تقترب الحرب مع العدوّ الإسرائيلي من بلوغ شهرها الثاني ولا يزال «المنزل» في مستعمرات الشمال غير مأهولٍ. المستوطنون الذين تركوا «منازلهم» مهدَّدون بصواريخَ لم يُعلنْ عنها بعد رغم مرور كل هذا الوقت. كلّ هذا لم يمنع أن يكون الكلام عن الهزيمة في لبنان منتشرًا على ألسن الكثير من المحللين السياسيين، والنخب، وعشّاق ساحة الشهداء.
نتعلّم في الحرب دروسًا لم نكن نعرفُها من قبل: عدم تصديق ما ينشره الإعلامُ العبريُّ مثلًا، كيفية التعاطي مع بعض المقالات على شاكلة أدب الفيكشن، وعنِ الخَبَل الذي يدفع المرء إلى التعاطي مع المستقبل انطلاقًا من لحظة الحاضر. ولربما هذا ما يبرّر وفرة المنجّمين على شاشة التلفزيون، والتعويل على هؤلاء المشعوذين بدلًا من الاجتهاد الذاتي والتزوّد بالنّقد. غير أنّ الخبل يلازمه الكسل بالضرورة.
روى لنا دوستويفسكي في روايته «الأبله» عن ميشكين، الأمير الطيّب الذي اتهم بالسذاجة والحُمق لأنّ تصرفاته المفرطة في الخير والتعاطف، اعتبرت حمقاء لا يقدم على فعلها سوى «الأبله». مع دوستويفسكي، نتعرّف إلى ميشكين، الأبله: هو أبله لأنّ في داخله براءة تحرّكه وتقوده، وتحُول بينه وبين «الخارج» العاصف والمعقَّد. من الأدب الروسي أيضًا، نجد شخصية «بلهاء» أخرى. بطلٌ أحمقٌ يجد متعةً في التحديق بسقف الغرفة طوال الوقت. قد يبدو الأمر مضحكًا للوهلة الأولى لكنه ليس كذلك. الروائي إيفان غونتشاروف كتب روايةً عنوانها مستمدّ من اسم بطلها «أبلوموف»؛ الرواية الأحبّ عند لينين. أبلوموف شخصٌ نبيلٌ ورقيقٌ، لكنّه كسولٌ على نحوٍ مخيف، يعتكفُ عن خوض التجارب ويِفضل عوضًا عن ذلك الاسترخاء على الأريكة والغوص عميقًا في النوم. سيُجتَرحُ من (اسم) أبلوموف لاحقًا مصطلح «الأبلوموفية» للإشارة إلى نزعة الكسل والبلادة التي يمتاز بهما بطل الرواية.
ثمّة ما هو مشترك في الروايتين مع تباعد مسارات السرد ومصائر الأبطال. «أبله» دوستويفسكي و«أبلوموف» غوتشاروف بطلان مأساويان. لعنةُ الحُمق أو البلاهة تطاردهما لسببٍ معيّن. إنّهما شخصان نقيّان، نعثر في «داخل» كلٍّ منهما على مساحاتٍ فضفاضةٍ من النقاء والبراءة. غير أنّ «الخارج» ـــــ باعتباره العالم؛ العالم كمشقّة ومكابدة وعناء ــــــ استطاع تحويل النقيّ البريء إلى واهٍ وهزيل. هناك تعثر ما حدث: طرفان اصطدما ببعضهما البعض، ثمة هزيمة وقعت. يعجز الداخليُّ عن الانخراط مع الخارجيِّ، فتكون النتيجة عكس مصلحة المرء حتّى مهما تعمّد الانزواء، أو الانكفاء بنفسه بعيدًا من ضوضاء العالم. في السياسة اللبنانية، إنّ مساراتِ الهزيمة والأبطالَ المهزومين هم على النقيض التام من الواقعيّة الأدبية، مع العلم أنّ السياسية، يُفترض، أنّها أعلى مستوى من مستويات الواقعية. عندما انتهت الأحداث الداميةُ التي حصلتْ في فلسطين عام 1948، كتب قسطنطين زريق كتابه «النكبة»، وصرنا نعرّف الإبادة التي حصلتْ آنذاك بالنكبة.
بعد حدوث النكسة، أي الهزيمة العربية التي وقعتْ في 1967 وصرنا نعرِّفها بالنكسة، كتب صادق جلال العظم «النقد الذاتي بعد الهزيمة». من اشتغل نظريًا على الهزيمة، بدأ اجتهاده الفكريّ بعد حدوث الهزيمة وليس قبل وقوعها ولا في منتصف الحرب. بيد أنه في لبنان، يشبه الكلام عن الهزيمة قبل حدوثها، الإطناب. يشارك في مجلس العزاء هذا: شبابٌ يريدون إثارة انتباه أحد محرِّري منصّات البلاستيك. هناك واحدٌ يجلس على أريكته الوثيرة في عاصمة خليجية. هناك صحافيون وكتابٌ، منهم روائيون لطالما اعتادوا ممارسة الأدب، على شاكلة الشكلانيين الروس، باعتباره شأنًا خاصًا وليس مرآة للواقع، لكن الحرب غيّرت آراءهم، فسخّروا أبطال رواياتهم للتعليل على «واقع» الهزيمة.
على علماء النَحو إخبارنا كيف يمكن تصريف الكلام الذي يطال شيئًا لم يحدث، وما هي مكانته الإعرابية ووظيفته الدلالية. إذا كان الكلام عن الهزيمة مستندًا إلى دمار المنازل والخراب الفظيع للقرى، فهذا ثمنٌ من أثمان الحرب. يبقى أنّها حجّة واهية لتكريس الهزيمة على أنها واقعٌ مُتحققٌ، ذاك أنّ تلك القرى وتلك المنازل لم تكن معمّرة ولا موجودة من الأساس، لو لم يكن الانتصار نتيجة الحروب السابقة.
إنّ الحُمق أو البلاهة في السياسة اللبنانية، يقعان بدورهما على النقيض مما رسمه الأدب الواقعيّ الروسي. في المسار السرديِّ، نخلص لحظة انتهائنا من قراءة رواية الأبله أو أبلوموف، إلى أننا كنّا أمام شخصية تقع ضحية أفعالها. صفاء السلوك كان سببًا في زجها في خانة الحمق أو البلاهة. إذا كان أبلوموف وميشكين شخصين رقيقين استحالت رقتهما إلى نقمةٍ بدلًا من كونها نعمة، حيث البلاهة التي اتّسما بها كانت نتيجة رقتهما تلك، ففي السياسة اللبنانية، ثمّة من يكاد يكون مهزومًا بالفطرة، ويريد تحويل «الخارج» وفقًا لما يعتمل في «داخله». لا رقة «داخلية» عنده على غرار ميشكين وأبلوموف كي يهزمه «الخارج» ويحوله إلى أبله، الحال أنّ رغبته في تعميم هزيمته الداخليّة على ما يحيط به، والتعاطي معها بوصفها «حقيقة» حاضرة في الخارج، لهي ضربٌ من ضروب الخبل. هذا إن أردنا مراعاة السلم الأهليِّ والاستعاضة عن توصيف: الخيانة. فمن لا يتكلم إلا بالهزيمة التي لم تتحقّق حتى الآن، ويتعامل معها على طريقة التبشير ويخال أنه المبشِّر، إنّما هو يروّج للهزيمة ويطالب برفع العشرة كدعوةٍ إلى الاستسلام. إنه الخبَل إذن. والخبلُ هو العقل الفاسد. والمخبول هو المجنون غير البريء، الذي يطلق العنان لجنونٍ داخليِّ راغبًا في تهشيم كل «خارجيّ» عنه.
الكلام المنتشِر اليوم عند الساسة والنخب عن الهزيمة، لا يقترب من كونه كلامًا، عدا عن أنه المهزوم متمتمًا؛ المخبول ممارسًا للكلام، أو مرددًا لكلامٍ وجب ترداده، وفي ذلك منفعةٌ وغايات تخصّ المكانة والوظائف، بالتالي انتصارٌ حيث الخلاص الفرديّ هذا هو أحد تجلياته. في الحالتين، نحن أمام حالةٍ من الكسل الذهنيّ عند المهزوم الذي يسوِّق للهزيمة؛ المخبول، حالة من الكسل الذهني على شاكلة الـ«أبلوموفية». و«الأبلوموفية» بالإضافة إلى كونها حالة الترهّل والتراخي، عندما تبلغ حالة النضوج تصل إلى التفرّج. والمتفرّج الكسول لا يُعوّل على رأيه، هذا إن كان لديه واحدٌ من صنعه ولم يستورده، فمن الأفضل لو يبقي أعينه باتجاه السقف بينما يتمدد على أريكته الوثيرة، محدِّقًا في الفراغ الذي يشبه الهاوية، تلك التي حذرنا نيتشه منها لأنها، أي الهاوية، ستحدِّقُ بنا في حال شططنا في التحديق بها.
الهزيمة التي يراد لها أن تكون متحققة، تصبو إلى الاعتراف بمزاجٍ شخصيٍّ لمن يقول لنا «إننا أمام هزيمة»، أو إنها التعبير عن رغباته الدفينة الداخلية أكثر ممّا هي توصيفٌ لما يحصل في الخارج. على أنّ الهزيمة إن حدثت عندما تنتهي الحرب، سيقف هؤلاء مع المنتصِر، عندها وداعًا لمرثيّات الهزيمة وللخطاب «الإنسانوي» اللاأيديولوجي الذي يتبنّوه الآن، وهذه بطبيعة الحال، من مزايا الـ«أبلوموفية». فأبلوموف عندما كان يعجزُ عن النوم، كان يفتش عن ذريعةٍ مثل افتعال مشاجرة مع خادمِه مُتهمًا إيّاه بإفساد مزاجه، ثم يغُطُّ مجددًا في سُباته.
هشام حداد: «الكوميدي» مؤديًا وظيفته
لكارل ماركس مقولةٌ تُضاهي سمعتَه شهرةً: «التاريخ يعيد نفسَه مرّتين: مرّةً على شكل مأساة، ومرّةً على شكل ملهاة». غير أنّ «الكوميدي»، هشام حداد، استثناء. مع حداد يضحى التاريخ، بوصفه الزمن سائلًا، نكتة بائخة ومملة، لكنّها تعجب الأغنياء. وهكذا يصير التاريخ مكانًا جلفًا لمن لا ينتمي إلى الأغنياء ولا إلى أدبياتهم، فكيف لمن يقاومها؟
من المستحيل إزاحة نظرية صراع الطبقات عند الإحاطة بظاهرة هشام حداد. فالعلاقة بينه والمال علاقةٌ طرديّةٌ، هو الذي لا يتوانى في كل مرّة عنِ الكلام عن المبالغ الهائلة التي يتقاضاها زاعمًا أنها لقاء موهبته المائزة. العونيّ السابق الذي، كما عبّر مرةً، ذرف دموعه عندما جاء الجنرال عون رئيسًا للجمهورية، غدا رمزًا لثورة (نكتة) تشرين، بل سخّر برنامجه «الكوميديّ» لدواعٍ سياسيّةٍ وراح يعرض الكثير من المال على ضيوفه بغية التهجم على «عهد ميشال عون». اسألوا المخرج شادي حنا. وحداد عندما كان ثائرًا، وناقمًا على سياسة «المصرف»، لم يجد مانعًا من تفريغ «الكوميديا» في ملاهٍ فاخرةٍ في مناطق جبل لبنان وكازينو لبنان.
إطلالة هشام حداد الأخيرة لا تعدو كونها مهزلةً بائخةً أخرى وليستْ إفصاحًا عن مأساةٍ، كمسألة هزيمة «حزب الله» في الحرب، كما يريد الإعلان عنها. خرج هشام حداد علينا على المنصّة التي تروّج للزمن الإسرائيليّ «بيروت تايم»، متسائلًا بتهكم، أو هكذا ظنّ نفسه فاعلًا: «إذا وضعنا الحالي لا يُعَدُّ هزيمةً، متى تكون الهزيمة؟».
لا يريد هشام حداد جوابًا لمن يفكر في تزويده بواحد. «الكوميدي» يؤدّي وظيفته. إنّه يردد كلامًا وجب ترداده، وفي بالهِ أنّ كلامَه المبثوث سيشاع ويعيد الكسالى ترداده من ورائه. فـ«الكوميدي» هنا هو أبهى مثالٍ عن الـ«أبلوموفية» والأكثر شعبية عند المصابين بالـ«أبلوموفية». بدأ الأمرُ عندما كان مجرّد مقدّمٍ لبرنامج يعرض دعاباتٍ تافهة تجد في «بثور الشباب» نكتةً جنسيّةً مضحِكةً، وزميلته آنذاك كانت تدير حفلة التفاهة تلك. انتهز حداد الفرصة وسرق منها الضوء. عندما نضج هشام حداد مع مرور الوقت، تيقّن أنّ التلفزيون يحتاج إلى أكثر من ضحكة، وهو يحبُّ التلفزيون والأضواءَ المسلَّطة عليه. لذلك، قام ببحثٍ قصيرٍ بقدر ما يسمح له كسله، ووجد أمامه برنامج عادل كرم، فقام بنسخه.
على هذا النحو، يحطّ حداد ثم ينزح. هو «الأبلوموفي» المتقلِّب حسب (قوّة) السائد، الذي يتذمّر أصدقاؤه وزملاؤه منه دومًا، لأسبابٍ عدّة أولها يتعلّق بانكفائه على نفسه، أي تمركزِه حول ذاته. على أنّ «أبلوموفية» حداد، الذي يردِّد ما تريد الإماراتُ العربية المتحدة أن يردّده، هي حالة شريحة واسعة من الشباب اللبناني الذي يعتريه خواء داخلي يجعل صاحبَه هجينًا أمام أيّ ظاهرة خارجية. لذلك يتشدّق بـ«البريق» الإماراتيّ ويستهويه نموذج الإذعان. فالكثير من هؤلاء اليوم يردِّدون ما يسمعون من دون أيّ مساءلة نقديّة، ولا يجرؤون على المخالفة.
في السنوات الماضية، سادت في لبنان ورش تدريب ومحاضراتٍ، مدعومةً من الإمارات، تتعلّق بما يُسمّى بـ«ريادة الأعمال» (Entrepreneurship). هؤلاء الشباب ينظرون إلى السياسة والقضايا الوطنية بوصفها سوقًا وهم روّاد أعمال، وأنّ المنتج الأكثر مبيعًا وطلبًا هو المنتج المقرون بـ«القيمة». وفي حين أنّ «حزب الله» خارج هذا السوق، بل إنّه ممنوعٌ من الأسواق، فالحزبُ بالتالي، لا ينتظر حربًا حتى يهزم، إنّه بالنسبة إليهم، مهزومٌ سلفًا. وهؤلاء الشباب إذا ما دخلوا إلى عالم السياسة، فإنّهم على طراز هشام حداد، لا يريدون خسارة أيّ شيءٍ. بل دائمًا يريدون الربح والفوز؛ هم غير مستعدين للتضحية، لذلك تراهم دائمًا متقلبون ويتغيّرون حسب أهواء (قوّة) السائد؛ فإذا ما حضرت قوّة عسكرية على تظاهرة دعوا إليها واعتقل واحدٌ منهم، سرعان ما تتقوّض مطالب التظاهرة ويصبح عنوان «مطلوب دعم على الرينغ (مثلًا)» مطلب التظاهرة بدلًا من إسقاط النظام الذين دعوا إلى التظاهر لإسقاطه. وهذه «أبلوموفية» محض: أن تبقى مسترخيًا وتريد حيازة كل شيء من دون القيام بأيّ جهدٍ، ومن دون معرفة معنى مصطلح التضحية.
تغدو المسألةُ فعلًا أشبه بمزحةٍ بائخةٍ لا تُطاق. لكنها أدبيات الأغنياء، حيث الامتيازُ لا يعلو فوق صوت المدفع فقط، إنّما فوق كل اعتبار. هشام حداد الذي ينظر الى الكوميديا كـ«أنتروبرونير» يتوجّه إلى هؤلاء بوساطة من نظامٍ هجين؛ «أبلوموفيّ» أكثر من أبلوموف، يديره أميرٌ يجلس على كنبته الوثيرة ويبذر أموال شعبه على «كوميدي» مملّ.
النعامة الهاربة
في فيلم «الضوضاء البيضاء» المقتبس عن رواية دون ديليلو، يخبر المحاضر في تاريخ السينما تلامذته أنّ تحطُم القطار وحوادث القطارات ببعضها، في السينما الأميركية، هو رمزٌ دالٌّ على التقدم الأميركيّ وليس علامة من علامات التراجيديا. في الأسلوب العبثيّ ذاته، هناك من وجد في المشهد المصوَّر للنعامة الهاربة في جنوب لبنان بعد القصف الإسرائيلي، على أنّها رمزٌ دالٌّ على الهزيمة. لو استعنّا بالمنطق نفسه، أليستِ النعامة الهاربة، وهو الحيوان الذي يشتهر بغرز رأسه في التراب أوقات الخطر، رمزًا على من لم يجد مكانًا لطمس هزيمته فيه؟ ثمّ ألا ينطوي رمزُ النعامة الهاربة على الكثير من التماهي بين مُطلق الرمز على ما يراد له أن يكون رمزًا؟ وإذا فقد الرمز «الحياد»، هل يبقى رمزًا؟.
النعامةُ الهاربة تصبو إلى بروباغندا أكثر ممّا هي رمز. بعد ليلةٍ طويلةٍ منَ القصف العنيف على ضاحية بيروت الجنوبية، التقطَ أحدُهم في اليوم التالي صورةً لقطّةٍ صغيرةٍ مصابةٍ، كان وجهها مضرجًا بالدماء، وفقدت إحدى عينيها، ولكنها كانت تقف وقفةً شامخةً رغم جروحها التي تسببّت في موتها لاحقًا. بوسعنا الدخول في عالم التأويل واللعب السيميائي، والقول إنّ القطة صورةٌ دالّةٌ عن الصمود والمقاومة، ولا مانع في ذلك، يبقى أنّ طبيعة القول شعريةٌ، عاجزةٌ عن حسم مسار «وجوديٍّ» تتحكّم به معايير «وجودية» من قبيل الانتصار أو الهزيمة أمام... العدو.
ثمة شجاعة لا مثيل لها في لبنان على إعلان الهزيمة قبل حصولها. شجاعة أقلّ ما يمكن وصفها ببطوليّة؛ وبوسع الذاكرة تزويدنا بنداءٍ لطالما رددّه هؤلاء الأبطال: «أين أصبح النيزك؟». وبين النيزك والنعامة، فالمراد واحدٌ: الاختفاء. وهو مصيرُ المهزوم. هذا ما نقرأه في الروايات وما نشاهده في الأفلام وما تعلمنا إياه الحروب.