ارتباطه باقرار مشروع قانون الفجوة المالية، الذي ما زال قيد الدرس من قبل الحكومة، التي وعدت بتقديمه في تشرين الاول الماضي.

3- رفض جمعية المصارف للمشروع الذي تدرسه الحكومة، وقد ينجلي التباين بينها وبين وزارة المالية حول هذا المشروع، وان "مان" وزير المالية حاول تجميل اللقاء الذي تم بينه وبين الجمعية.

4- ما زال الخلاف مستحكما حول الخسائر في الفجوة المالية، والمقدار الذي يتحمله كل طرف معني بموضوع الفجوة، وهم: الدولة اللبنانية، مصرف لبنان، المصارف، والمودع. 

٥- برودة همة النواب في معالجة موضوع الفجوة المالية، وانصرافهم الى التحضير لمعركتهم الانتخابية، والابتعاد عن كل ما يعكر مزاج ناخبيهم، خصوصا اذا اقر المشروع ولم يكن على خاطرهم.

6- الضغوط التي يمارسها المودعون لاقرار اعادة الودائع الى اصحابها، وهم لا يعدمون اي وسيلة لذلك. وبالتالي، فان المشرعين يتريثون في اقرار قانون الفجوة المالية، بانتظار معرفة الاتجاهات التي سيسلكها هذا القانون.

ازاء هذه الاسباب يستمر الجمود في القطاع المصرفي، وتستمر الحيرة حول مستقبل هذا القطاع.

وفي هذا المجال، اشار الأمين العام لجمعية مصارف لبنان فادي خلف إلى أن تعاون القطاع المصرفي مع السلطات المعنية "لا يمكن أن يُترجم واقعاً، ما لم يُبنَ على الاعتراف الكامل بحقيقة الأزمة وجوهرها النظامي، وعلى احترام الشِرْكة المؤسساتية التي تقتضي إشراك جميع المعنيين وفي طليعتهم المصارف، في صوغ الحلول . فلا يمكن إنتاج مسارات مستدامة للتعافي، إذا كانت الأسس التي تُبنى عليها، تتجاهل قرارات المجلس الدستوري ومجلس شورى الدولة، أو تُقصي الركن الأساسي في الدورة الاقتصادية".

وكتب: "اعترفت السلطتان النقدية والمالية، بأنّ ما يعيشه لبنان هو أزمة نظامية، أي أزمة تصيب بنية الدولة ونظامها المالي. غير أنّ المفارقة الصارخة اليوم هي في حذف عبارة "أزمة نظامية" من مشاريع القوانين الأخيرة، من دون أي مبرّر أو تفسير منطقي، وكأنّ حذف الكلمة كفيل بإخفاء حقيقة الواقع الذي يشهد عليه الجميع.

وتعتبر مصادر مصرفية ان القطاع المصرفي يعاني منذ بدء الازمة في العام 2019 ، وقد خاض معارك عديدة لابعاد نقمة المودعين ضده ، والخسائر التي يريدون تحميلها لهذا القطاع، بعد ان نفضت الدولة يديها عن مسؤوليتها في هذا الانهيار المصرفي. ولعل ابرز المحطات التي واجهها القطاع مسألة الازمة النظامية، والتأكيد على العلاقة التجارية التي تربط المصارف بمصرف لبنان، بما يترتب على ذلك من حقوق والتزامات. وبالتالي، المطالبة باسترداد كامل ودائع المصارف لدى المصرف المركزي، وقرار مجلس شورى الدولة الصادر في شباط 2024 ، والذي نص على عدم المساس بحقوق المودعين، وغيرها من الامور وخصوصا في ما يتعلق بصندوق النقد الدولي، الذي كان يطالب بتصفير الودائع والبدء وكأن شيئا لم يكن.

اضافت المصادر صحيح ان القطاع المصرفي يدرك مخاطر الازمة التي يتعرض لها البلد، وصحيح انه يعيش الهاجس المستقبلي وضبابيته، لكنه في الوقت نفسه يدرك انه لا يمكن لبلد ان ينهض ويقوم دون القطاع المصرفي ، ولا يمكن لاي خطة ان تطلق دون ان يشارك ويعترف بها، ولا يمكن للتطور ان يظهر ما لم تكن جمعية المصارف مشاركة به، وقد وعد وزير المالية بذلك، وباشر اجراء اتصالاته بالجمعية ، قبل تقديم مشروع قانون الفجوة المالية الى المجلس النيابي، رغم التباين الحاصل بينهما.

وتنهي هذه المصادر بالتأكيد ان كل شيء مؤجل حتى معالجة الفجوة المصرفيةُ.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد