بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على النزوح بسبب العدوان الإسرائيلي على الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية، وصلت مراكز الإيواء في قضاء زغرتا إلى قدرتها الاستيعابية القصوى، مستقبلةً ألفي نازح، يضاف إليهم ألف نازح في الوحدات السكنية، وفقًا لرئيس بلدية زغرتا بولس معوّض، مشيرًا إلى أنّه «جرى تأمين كل احتياجاتهم الأساسية تقريبًا، لكن يبقى هناك نقص في تأمين الحاجات الغذائية، نعمل على تغطيته بسبب أعداد النازحين الكبيرة وحاجتهم إلى الغذاء بشكل دائم ومتواصل». ويحصل النازحون اليوم على الأغطية لمواجهة البرد الذي يصل باكرًا إلى زغرتا - إهدن، لكن هذه الأغطية ستقف عاجزة عندما يحل الشتاء وتسوء أحوال الطقس في قرى وبلدات يصل ارتفاعها إلى 1500 متر، لذلك «سنختار خلال الأيام العشرة المقبلة الوسيلة الأفضل للتدفئة بين تأمين المازوت أو الغاز للمدافئ».
مع تعدّد الجهات التي تشارك في إغاثة النازحين بين جمعيات محلية مثل «جمعية الميدان» و«جمعية دنيانا»، وأخرى أهلية ومنظّمات خارجية، يثير معوّض مسألة «التحدّيات المرتبطة بسلاسل التوريد وتنظيم عملية توزيع الأنواع المختلفة من المساعدات التي تصل إلى النازحين من أكثر من جهة، من مواد غذائية وملابس وأدوات منزلية، بالإضافة إلى المعاينات الطبية، إذ إن عدم تنظيمها يؤدي إلى حصول فئات على أكثر مما تحتاج إليه وحرمان أخرى من حاجاتها». ويضيف معوّض إلى ما سبق «أزمة تصريف النفايات في ظلّ تزايد أعداد السكان في المنطقة، وبالتالي تزايد إنتاج النفايات».
يرى النازحون في زغرتا - إهدن أنهم «محظوظون» في اختيار مكان النزوح، نظرًا إلى حسن الاستقبال وكرم الضيافة، بدءًا من رأس الهرم، «سليمان فرنجية الذي لا يقصّر، ويعمل على تغطية النواقص، ولا سيما في موضوع الكهرباء»، بحسب معوّض. فيما تشير مريم، النازحة من الضاحية، إلى أنها تحصل على خدمة كهرباء 24/24، وعندما سألت مؤجّريها عن السبب، كان الرد: «الكهرباء تقدمة من البيك». أما على صعيد البلدية، فـ«نتصدى لحالات الجشع المحدودة مع أهلنا الضيوف النازحين مثل استغلالهم ببدلات إيجار مضخّمة، عبر نشر الخط الساخن للإبلاغ عن أي حالة استغلال يتعرّضون لها لاتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة»، وفقًا لبيان نشرته البلدية على صفحتها على «فايسبوك».
كذلك فُتحت قاعتا كنيستي مار شربل (إهدن)، ومار يوسف (زغرتا) لتوزيع المساعدات على النازحين من فرش، أغطية، وسادات، مواد تنظيف، مستلزمات أطفال (حليب، حفاضات)، أدوية، أدوات منزلية، ملابس، وحتى ألعاب للأطفال. وتكثر المبادرات الفردية من أهالي زغرتا الذين «يخجّلوننا من كرمهم وحسن ضيافتهم»، كما يقول علي حمود، النازح من الجنوب، إذ يُقرع باب منزله يوميًا ليسأله الأهالي عما ينقصه. فيما قدّمت عائلة زغرتاوية منزلها إلى النازح أحمد عطايا بعدما «تركت كل شيء في تصرفنا، حتى مونة البيت، وأشاروا إلينا أن نقطف المحاصيل الزراعية ونأكلها». ومدّ آخرون خطوط المياه للاستعمالات المنزلية إلى المنازل التي استأجرها نازحون، كي «لا تشتروا وتزيد تكاليف النزوح عليكم»، على حدّ تعبيرهم، بالإضافة إلى تأمين مياه الشرب لهم. أما المحالّ التجارية، فتطالع النازحين دائمًا ابتسامة ترافقها عبارة «براس مالها لضيوفنا»، حتى «الخبز براس ماله، وإذا بدك، ما تدفع».