أعلنت مراسلة شؤون التكنولوجيا في "واشنطن بوست" تايلور لورينز، يوم الثلاثاء الفائت، أنها لم تعد تعمل لصالح الصحيفة الأميركية، بعد أقل من شهرين من إطلاق الأخيرة تحقيقًا داخليًا بشأن منشور للورينز وصفت فيه الرئيس الأميركي جو بايدن بأنه "مجرم حرب"، على خلفية دعم واشنطن المتواصل لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
تايلور لورينز خبيرة في ثقافة الإنترنت، وصدر لها كتاب العام الماضي عنوانه "إكستريملي أونلاين" Extremely Online. وقالت إنها ستبدأ بإطلاق نشرة إخبارية تحت عنوان "يوزر ماغ" User Mag على منصة سبستاك.
حضرت لورينز مؤتمرًا في البيت الأبيض في أغسطس/آب الماضي، ونشرت صورة لمتابعيها على "إنستغرام" ظهر في خلفيتها الرئيس الأميركي جو بايدن، وعلقت قائلة: "مجرم حرب". وبعدما التقط أحد مراسلي صحيفة نيويورك بوست اليمينية صورة لمنشورها، كتبت: "أنتم تنخدعون بأي تعديل غبي يقوم به شخص ما". وقت لاحق أكدت الإذاعة الوطنية الأميركية (NPR)، استنادًا إلى أربعة أشخاص شاهدوا مباشرة المنشور، أنه غير معدّل. وأعلنت "واشنطن بوست" أنها ستراجع المسألة، إذ تطلب إرشادات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالصحيفة من الصحافيين عدم التعبير عن وجهات نظر انقسامية بشأن القضايا التي تغطيها، على الرغم من أنها تستثني كتاب الأعمدة من هذه القواعد.
لم تكتب لورينز للصحيفة منذ ذلك الحين. والثلاثاء، قال متحدث باسم الصحيفة لوكالة أسوشييتد برس: "نحن ممتنون للعمل الذي أنتجته تايلور لورينز في صحيفة واشنطن بوست. لقد استقالت لمتابعة مسيرتها في الصحافة المستقلة، ونتمنى لها التوفيق"، من دون التطرق إلى المنشور أو التحقيق.
لكن على الرغم من تهرب لورينز من منشورها وعدم حديثها صراحة عن العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، فإنها لم تسلم من تحريض مؤيدي الاحتلال ومنصاتهم. ففي أغسطس الماضي، خصصت "أونست ريبورتنيغ"، وهي منظمة صهيونية أسست في العام 2000 وتدعي أنها تحارب "المعلومات الكاذبة عن إسرائيل في وسائل الإعلام من خلال تسليط الضوء على التغطية المنحازة والمطالبة بالمساءلة"، مقالًا للتهجم على تايلور لورينز، وقالت إنها "صاحبة باع طويل حين يتعلق الأمر بالمنشورات المعادية لإسرائيل".
ادعت "أونست ريبورتنيغ" أن الحديث عن عدم تطرق الصحافية مباشرة للعدوان الإسرائيلي على غزة "مشكوك فيه"، واتهمتها بأنها تنشر منذ السابع من أكتوبر، على منصة إكس (تويتر سابقًا)، "مجموعة متنوعة من التصريحات المشكوك فيها عن الصراع، والتي انحرفت إلى التضليل المناهض لإسرائيل، وتبييض الإرهاب الفلسطيني، ونظريات المؤامرة". واستندت مزاعم المؤسسة الصهيونية إلى أن منشورات لورين لورينز تضمنت "وصف الصحافيين الفلسطينيين في غزة بأنهم أكثر شرعية من معظم الأشخاص على قنوات الأخبار الفضائية، على الرغم من أن عددًا كبيرًا من الصحافيين المقيمين في غزة مرتبطون بحماس والجهاد الإسلامي ومنظمات إرهابية فلسطينية محظورة أخرى"، وهذا تكرار لرواية الاحتلال الإسرائيلي الذي قتل إلى الآن أكثر من 174 صحافيًا وعاملًا في المجال الإعلامي في القطاع.
كما اتهمتها "أونست ريبورتينغ" بأنها "تبيض" الاحتجاجات المناهضة للعدوان الإسرائيلي التي شهدتها الجامعات في أنحاء الولايات المتحدة الأميركية كافة خلال الشهور الماضية. زعمت أيضًا بأن الصحافية "تسوّغ أعمال شغب معادية لإسرائيل "، وبأنها "تنشر ادعاءات زائفة حول مجاعة وشيكة في غزة"، علمًا أنه في السابع من مايو/ أيار الماضي، سيطر جيش الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح، الذي يقع في أقصى جنوب قطاع غزة ويربطه بمصر، بعد يوم من إعلان سلطات الاحتلال بدء عملية عسكرية في مدينة رفح المكتظّة بالنازحين الفلسطينيين الذين هجّرتهم آلة الحرب الإسرائيلية وحشرتهم في تلك البقعة، الأمر الذي أدّى إلى تدهور الأوضاع الإنسانية أكثر فأكثر. فالفلسطينيون في قطاع غزة يعانون، جرّاء الحرب المدمّرة والقيود الإسرائيلية التي تنتهك القوانين الدولية، من شحّ شديد في إمدادات الغذاء والدواء والمياه وغيرها. وقد وصل الأمر إلى حدّ سقوط عشرات من شهداء الجوع، ولا سيّما في شمال قطاع غزة المعزول عن سواه من المناطق.
على الرغم من عدم تطرق تايلور لورينز نفسها في إعلانها خبر مغادرتها "واشنطن بوست" إلى التحريص الإسرائيلي عليها، فإنه لا يمكن تجاهل خضوع المؤسسات الإعلامية الأميركية لضغوط مناصري الاحتلال الإسرائيلي، والقائمين على "أونست ريبورتينغ" بينهم، وذلك من ما قبل بدء العدوان الحالي على غزة حيث 41689 فلسطينيًا حتى الأربعاء، وفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي في القطاع.