أوراق إعلامية

ميزة "إكس" الجديدة لتحديد موقع الحساب تفجّر جدلًا عالميًا

post-img

تسبّبت منصة إكس المملوكة للملياردير إيلون ماسك بجدلٍ واسع في الأيام القليلة الماضية، بعد إطلاقها ميزة تتيح معرفة البلد أو المنطقة الأصلية لحسابات المستخدمين، فاتحةً الباب أمام موجة بحث وتقصٍّ طاولت العديد من الحسابات السياسية.

أطلق رئيس قسم المنتجات في "إكس"، نيكيتا بير، نهاية الأسبوع الماضي، هذه الميزة بغية تعزيز الشفافية على منصة يرى خبراء التكنولوجيا أنها مليئة بالمعلومات المضللة. وكتب بير عبر حسابه: "هذه خطوة أولى مهمة لضمان سلامة الساحة العالمية".

سرعان ما امتلأت المنصة بمنشورات تكشف أن عشرات الحسابات اليمينية على الإنترنت، ومنها حسابات مؤيدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، كانت مواقعها الجغرافية تشير إلى وجودها في نيجيريا أو بنغلادش أو الهند.

نشر ترامب على منصة تروث سوشيال، الاثنين، صورة لمنشور من حساب يدعى "ترامب آرمي"، ويملك أكثر من نصف مليون متابع على "إكس"، يحتفل بقرار المحكمة العليا الذي ينص على أنه سيسمح للرئيس بترحيل المجرمين إلى السلفادور. لكن الميزة الجديدة كشفت أن هذا الحساب موجود في الهند، بحسب "بي بي سي"، وسبق له أن غيّر اسم المستخدم أربع مرات، آخرها في يوليو/ تموز 2022.

كذلك، تبيّن أن حسابًا آخر يحمل اسم "إيفانكا نيوز"، وهو مخصّص لمعجبي ابنة الرئيس الأميركي ويملك أكثر من مليون متابع، موجود في نيجيريا، وقد غيّر اسم المستخدم الخاص به 11 مرة منذ عام 2010. مع العلم أنه كان ينشر بانتظام محتوى مؤيدًا لترامب ومعاديًا للإسلام والهجرة. وبعد الكشف عن موقعه، قال صاحب الحساب: "بعضنا ممن يعيشون خارج الولايات المتحدة يدعمون بصدق حركة الرئيس ترامب"، قبل أن توقف "إكس" حسابه، لسبب غير واضح حتى الآن.

في الوقت نفسه، وجدت "بي بي سي" أمثلة على حسابات تشارك بشكل دائم منشورات مناهضة لترامب، لكن أصحابها موجودون خارج الولايات المتحدة. أحد هذه الحسابات كان يقدم نفسه على أنّه "ديمقراطي فخور"، و"صيّاد محبي ترامب"، لكنه حذف حسابه بعد الكشف عن أنه يقيم في كينيا.

هل الميزة الجديدة دقيقة؟

تعرض هذه الميزة الدولة أو المنطقة التي يعتقد أن الحساب أنشئ فيها، بناءً على إشارات تقنية مثل عناوين الأي بي ومتجر التطبيقات المستخدم، وبيانات أخرى داخلية. لكن بعد إطلاقها ظهرت العديد من الأخطاء في تحديد مواقع الحسابات. وقال بير، الأحد، إن "هناك بعض الجوانب غير المكتملة، وستُعالَج بحلول الثلاثاء"، وعاد وأكّد في تدوينة أخرى أن "تحديثًا جديدًا سيضمن دقة تصل إلى 99.99% تقريبًا".

وجد المستخدمون أن بعض الحسابات صنّفت على أنها موجودة في دول مختلفة لأن أصحابها يستخدمون خدمات في بي إن أو بروكسي، أو حتى بسبب سفر المستخدم لوقتٍ قصير، وأقرّت "إكس" بوجود هذه المشاكل وأعلنت أنها تعمل على إصلاحها.

تحقيق الأرباح

بالنسبة إلى الباحثين، توجد دوافع متضاربة خلف لجوء حسابات لا يعيش أصحابها في الولايات المتحدة للانخراط في حملات دعائية سياسية حول ترامب والصراع بين الليبراليين والمحافظين. وإلى جانب الحملات المنظمة التي قد تقف خلفها دولٌ أو جهات استخبارية معيّنة، فإن المحفّز الأساسي للأفراد، تحقيق أرباح مالية. وبحسب "بي بي سي"، فإن معظم الحسابات تحمل علامات زرقاء، أيّ إنها مؤهلة لتحقّق أرباحًا مالية من منشوراتها بناءً على معدل التفاعل معها.

قالت الأستاذة في معهد جورجيا للتكنولوجيا، إيمي بروكمان، لوكالة فرانس برس، إن الميزة الجديدة "تُبرز مشكلة أساسية في وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، إذ إن الجهات مدفوعة الأجر تثير عمدًا قضايا مثيرة للجدل لجذب الانتباه". وأضافت: "إنه وضع صعب، وأعتقد أننا بحاجة إلى منصات موثوقة تمنع السلوكيات السيئة".

مخاوف حول الخصوصية

انتقد بعض المستخدمين إطلاق الميزة، محذرين من أنها قد تكشف عن مواقع المعارضين والمتظاهرين في الدول الاستبدادية. لكن بير أوضح أنه بالنسبة إلى المستخدمين في البلدان التي "تعاقب على حرية التعبير" توفّر الميزة خيارات خصوصية تكشف الموقع على مستوى المنطقة الجغرافية فقط، مثل "أوروبا الشرقية" أو "شمال أفريقيا" أو "غرب آسيا".

فوضى على "إكس"

بعد وقتٍ قصير على إطلاق الميزة لمستخدمي "إكس"، انتشرت على المنصة العديد من الصور المعدّلة بهدف إظهار أن أصحاب حسابات معيّنة يكذبون حول أماكن وجودهم.

على سبيل المثال، نشر أحد المستخدمين صورة معدلة تظهر أن حساب وزارة الأمن الداخلي الأميركي موجود خارج الولايات المتحدة، وهو ما دفع بير إلى التدخل ونفي الموضوع بالقول: "منذ إنشاء الحساب أظهرت وزارة الأمن الداخلي عناوين أي بي من داخل الولايات المتحدة فقط". كذلك ردّت الوزارة نفسها لاحقًا بالقول: "لا نصدق أننا مضطرون إلى قول هذا، لكن هذا الحساب كان دائمًا يُدار ويُشغَّل من داخل الولايات المتحدة فقط. من السهل تزوير لقطات الشاشة، ومن السهل التلاعب بالفيديوهات. شكرًا لكم على اهتمامكم بهذا الأمر".

مزاعم إسرائيلية كاذبة

في حادثة أخرى، اتهمت وزارة الخارجية الإسرائيلية الصحافي الفلسطيني معتصم دلول بأنه ينشر تقاريره من بولندا بدلًا من قطاع غزة، وزعمت أن نحو 200 ألف متابع "يتعرضون للكذب من قبل صحافي مزيف يدعي أنه في غزة، لكن ميزة إكس الجديدة كشفت أن موقعه الحقيقي في بولندا"، لتخلص إلى أنّ "التغطية من غزة مزيّفة وغير موثوقة".

هذه الاتهامات، دفعت دلول إلى نفيها علنًا من خلال فيديو من داخل غزة، وكتب: "لمن يدّعي أنني في بولندا وأنشر من هناك، أود فقط أن أقول لكم: إذا تعرفتم على مبانٍ كهذه في بولندا، فأرجو إخباري. إذا رأيتم خيامًا ومخيمات كهذه، فأخبروني إن كان هناك أي شيء مماثل في بولندا".

فيما تجاهلت الوزارة الإسرائيلية ردّ دلول، نبّه العديد من المستخدمين إلى أن الميزة الجديدة من "إكس" بيّنت أن العديد من الحسابات الداعمة لإسرائيل على المنصة تعود في الحقيقة إلى الهند. وهو ما يؤكد ما جاء في تقارير صحافية متعددة، من بينها تحقيق استقصائي نُشر في "ذا نيو آراب" عام 2023، حول تحوّل شبكات اليمين القومي الهندوسية في الهند إلى المروّج الأساسي للدعاية والمعلومات المضللة الإسرائيلية.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد