أمل سيف الدين (صحيفة الديار)
في عالم التجميل الذي لا يهدأ، تبرز بين الحين والآخر صيحات تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، فتتحوّل من إجراء طبي تجميلي محدود الانتشار، إلى "ترند" يلهث وراءه كثيرون. خلال الأشهر الماضية، خطفت إبرة "السلمون" (PDRN) الأضواء، بعدما انتشرت صور المؤثرات وهنّ يستعرضن "الفارق السحري" الذي تصنعه هذه الإبرة في بشرتهم. لكن خلف الوميض والوعود السريعة، تكمن أسئلة كثيرة حول حقيقة هذه التقنية، فعاليتها، مخاطرها، ومن يستفيد منها فعلا.
أختصاصية التجميل فاطمة الموسوي تشرح لـ "الديار" ماهية هذه الإبرة، وتروي من خبرتها ما تراه على وجوه السيدات قبل وبعد العلاج. وبين الرأي العلمي والخبرة اليومية، تتضح صورة أوضح لهذا العلاج، الذي بات مادة حديث كل جلسة نسائية.
ما هي إبرة "السلمون"؟ وما الذي تفعله في البشرة؟
تبدأ الموسوي حديثها بشرح بسيط وواضح: "إبرة السلمون، أو ما يُعرف طبيا باسم PDRN، تعتمد على مادة مستخلصة من حمض نووي لأسماك السلمون. وهذه المادة تعمل على تجديد الخلايا الجلدية، وتنشيط إنتاج الكولاجين بشكل طبيعي، وهو ما يجعل البشرة أكثر نعومة ورطوبة وحيوية".
وتوضح "أن فعالية هذه الإبرة تأتي من عملها "من الداخل"، إذ تساعد النسيج الجلدي نفسه على التجدد، فتبدو البشرة أكثر ليونة وملمسا ناعما وتحسّن مظهرها بصورة تدريجية وغير مفتعلة، بخلاف "الفيلر" الذي يملأ التجاعيد مباشرة، أو "الميزوثيرابي" الذي يقدّم غالبا ترطيبا سطحيا فقط".
من يستفيد منها… ومن يجب أن يبتعد عنها؟
وتشرح "أن الإبرة مناسبة للأشخاص الذين يعانون من إرهاق البشرة وفقدان النضارة، أو أولئك الذين تظهر لديهم علامات التقدّم في العمر، أو أصحاب البشرة الجافة والمتعبة، كما يستفيد منها من يعانون من المسام الواسعة أو التصبغات التي تحتاج إلى علاج مكمّل".
وفي المقابل، تؤكد "أن هناك فئات عليها تجنّب هذه الإبرة تماما، مثل الحوامل والمرضعات، أو أصحاب البشرة الملتهبة والمجروحة، أو من لديهم بشرة شديدة الحساسية، أو أي شخص يعاني من حساسية تجاه السمك". وتشير إلى "أن كثيرا من التجارب الفاشلة التي تصل إليها لاحقا، تكون ببساطة نتيجة تجاهل هذه التحذيرات".
نتيجة من الجلسة الأولى… ولكن!
وتقول "إن معظم السيدات يلاحظن الفرق منذ الجلسة الأولى، لكن الحصول على أفضل نتيجة، يتطلب متابعة منتظمة قد تصل إلى أربع جلسات وفق حالة كل بشرة". وتشير إلى "أن الانتظام يجعل البشرة تحافظ على رطوبتها ونعومتها، كما يمنحها "غذاءً داخليًا" يخفف الحاجة إلى الكريمات المتعددة والسيرومات، التي غالبا ما تحتاج إلى أشهر لتظهر نتائجها".
فوائد متعددة… ونتائج تُغني عن المكياج
وتؤكد "أنّ هذه الإبرة تمنح نتيجة سريعة قد تعادل أشهرا من استخدام المستحضرات التقليدية، وتساعد على توحيد لون البشرة، وجعلها أكثر ترطيبا وتغذية من العمق. كما تمنح نضارة طبيعية ولمعانا واضحا، من دون الحاجة إلى وضع "الكونسيلر" أو "الفاونديشن"، وتخفف مظهر الشوائب والتصبغات، شرط أن تكون المادة المستخدمة أصلية، وأن تُحقن في مركز موثوق، إذ إن أي منتج مغشوش، قد يؤدي إلى تهيّج أو حساسية أو مضاعفات أخرى".
وهل هي آمنة؟
تختصر الموسوي هذا الجدل بالقول "إنها آمنة، ولكن ليس للجميع". فهي لا تنصح باستخدامها لدى الحوامل والمرضعات إلا بعد استشارة طبيب مختص، كما لا تُعطى لمن يعانون من الحساسية. وترى "أن أغلب الآثار الجانبية التي تُسجَّل، ناتجة غالبا عن سوء الاختيار، سواء لناحية مكان تنفيذ الإبرة أو نوع المادة".
وتشدد على "أن انتشار هذه الإبرة ليس مجرّد "ترند"، بل تقنية مثبتة بنتائجها العلمية والعملية، وتعتبر أن البدء باستخدامها ابتداءً من سن 21 سنة، يمكن أن يساعد في تأخير ظهور المشكلات الجلدية".
الرأي الطبي العلمي... بين الحذر والإنتظار
أما الدكتورة ليندا عواد، وهي دكتورة جلدية، فقالت لـ"الديار" إن "نتائج الإبرة غير مضمونة، لأنه لا توجد دراسات حتى الآن تؤكد فعاليتها من عدمها، بل إن الموضوع انتشر كترند، وبدأ الجميع يقوم بحقنها".
وتشرح "أنّ الإبرة تحتوي على DNA السمك، الذي يساهم بالترطيب وتجديد الخلايا، لكن بالمبدأ يمكننا استخدام علاجات أخرى، تعطينا النتيجة نفسها من دون أن نخاطر ببشرتنا".
وأضافت أنه "من حيث المبدأ لا يوجد أي إشكالية طبية فورية في أخذ الإبرة، ولكن نتيجتها وفعاليتها تختلف من شخص لآخر، ولأنه لا توجد دراسات ثابتة، فقد تظهر لاحقا دراسات تؤكد أنها مؤذية".
وتقول إنها "لا تعطي هذا النوع من الإبر في عيادتها، التزاما بالمعايير العلمية، وبانتظار أبحاث موثوقة تحسم الجدل".
بين التجارب… نجاح لافت وفشل سببه المكان
لأن فعالية أي علاج تجميلي ترتبط غالبا بتجارب السيدات اللواتي يخضن التجربة، جمعت "الديار" شهادتين متناقضتين تلخّصان الفارق بين استخدام التقنية بالطريقة الصحيحة، وبين الوقوع ضحية التسرّع.
كانت ليلى (34 عاماً) تعاني من بشرة باهتة ومسامات واسعة، وجرّبت أنواعا كثيرة من الكريمات دون جدوى. قررت تجربة إبرة "السلمون" بناءً على نصيحة صديقة، وتقول إنها تفاجأت بالفرق بعد الجلسة الأولى، إذ تغيّر ملمس بشرتها وأصبحت أكثر إشراقا، ولاحظت زميلاتها أنها لم تعد تستخدم الفاونديشن كما كانت تفعل دائما. وتشير إلى أن لون بشرتها أصبح أكثر توحيدا ونضارة، وأنها تابعت أربع جلسات، وهي تعتمد اليوم على جلسة شهرية للحفاظ على النتيجة لأنها "وفّرت عليها الكثير من المستحضرات اليومية".
أما منال 27 عاماً، فكان حماسها للإبرة سببا في معاناة لاحقة. فبعد أن شاهدت عشرات الفيديوهات الترويجية، لجأت إلى مركز غير مرخّص يقدم الإبرة بسعر منخفض جدا. وبعد يومين من الحقن، بدأت تشعر بحرقة واحمرار شديدين. وعند زيارة طبيب جلدية، تبيّن أن المادة التي استُخدمت ليست أصلية، وأن بشرتها الحساسة تفاعلت معها بقوة. وتقول إنها أدركت متأخرة أن التوفير في السعر كلّفها مشكلة أكبر، مؤكدة أن الخطأ كان في المكان وليس في التقنية نفسها، وأن التجربة كانت ستكون مختلفة تماما لو أنها اختارت مركزا موثوقا.
إبرة "السلمون" قد تكون علاجا فعّالا ومفيدا، بشرط استخدامها بالشكل الصحيح وفي المكان المناسب. فنجاحها يعتمد على جودة المادة الأصلية، وخبرة المركز التجميلي، والتأكد من أن السيدة لا تنتمي إلى الفئات التي لا يسمح لها بهذا العلاج.
وبين التجارب الناجحة والمخاطر المحتملة، يبقى الوعي هو السبيل الأهم لضمان الحصول على بشرة أفضل... من دون أثمان غير محسوبة.