أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، إدراج الحنّة والتقاليد المرتبطة بها والصابون النابلسي وصابون الغار الحلبي في قائمة التراث الثقافي غير المادي.
وتعقد اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي منذ الاثنين اجتماعًا يستمر إلى الخميس في أسونسيون عاصمة باراغواي، لبتّ إدراج 66 عنصرًا جديدًا رُشحَت باعتبارها تقاليد مجتمعية، وفق "يونسكو".
وذكّرت المنظمة بأن الحنّة (أو الحناء) نبتة يتم تجفيف أوراقها وطحنها ثم تحويلها إلى عجينة تُستخدم في دق الوشوم وتحديدًا تلك التي تتلقاها المدعوات في حفلات الزفاف. وتُستعمل أيضًا لصبغ الشعر أو جلب الحظ للأطفال. وعللت "يونسكو" إدراج الحنّة في قائمة التراث الثقافي غير المادي بأنها "ترمز إلى دورة حياة الفرد، منذ ولادته وحتى وفاته، وهي حاضرة خلال المراحل الرئيسية من حياته". وترافق طقوس استخدام الحنّة أشكال تعبير شفهية كالأغنيات والحكايات.
وتبنّت 16 دولة عربية، من بينها الجزائر ومصر والسعودية واليمن، ترشيح الحنّة التي تُستخدم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا. ويعود استخدام الحنّة إلى مصر القديمة. ويمكن أن تدوم الأصباغ أو الوشوم التي يُستخدم فيها هذا العنصر من بضعة أيام إلى أسابيع عدة.
صابون الغار الحلبي
كما أدرجت "يونسكو" في قائمتها، الثلاثاء، حرفة صابون الغار الحلبي الشهير، وهو من الأقدم في العالم، ويصنع باستخدام أساليب يعود تاريخها إلى ثلاثة آلاف عام.
وشرحت المنظمة أن صابون الغار الحلبي يُصنع باستخدام زيت الزيتون وزيت الغار المنتجَين محليًا. وتُقطف المكونات التي تدخل في صناعته وتُطبخ، ثم تُصب على أرضيات المصابن التقليدية في عملية تعاونية تشارك فيها أجيال مختلفة. وعندما تبرد الطبخة، ينتعل الحرفيون أحذية خشبية عريضة تسمى "القبقاب" من أجل تقطيع صبة الصابون إلى مكعبات مستخدمين أوزانهم وأداة تشبه مشط الأرض تسمى "الجوزة".
وتُختم المكعبات يدويًا بأختام تحمل اسم العائلة، ثم تجفف عن طريق صفها في شكل أبراج أسطوانية أو هرمية تسهِّل مرور الهواء بين ألواح الصابون. ويعتمد تصنيع هذا الصابون على توازن دقيق للمكوّنات وعلى صبر الحرفيين، إذ يستغرق طبخه ساعات ويمكن أن يستلزم تجفيفه شهورًا لإكمال عملية التصبُّن. ولا يحتوي هذا الصابون الذي يمكن التعرف إليه من خلال رائحة الغار والزيتون على أي دهون حيوانية أو ملوّنات. وهو معروف في مختلف أنحاء العالم، وغالبًا ما يكون عرضة للتقليد الذي يحذّر منه المصنّعون.
وألحق النزاع المتواصل في سورية منذ العام 2011 أضرارًا كبيرة بصناعة الصابون التي اشتهرت بها حلب، ثاني كبرى مدن البلاد، وخصوصا منذ اندلاع المعارك فيها عام 2012. ولم يبق في المدينة التي أصبحت أخيرًا خارج سيطرة الحكومة السورية بالكامل للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع سوى نحو عشرة من قرابة مائة مصنع للصابون. ونُقِلَ عدد كبير من هذه المصانع إلى دمشق وطرطوس وحتى تركيا.
الصابون النابلسي
انضمّ إلى قائمة "يونسكو"، الثلاثاء، أيضًا تقليد صناعة الصابون النابلسي في الأراضي الفلسطينية التي تعود إلى أكثر من ألف عام.
وشرحت المنظمة أن الصابون النابلسي الذي غالباُ ما يكون مربّع الشكل، يُصنع يدويًا باستخدام ثلاثة مكونات طبيعية من البيئة المحلية، هي: زيت الزيتون، والماء، والصودا الكاوية، وأفادت: "تعمل العائلات معًا على صناعة الصابون بعد موسم قطف الزيتون، وتضع ختمها الخاص على قطع الصابون قبل تغليفها وتخزينها لمدة عام".
ويُعَد هذا التقليد مصدر دخل، وتمارسه معظم العائلات في الأراضي الفلسطينية. ويُصنع هذا الصابون في المنازل أو في ورش صغيرة منتشرة في مختلف أنحاء الضفة الغربية المحتلة، ولا سيما في الخليل (جنوب)، ورام الله (وسط)، وطولكرم (شمال)، وأيضًا في غزة.
وبحسب "يونسكو"، "يشارك الرجال والنساء في كل مراحل عملية الإنتاج ويساعد الأطفال عائلاتهم"، فيما يتولى الآباء تقطيع الصابون وتعبئته. ويقدم كثيرون صابونهم المنزليّ الصنع هدايا في حفلات الزفاف وأعياد الميلاد.
وأشارت "يونسكو" إلى أن "المجتمعات والحرفيين، في فلسطين وفي الشتات، يعتبرون تقليد صناعة الصابون في المدينة الواقعة في شمال الضفة الغربية التي تحتلها اسرائيل منذ عام 1967، "أحد عناصر تراثهم الثقافي". وبحسب "يونسكو"، "يجسد استخدام زيت الزيتون الرابط الوثيق بين المجتمع والطبيعة". وسبق أن أُدرجَت ثلاثة عناصر فلسطينية على لائحة التراث الثقافي غير المادي، هي الحكاية والتطريز والدبكة.