اوراق خاصة

اتحاد الكتَّاب اللبنانيين يكرّم البروفيسور "علي زيتون" في انطلاقته الأولى لتكريم قامات ثقافية وأدبية

post-img

تغطية خاصة/ موقع أوراق

وفاءً لعقودٍ من العمل الثقافي والأكاديمي، أقام اتحاد الكتَّاب اللبنانيين احتفالًا تكريميَّا  للأديب والأستاذ الجامعي البروفيسور علي زيتون، بحضور رجال دين وقامات ثقافية وجامعية وشخصيات أكاديمية وعلميّة واجتماعية وحشد كبير من أصدقاء وطلاب الدكتور زيتون ومن الملتقى الثقافي الجامعي الذي ساعد في تنظيم اللقاء واستضافته، وذلك نهار الأحد 23 تشرين الثاني في قاعة حسينية بلدته حوش الرافقة.

بعد النشيد الوطني اللبناني، أدارت الاحتفال عضو الهيئة العامة في الاتحاد الدكتورة فريال الحاج دياب، ثم قصيدة للشاعر فؤاد طالب، فشهادات في المكرَّم لكل من: الدكتور الياس الهاشم، الدكتور رفيق أبو غوش، المفتش التربوي  الأديب والشاعر سلمان زين الدين، الدكتور عبد المجيد زراقط، الشاعر عمر شبلي، الدكتور كميل حمادة، العميد الدكتور محمد توفيق أبو علي، الدكتور ميشال كعدي.

الكلمة الأولى كانت للناقد والأديب سلمان زين الدين، والذي تحدّث عن الصداقة التي جمعته بالمحتفى به، ليتابع مؤكدًا أن زيتون يعد من أهم النقاد في العالم العربي، وومن الذين بحثوا عميقًا في التراث العربي والإسلامي، في جانبه الأدبي والحضاري والديني، ليستقي منه رؤاه الفكرية والثقافية، التزامًا وعملًا وسلوكًا وسيرة، كتبها بعمره وسنين حياته وقلمه وكتبه.

هذا الإرث الأدبي – الثقافي أكمل الناقد الكبير الدكتور عبد المجيد زراقط الحديث؛ متحدثًا عن تجربة البروفسيور زيتون في إنتاج نظرية نقدية عربية جديدة، في ثلاث مراحل : المرحلة التراثية، مرحلة الحداثة وما بعدها، مرحلة إنتاجه مشروعه الخاص في النقد الأدبي في ما أسماه المنهج الثقافي في النقد الأدبي ونظرية الكشف. انتقل بعدها زراقط للحديث عن ميزات هذا المشروع النقدي بأنه يستمدّ أصوله من المرجعيتين: التراثية النقدية العربية والمرجعية النقدية الحداثية الغربية، ففي حين كانت مناهج الحداثة الغربية، مثل البنيوية وما تفرع عنها من مناهج الأسلوبية والسردية والسيمائية ترى النص كائنًا مستقلًا؛ فإن المنهج الثقافي عند البروفسيور زيتون يستثمرها بكشف العمق الحياتي، سشمل النسق الثقافي المضمر والعلاقات الثقافية النصية والسياقية، فيكون بذلك نهجًا ثقافيًا شاملًا.

صديقه الشاعر والكاتب عمر شبلي، تحدث عن إنتاج المحتفى به، والذي يضيف للعبقرية إنجازات تفد إلينا من عقله المأمور بالسير على دروب روحه الغنية بالعطاء والساكنة في جسد عابر، وأهم ما في عبقرية الدكتور زيتوت أنه أنتج آخرين، وسيرث فكره آخرون ما دام هناك فكر يبحث عن ضوء إزاحة الظلام من تجربتنا الحضارية. ولا بدّ من التأكيد أنه نذر نفسه ليكون مثقفًا من الطراز الأول. ولذلك تحول إلى حال معرفية يصعب نجاوزها في نتاجنا الثقافي الإبداعي على مستوى لبنان والوطن العربي.

رفيق دربه العميد السابق البروفسيور الدكتور محمد ابو علي ألقى كلمة مقتضبة مفعمة بالصدق والموضوعية، عن تكامل شخصّية المكرّم بين العطاء والإبداع والحب، وعن علي زيتون الاكاديميّ المنهجيّ، وتصنيف الفرق النّاهلة من معينه: فرقة نهلت واعترفت، وفرقة نهلت ولم تعلن ذلك، وفرقة نهلت وجحدت؛ والمعطي لم يطلب الشّكر والامتنان وصبر على الجحود، وعن علي زيتون المبدع في نقده وشعره.

الدكتور رفيق أبو غوش، عبّر في كلمته عن صعوبة الحديث عن شخصية مثل الناقد الكبير الدكتور علي زيتون، وإذ تجلس إليه فتهبط سهلًا وتنزل مرجًا، وتكنز قارة من متع ومواسم، ويفتنك هذا الاخضرار الفكري والحصاد الأدبي وتنخطف معه إلى ما وراء الوجود حيث ملكات الكلم عذراوات النور وخيول الكتابة وفرسان الكتابة وطيور الحقيقة في رحلة السيمورغ الشاقة. إنه الشاهد على عبور أجيال مرّت ببستانة وارتوت فكرًا وأدبًا ونبلًا. وإذا ما كان له من فضل؛ فعلى كثير من الطلاب والمريدين – وأنا منهم- في الأخذ بيديهم إلى مراقي العز والعلم وعلوّ الدرجات. ونحن في يوم تكريمه نشعر أننا نحن المكرمين، وهو حارس سقظتنا وأحلامنا ومستقبلنا ومطلق سواقينا إلى المحيط الكبير.

كانت بعد ذلك كلمة للدكتور الباحث المخضرم ميشال كعدي، والذي تحدث عن نبوغ دكتور زيتون في النقد  الرصين، ونتاجه العلمي، لاسيما نظرية الكشف والمنهج الثقافي الذي يعدّ بحق منارة جديدة أمام ظلامة المناهج الغربية النقدية، وخصوصًا منهجية فلسفة ما بعد الحداثة.

في الختام كانت كلمة لرئيس الاتحاد الدكتور أحمد نزّال هنَّأ فيها المكرَّم على مسيرته العلمية والأكاديمية؛ أعلن إطلاق فعاليات تكريم العميد الدكتور محمد توفيق أبو علي، ودعا أصدقاءه وطلابه ومحبيه إلى كتابة شهادات أو مقالات أو أبحاث عن أحد مؤلَّفاته، فاتحًا المجال حتى 31 آذار 2026. وممّا قاله : " نتحلَّق، اليوم، حول أ. د. علي زيتون، قامةً سامقةً، أديبًا وناقدًا، وفاعلًا ثقافيَّا، خبرتْهُ أجيالٌ وأجيالٌ، ليس فقط في البقاع، بل في لبنان كلِّه، وفي الوطن العربي. بدأ أ. د. علي زيتون رحلته المعرفية بالعودة إلى الجذور، فامتلك معرفةً واسعةً وعميقةً بالتراث الأدبي والنقدي والفكري العربي. وفي الوقت نفسه، كان ينهل من المعرفة الأدبية والنقدية والفكرية الغربية، بدءًا بالتراث اليوناني القديم، وصولًا إلى ما بعد الحداثة، مرورًا بالحداثة وإنجازاتها، كما كان يواكب مسار الحياة الثقافية العربية، ويسهم في تحقيق إنجازات على قدر كبير من الأهمية، على مختلف المستويات: تحصيل المعرفة وتقديمها لطلابه، التعريف بالإنجازات ونقدها وتقويمها، المشاركة في الندوات والمؤتمرات، في لبنان والوطن العربي، وتأسيس المنتدى الثقافي الجامعي، وأثمر هذا الجهد الاستثنائي مؤلفات مهمة، وطلابًا غدوا أساتذة في الجامعات والثانويات، وكأستاذهم صانعي ثقافة وطنية وقومية، مقاومة لكل ما يعوق سعي الإنسان إلى تحقيق ذاته، وعيش حياة كريمة تليق بـ "خليفة" الله، سبحانه وتعالى، في أرضه.

هذه الاحتفاليةُ التي وسمناها بالاحتفال التكريمي للدكتور علي زيتون، هي وردةُ إكبارٍ، وتقديرٌ لأحدِ آباءِ النهضة العلميَّة في البقاع الأشم. هو القامةُ الموسوعية، والذي من خلاله ندخل إلى عشرات الأساتذة والنقاد والشعراء والكتَّاب. إننا اليوم إذ نكرِّم الدكتور علي زيتون، فنحن نكرِّم العلم والعلماء، ومرحلةً زاهيةً من تاريخ الوطن، عندما يُقام إنماءٌ ثقافيٌّ في المناطق، وخصوصًا تلك التي تصدِّر الأدب والشعر إلى كل العالم.

الأستاذ الدكتور علي زيتون: الإنسان المتواضع، والأكاديمي المتميّز، العربي اللبناني الأصيل، والبقاعي بامتياز، نعم بامتياز، لأنه اندمج كفنان بلوحة هذا السهل وتنوِّع ألوانه، وغنى مناظره، ودفْق الخير من أرضه، فكان مثل هذا السهل برحابته وغناه وعطائه وجماله...إن اتحاد الكتَّاب اللبنانيين، معنيٌّ بتكريم الروَّاد والأوائل، ولصيقٌ بكل نجاحٍ ثقافيٍّ، يعمِّمُ فكرة الاجتماع على مبادئ أساسيَّةٍ، وهي المواطنيَّة وحرية التعبير والحوار البنَّاء، الذي يجمعنا على كلمةٍ سواء، من دون تباغض أو فئوية، باستثمار ممتلكات الدولة ورصيدها الإنساني، الذي نباهي به العالم، بعيدًا عن المسارات الملتوية، بشفافيةٍ ومسؤوليةٍ قبل فوات الأوان.

اجتماعنا اليوم، مع كوكبةٍ من الباحثين الذي زيَّنوا صفحات الكتاب، بقلوبهم قبل أقلامهم، هو اجتماع الخير والبركة، فشكرًا كبيرًا لكل من كتب وساعد في إنجاز هذا العمل الكبير.

ختم الاحتفال بكلمة المكرَّم الدكتور علي زيتون، الذي تسلّم من الدكتور نزّال وساما تكريميَّا باسم اتحاد الكتاب اللبنانيين.

جرى خلال الاحتفال توزيع كتابَي: "علي زيتون في مرايا الإبداع" وهو أبحاث وشهاداتُ بأقلام أصدقائه وطلابه ومحبيه، صادر عن الاتحاد، و"السرد وتشكّل العالم" للدكتور زيتون الصادر عن دار كاف. كما جرى توزيع كتاب د. انسية خزعلي الخاص برواية المرأة وكذلك كتاب د. جميلة الموسوي المتعلق بنقد النقد.

كما قدم الشعراء فؤاد طالب وكميل حمادة والياس الهاشم قصائدهم في مدح الدكتور علي زيتون، والذي كان أستاذهم الجامعي، حين رعى موهبتهم مشجعًا ومفتخرًا بهم.

اختتم الاحتفال بالتقاط الصور التذكارية، وإقامة حفل كوكتيل على شرف المحتفى به.

 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد