أُعلن، يوم الاثنين، في أحد مطاعم باريس، عن فوز الكاتب الجزائري الناطق بالفرنسية كمال داود (مستغانم، 1970) بـ"جائزة غونكور" الأدبية لعام 2024، عن روايته "Houris" ("حوريّات") الصادرة عن دار "غاليمار"، والتي لم تُترجم بعد إلى العربية.
منذ الإعلان عن القائمة القصيرة للجائزة في الثالث من أيلول/ سبتمبر الماضي، والتي ضمّت 16 عملًا روائيًا، رجّحت بعض الأصوات النقدية فوز داود بالجائزة، نظرًا لمواصلته في روايته المذكورة مواقفه السابقة والمتمثّلة بتبنٍّ مُطلَق للسرديات الإسرائيلية والغربية بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 (من بينها مقالة بعنوان "رسالة إلى صديق إسرائيلي لا أعرفه" يفسر فيه "عنف" المقاومة الفلسطينية بكونه عنفًا نابعًا من صلب الديانة الإسلامية والإثنية العربية، لا من النكبة ولا الاستعمار وتوحّش الاستيطان)، فضلًا عن نشاطه السابق في الخطابات الإسلاموفوبية التي تُروّج لها بشعبويّة وسائل الإعلام الغربية.
كما لا تخفى المقاربة الاستشراقية التي ينطلق منها داود في العنوان الذي اختاره لعمله، "حوريّات" أو "الحور العِين"، وما تكشف عنه مثل هكذا عناوين من توجّهات الجائزة الأدبية الفرنسية "الأرفع"، فإنّ هذا يُساعد أيضًا، على فهْم نَيل الكاتب، مساء اليوم، ستّة من أصوات أعضاء "أكاديمية غونكور" العشرة، مقابل اثنين للفرنسية إيلين غودي، وواحد لكل من مواطنتها ساندرين كوليت والفرنسي من أصل رواندي غاييل فاي، وفق ما أعلن رئيس الأكاديمية فيليب كلوديل.
تدور مجريات رواية الكاتب الجزائري، الحاصل قبل سنوات على الجنسية الفرنسية، خلال العُشرية الأخيرة من القرن الماضي، حين شهدت بلاده أحداث عنف دموية عُرفت بـ"العشرية السوداء"، المرحلة التي تُعدّ من أكثر المراحل حساسية في التاريخ الجزائري بعد الاستقلال، وسبق أن تمّ تناولها في أكثر من عمل روائي، وإن كان قد أُعلن منعُ مشاركة دار "غاليمار" الناشرة للعمل من المشاركة في "الصالون الدولي للكتاب" الذي ينطلق بعد غد الأربعاء.
الجدير بالذكر أنّ كمال داود كان قد كتب مقالًا مُطوّلًا نشرته صحيفة "لوبوان" الفرنسية، في الثالث والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 (حذفته لاحقًا من موقعها واحتفظت بنسخ عنه مواقع إلكترونية إسرائيلية)، بعنوان "رسالة إلى صديق إسرائيلي لا أعرفه"، واصفًا فيه القضية الفلسطينية بأنها مجرّد "حرب لا نهاية لها"، ويخاطب ذلك "المجهول" مُستنكِرًا اعتبار الاحتلال الإسرائيلي امتدادًا للاستعمار.
يختزل كمال داود في رسالته تلك معاناة الشعب الفلسطيني بعبارات درجت على الأسماع في الإعلام الغربي مثل "إسلاميون منحوا أنفسهم حقًّا إلهيًّا بالمقاومة"، ويُعبّر بوضوح عن تفهُّمه للإبادة الإسرائيلية كونها برأيه "معركة بقاء" ضدّ "جماعات إرهابية تستخدم ذريعة حرب الاستقلال لتوسيع رُقعة خلافتها"، من غير أن يجرؤ بعد ذلك على الإشارة ولو بكلمة إلى الإبادة الجماعية المتواصلة في غزة منذ أكثر من عام.