وسط ما خلّفته حرب "إسرائيل" على لبنان من دمار، وما تشنه من غارات يومية، يشهد البلد العربي مشروعا فنيا يحمل رسالة أمل. إذ يعرض عشرات الطلاب اللبنانيين أكثر من 400 لوحة، حوّلوا فيها مشاهد دمار وقصف إلى أعمال فنية تعكس الحياة والطفولة والرجاء.
عُرض اللوحات في معرض «لبنان بالألوان» الذي بدأ في 15 الشهر الجاري ويستمر حتى 27 من هذا الشهر في «خان الإفرنج» التاريخي بمدينة صيدا جنوبي لبنان.
يشارك في المعرض 85 طالبا وطالبة من «محترف الفنانة التشكيلية نيفين جمعة» تراوح أعمارهم بين 3 سنوات و20 عاما، وجاء ضمن مشروع بصري سمعي تشرف عليه نيفين. ويهدف المعرض، حسب القائمين عليه، إلى تأكيد قدرة الفن على إعادة صياغة الذاكرة الجماعية، وتحويل لحظات الألم إلى مساحات للتعبير والأمل وتجديد الإحساس بالانتماء.
الفنانة التشكيلية نيفين جمعة، التي اضطرت لمغادرة لبنان خلال العدوان الإسرائيلي بحثا عن الأمان لها ولابنتها، قالت إن «فكرة المشروع وُلدت من مشهد مؤلم لقصف استهدف (العاصمة) بيروت». وأضافت: «أخذت صورة للقصف ورسمت عليها ملاكا صغيرا نائما بسلام».
تابعت: «من هنا بدأت الفكرة: تحويل صور الحرب والدمار إلى لوحات جميلة تحكي ذكريات قديمة وأملا بغدٍ جديد».و»المشروع يهدف إلى خلق تجربة فنية غامرة، من خلال دمج المشاهد البصرية بالتسجيلات الصوتية، ليعيش الزائر إحساس الرسائل التي يريدها الطلاب أن تصل»، بحسب نيفين. وأكدت أن «من حق الأطفال أن يعيشوا طفولة جميلة في لبنان، ويحلموا بمستقبل أفضل في وطنهم».
يعاني الأطفال، كما بقية اللبنانيين، تداعيات عدوان شنته "إسرائيل" على بلدهم في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتحول في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى حرب شاملة قتلت خلالها أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت نحو 17 ألفا.
الطفلة قمر أرناؤوط (6 أعوام) قالت: «رسمت بيروت كما بدت تحت الدمار، ثم حوّلتها إلى ألوان مشرقة». وأضافت أن «البيئة تؤثر على الإنسان، ولذلك أردت أن أجعلها جميلة». فيما رسمت ساشا صعب (7 أعوام) قصة فتاة من بلدة الخيام كانت تعشق العزف على البيانو، لكن آلتها تحطّمت خلال الحرب.
هذه اللوحة مستمدة من صورة انتشرت خلال الحرب لجنود إسرائيليين منتشرين حول بيانو في منزل مهدم ببلدة الخيام الحدودية جنوبي لبنان. وقالت ساشا: «أحببت الفن والموسيقى، وتأثرت بالصورة، فرسمتها بالطريقة التي أودّ أن أراها.. فتاة تعزف البيانو في بيت جميل».
أما رين حجاج (11 عاما) فرسمت لوحة تجسّد أحد عناصر الدفاع المدني حاملا علم لبنان، وإلى جانبه أطفال يركضون بالبالونات رمزا للفرح. وقالت إن رسالتها هي أنه «رغم كل المآسي لبنان سيظل ينبع منه أمل والإنسانية والحب».
لارا أزوات، والدة إحدى المشاركات، عبَّرت عن سعادتها بعرض أعمال الأطفال. وقالت: «توجد أكثر من 400 لوحة رُسمت كلها بالألوان.. كل شيء كان حلوا والأولاد كانوا مبسوطين كثيرا». وأضافت أن «كل طفل شعر أنه فنان صغير، لأن كثيرا من الزوار شاهدوا لوحاتهم وأُعجبوا بها».
منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يكثف جيش الاحتلال الإسرائيلي هجماته على لبنان، مع تسريبات إعلامية عن خطط لشن عدوان جديد.
يوميا، تخرق "إسرائيل" اتفاق وقف إطلاق النار مع «حزب الله» منذ بدء سريانه في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ما خلّف مئات الشهداء والجرحى.