اوراق خاصة

رسائل السيد نصر الله الى المثقف العربي: المثقف العربي في الحافة الأمامية

post-img

خاص موقع أوراق

حسن نعيم/ صحفي وكاتب لبناني

عائدا من معرض القاهرة للدولي للكتاب للعام ٢٠٠٠؛ موفدًا من " العهد" لتغطية فعاليات المعرض وأنشطته الثقافية-  التقيت وبالمصادفة المثقف العربي الكبير محمود أمين العالم. كان يجلس على المقعد بجانبي في الطائرة القادمة من القاهرة إلى بيروت. حاولت أن  أغتنم الفرصة وأجري معه مقابلة للصحيفة  سألني عن اسم الصحيفة التي أعمل فيها، والجهة السياسية التي تقف وراءها، وعندما أخبرته قال مبتسما : "آه بتاع الشيخ حسن نصر الله.. على فكرة  انا بحبو قوي..". وطفق "العالم" يخبرني عن محبة الشعب المصري له وتأثر المثقفين المصريين بسماحته.

تحضرني هذه القصة، وأنا أقرأ الرسائل التي حملتها خطابات السيد حسن نصر الله إلى المثقفين العرب. وجلها يركز على محورية الصراع مع العدو الصهيوني والكيفية التي ينبغي أن يكون عليها، وكي نتبين الطريقة التي خاطب فيها السيد نصر الله المثقف العربي علينا أولًا أن نلقي الضوء على  الدور الملقى على عاتق المثقف من وجهة نظر السيد نصر الله؛ وفقا لما جاء في خطاباته.

بداية؛ وضعت خطابات السيد نصر الله المثقف العربي في عين العاصفة، وحملت أمواجها المعنوية العالية المثقف العربي إلى الحافة الأمامية ليكون مثقفا عضويا على الطريقة الغرامشية فاعلًا ومؤثرًا في المواجهة مع المستكبر المدجج بثقافة كولونيالية تنظر إلى الشعوب المستضعفة من برجها العاجي نظرة استخفاف وامتهان.

إزاء هذه النظرة الاستعلائية؛ طرح خطاب السيد حسن نصر الله رؤية سياسية تدعم المقاومة، بشقيها اللبناني والفلسطيني، ووجه رسائل قوية الى المثقفين العرب عن دورهم في التغيير والتفاعل مع القضايا الوطنية والعربية.

كما شدد السيد نصر الله على دور المثقفين في المواجهة مع الاستكبار العالمي وعلى دور المثقفين العرب في هذه المعركة المصيرية. ولطالما حثهم على استخدام أدواتهم الفكرية والأدبية والإعلامية لتسليط الضوء على القضايا المحورية ورفض التطبيع مع "إسرائيل"، محذرًا المثقفين العرب من أي محاولات للتعاون مع الكيان الصهيوني. مؤكدًا أن المقاومة هي الحل الوحيد لاستعادة الحقوق.

كما يشدد خطاب نصر الله على أهمية المثقفين العرب في إعادة تشكيل الوعي العربي، والقيام بمسؤولياتهم الثقافية والفكرية في مواجهة الضغوط السياسية والإعلامية التي قد تؤثر على وعي الجماهير. ويدمج خطاب السيد نصر الله الثقافي بالسياسي لتتشكل الهوية العربية على أرض صلبة في مواجهة التحديات الخارجية.

كيف تفاعل المثقفون العرب مع خطاب السيد نصرالله؟

تلقف المثقفون العرب رسائل السيد نصرالله بحفاوة بالغة؛ وعبروا عن تقديرهم وإعجابهم به، والذي أصبح رمزًا للثبات والصمود في وجه الاحتلال، ورمزًا للعدالة والحرية، وأدرجوا خطاباته في سياق الصراع المستمر من أجل الحرية والكرامة، واشادوا بصمود حزب الله الأسطوري في مواجهة العدوان، وأرسلوا إليه رسائل مفعمة  بالفخر والاعتزاز بقيادته الحكيمة. وليس أدل على ذلك من رسالة الكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل إلى السيد حسن نصر عشية استشهاد ابنه السيد هادي التي يثني عليه فيها قائلاً :" أرجوك أن تأذن لي، شأني شأن ملايين من أبناء هذه الأمة العربية، في الوقوف باعتزاز وجلال أمام المثل الذي قدمتوه لها والإنسانية،  وهو مثل، وهو مثل هائل في قيمته ودلالته ...."

اليوم؛ في التشييع الأممي لسيد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله، نستعيد هذه العلاقة بين قائد المقاومة الإسلامية والمثقفين العرب المبنية على قيم الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية الرافضة لأي شكل من أشكال الذل والهوان واستغلال الإنسان للإنسان.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد