زينب نصر الله، في حديثها عن والدها الشهيد، السيد حسن نصر الله، تناولت جوانب من حياته الشخصية والعائلية، مشيرةً إلى تأثيره الكبير في تربية أبنائه، واهتمامه العميق بالأمة، داعيةً الناس إلى دعم هذه القيادة، من أجل المحافظة على إرثه.
لم يكن الشهيد السيد حسن نصر الله قائدًا عاديًا فحسب، بل كان أيضًا الأب الذي احتضن الأمة بكل حب، والتي أصبحت يتيمة بعد فقده. في إطلالة على السيّد الأب، ضمن تغطية "السيد الأمة"، استضافت الميادين كريمته، زينب نصر الله، اليوم الخميس.
السيد والعائلة
باشرت كريمة السيد كلامها بالافتخار بأنّها ابنته، قائلةً: "فخر لي أن أكون ابنة سماحة السيد حسن نصر الله". وأشارت زينب نصر الله إلى أنّها لم تحظَ في طفولتها بالعيش كما سائر الناس: "حُرمت عيش حياة الابنة مع الوالد نظرًا إلى وضعه"، مضيفةً أنّه "كان للوالدة الفضل الكبير في تربيتنا، وكانت متفقة على أسس التربية مع سماحته، نظرًا إلى كثرة غيابه".
بشأن تربيته، "كان السيد صارمًا في الخطوط الحمر، التي تربّينا عليها"، وفق ما قالته زينب للميادين، مشيرةً إلى أنّه "كان فعلًا نموذج الزوج المثالي، والذي يتخلّق بأخلاق أهل البيت، عليهم السلام". وأضافت أنّ "سماحة السيد كان إنسانًا شفافًا جدًا، وإنسانًا عاطفيًا وحنونًا، ولم يكن يفرض علينا شيئًا. دائمًا نتّبع توجيهاته لأننا نقتنع بالكلام الذي يقوله". وبشأن شقيقها، الشهيد هادي، قالت إنّ "السيد لم يفرض موضوع الجهاد عليه"، مشيرةً إلى أنّ "شهادة هادي أعطتنا دافعًا أكبر وثقة أكبر بين الناس لمواساة عوائل الشهداء".
على صعيد اجتماعات العائلة، قالت زينب إنّ "الأحفاد كانوا ينتظرون شهر رمضان، لأنّه كان يخصص لنا في شهر رمضان إفطارًا لكل عائلة، حتى يعطينا حقّنا"، كاشفةً أنّ القيود الأمنية لم تكن في خلال حياته فقط، بل "حتى بعد شهادته، إذ حُرمنا زيارة ضريحه، حيث دُفن وديعةً، بسبب الوضع الأمني".
أتت السيدة زينب نصر الله على ذكر زوجها، الشهيد حسن قصير، والذي استُشهدَ في أثناء قيامه بواجبه في الحرب، بحيث أشارت إلى أنّ "زوج مجاهد منذ نعومة أظفاره، ختم حياته بالشهادة، وكان دائمًا في الخطوط الأمامية". وأضافت أنّه "شارك في اقتحام كثير من المواقع، التي جرى اقتحامها أو فتحها، ولاسيما العملية الشهيرة لاقتحام موقع بيت ياحون، العام 1999". بشأن علاقته بالسيد الشهيد، قالت زينب إنّ "زوجي كان محبًّا لسماحة السيد إلى درجة كبيرة جدًا، لا لأنه والد زوجته، وإنما كونه قائدًا يقتدي به، وكونه إنسانًا لمس أخلاقه وصدقه وإيمانه". وذكرت كريمة السيد أنّ "ألم فراق السيد كبيرًا جدًا، ويمكن أن نلمس ألم الناس عليه، فكيف ألم فراقنا له كعائلة"؟
السيد والناس
بشأن علاقته بالناس، استفاضت زينب في الحديث، نسبةً إلى ما كانت تراه في عينَي والدها، بحيث "كان ينظر إلى الناس على أنهم أولاده، ومسؤولون منه". ولفتت السيدة زينب نصر الله إلى أنّه "في آخر اتصال بيني وبينه، والذي كان قبل مناسبة عاشوراء، شدّد السيد على مسألة كيف نُعيد تقريب الناس إلى الله"، مضيفةً أنّه، إلى جانب سعيه لمعيشة أفضل للناس، اجتماعيًا واقتصاديًا، كان أيضًا "يحرص على إيمانهم".
استذكرت كريمته وصية أستاذه، الأمين العام الأسبق لحزب الله، الشهيد السيد عباس الموسوي، "سنخدمكم بأشفار عيوننا"، مشيرةً إلى أنّها "كانت تشغل بال سماحة السيد حسن، فهو كان لديه هاجس الاهتمام بأمور الناس عبر تأمين حوائجهم" ورعايتهم. وأضافت للميادين أنّ "كلامه في المحاضرات كان دائمًا يُوجّهه إلى الصغار والكبار، فخطاباته كانت لكل الفئات والثقافات والعقول".
رأت زينب نصر الله أنّ "سماحة السيد كان أبًا حقيقيًا لهذه الأمة، وليس قائدًا فقط، وتيتمت هذه الأمة بعد فقده"، مستدلّةً على أنّ "تبادل الحب بين سماحة السيد والناس وصل إلى درجة أن فقدهم للسيد ربّما خفّف كثيرًا وطأة فقدهم أولادهم وأزواجهم وأحباءَهم".
تأثّره واستمرار المسيرة
في معرض حديثها عن الأعلام، الذين كان يتّبعهم سماحة السيد، قالت زينب إنّ والدها الشهيد "تأثر بشكل عميق بالسيد موسى الصدر، الذي كان بمنزلة القدوة له، في مختلف جوانب الحياة، وكان هذا التأثر مصدر إلهام للسيد، الذي أصبح نموذجًا عن القائد والمرشد، إيمانيًا وإنسانيًا واجتماعيًا".
لم يترك السيد نصر الله العلم حتى قبل شهادته، بحيث "كان يتابع دروس البحث الخارجي عند سماحة السيّد القائد علي خامنئي، في الحوزة، وهي أعلى درجات الصفوف العلمية".
عبّرت كريمة السيد للميادين عن أسفها لعدم وجود سماحة السيد في أثناء فترة ما بعد وقف إطلاق النار، مشيرةً إلى "أننا شعرنا بأن هذا الانتصار كان يتيمًا من دون سماحته، وحتى الناس شعروا بذلك، وما زالوا في انتظاره، ليخرج ويبشرهم ويهنئهم بالنصر".
بشأن مستقبل حزب الله، قالت زينب نصر الله إنّ "القيادة الجديدة في حزب الله هي استكمال لقيادة سماحة السيد"، مشيرةً إلى أنّ "الموجودين في القيادة الحالية هم إخوة سماحة السيد ورفاقه، الذين كانوا موجودين معه في القيادة السابقة، والذين نهضوا بالحزب، وأوصلوه إلى ما وصل إليه من عزة وكرامة".
اختتمت زينب بدعوة "أشرف الناس وأحب الناس إلى قلب السيد"، إلى الإيمان بهذه القيادة، وأن يكونوا هم أيضًا داعمين لها، من أجل "حفظ دماء سماحة السيد".