الأخبار
ببساطة، سلّمت الدالولة اللبنانية بيانات القطاع العام لشركة "Oracle" العالمية، التي لها تاريخ طويل من التعاون الوثيق مع الكيان "الإسرائيلي" في مجالات عسكرية وأمنية. هذه الخطوة تفتح الباب أمام إدارة معلومات حسّاسة عبر شركة تربطها علاقات إستراتيجية مع "إسرائيل"، ما يثير تساؤلات حول الأمن السيبراني والسيادة الرقمية للبنان في ظلّ هذا التعاون.
فقد وقّع وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كمال شحادة، بحضور السفير الأميركي ميشال عيسى، مذكّرة تفاهم إستراتيجية مع شركة "Oracle" العالمية، مُمثّلة بنائب الرئيس لتطبيقات القطاع العام سيمون الخالد. تهدف المذكّرة إلى تدريب وتأهيل 50 ألف موظف لبناني في القطاع العام خلال السنوات الخمس المقبلة، في مجالات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة، بهبة مجانية من الشركة، وبالتعاون مع الجامعة اللبنانية والجامعات الأميركية واللبنانية الأميركية والقدّيس يوسف، إلى جانب شركاء من القطاع الخاص. ويركّز التعاون على دعم التحوّل الرقمي في القطاع العام من خلال بناء القدرات اللازمة لتطبيق أنظمة تخطيط موارد الحكومة (GRP)، وتحويل لبنان من مستهلك للتكنولوجيا إلى مركز إقليمي للابتكار الرقمي، عبر تأسيس بنية تحتية بشرية وتقنية متقدّمة تدعم اقتصاد الذكاء الاصطناعي.
وتُعدّ شركة "Oracle" واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، حيث تأسّست عام 1977 في الولايات المتحدة على أيدي لاري إليسون وبوب ماينر وإد أوتس. اشتهرت بتطوير قواعد البيانات الأكثر استخدامًا عالميًا، إضافة إلى أنظمة المؤسسات (ERP - HCM - SCM) وخدمات الحوسبة السحابية (OCI) وأنظمة الذكاء الاصطناعي. وتُعتبر "Oracle" مورِّدًا رئيسيًا للحلول الرقمية للحكومات والشركات الكبرى، بما في ذلك قطاعات حسّاسة مثل الدفاع والأمن والطاقة والبنى التحتية.
وللشركة علاقة وثيقة مع كيان الاحتلال ال"إسرائيلي"، إذ تمتلك حضورًا كبيرًا منذ سنوات واستثمارات ضخمة في البنية التحتية السحابية، أبرزها إنشاء مركز سحابي تحت الأرض في القدس، وهو أول منطقة "Cloud Region" للشركة في الشرق الأوسط، صُمّم كـ"ملجأ" مُحصّن تحت الأرض لاستضافة بيانات حساسة للأجهزة الأمنية ومواجهة التهديدات الأمنية. وأعلنت الشركة العام الماضي عن نيتها إنشاء مركز بيانات ثانٍ تحت الأرض على عمق تسعة طوابق، في خطوة تؤكد اعتبار "إسرائيل" بمثابة "مختبر دولي" لتطوير خدمات السحابة المُخصّصة للجيوش والحكومات.
كما دخلت "Oracle" في سلسلة طويلة من العقود العسكرية والأمنية مع جيش الاحتلال ووزارة الأمن، بلغت قيمتها أكثر من خمسين مليون دولار.
وفي عام 2012، زوّدت الشركة سلاح الجو "الإسرائيلي" بأنظمة عالية الأداء لتحليل البيانات العملياتية الحساسة. وفي عام 2013 أطلقت نظامًا جديدًا لإدارة المال واللوجستيات لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، وهو نظام سحابي يتيح التحكّم بالموازنات والعمليات اللوجستية داخل الجهاز الاستخباراتي. وفي عام 2015، جرى تجديد شامل لاتفاقيات التراخيص والصيانة مع جيش الاحتلال، مع تقديم الدعم الإستراتيجي للأجهزة الأمنية المختلفة، إضافة إلى أعمال واسعة للشركة مع المستوطنات "الإسرائيلية" في الضفّة الغربية.
وبين عامي 2023 و2024، تبرّعت "Oracle" بأكثر من سبعة أطنان من المعدّات اللوجستية للوحدات العسكرية "الإسرائيلية" التي شاركت في القتال داخل غزّة، وتشمل مناظير تلسكوبية، ومعدّات حماية، ومصابيح، وملابس ميدانية، وبحسب المصادر، تجاوزت قيمة هذه التبرّعات نصف مليون دولار. ويشكّل هذا دعمًا مباشرًا للقوات المقاتلة خارج نطاق البيع التجاري، علمًا أن المديرة التنفيذية للشركة صفرا كاتس، وهي من أصول "إسرائيلية"، لها علاقات وثيقة بالمؤسسة السياسية "الإسرائيلية".