آمال خليل (الأخبار)
نفّذ أهالي بلدة الضهيرة (قضاء صور) وقفة احتجاجية، أمس، رفضًا لمنعهم من الوصول إلى منطقة "الضهيرة الفوقا" المجاورة للجدار الفاصل مع فلسطين المحتلة، بعدما أقدمت قوات الاحتلال "الإسرائيلي" في الأيام الماضية على حفر الطرقات المؤدّية نحو الأحياء السكنية والأراضي الزراعية القريبة من موقع الجرداح الإسرائيلي، كما أقفلت الطرق الفرعية عند محلة البطيشية وتل إسماعيل على الأطراف الغربية للضهيرة لناحية علما الشعب بالسواتر الترابية، إضافة إلى إغلاق الطرق التي تربط الضهيرة بيارين شرقًا، ما أدى إلى تقلص مساحة البلدة، حتّى باتت محصورة بالأحياء المحيطة بالطريق العام. وعند مداخل الطرق المقفلة، أقام الجيش اللبناني نقاط تمركز لمنع المواطنين من التقدّم، خصوصًا أن قوات الاحتلال تطلق النار والقنابل الصوتية على كلّ من يقترب من الحدود. وبالأمر الواقع، باتت أطراف الضهيرة حتّى عمق يزيد على كيلومترين أشبه بـ"منطقة عازلة"، لكنّها فعليًا منطقة محتلّة، حتّى لو لم يوجد فيها جنود الاحتلال.
على الطريق العام، تجمّع الأهالي، أمس، لمراقبة ورشة أطلقها العدوّ في تل إسماعيل المحتل حديثًا، حيث جُرفت غالبية أشجار الصنوبر وظهرت إنشاءات مركز عسكري جديد، يُضاف إلى مركز اللبونة المُستحدث داخل الأراضي اللبنانية في أطراف الناقورة، وهو إحدى النقاط الخمس التي أعلن العدوّ الاحتفاظ بها. وفي نقطة قريبة، يقع موقع جبل بلاط بين بلدتي مروحين ورامية، على عمق يزيد على كيلومتر واحد داخل الأراضي اللبنانية. وعند أطراف البستان الشرقية، تمركزت قوة من الجيش اللبناني تؤازرها وحدة من "اليونيفل" لمنع المواطنين من التقدّم باتّجاه مروحين التي بات الدخول إليها يقتصر على طريق أم التوت الفرعية. أما في مروحين، فقد بادر بعض الشبّان إلى نصب خيم عند مثلث مروحين قبالة "زرعيت"، وفي محيط البركة داخل البلدة، لتمضية الوقت فيها، لكن قوات "اليونيفل" أصدرت أمرًا بإزالتها، بناءً على طلب إسرائيلي، بدعوى أنها قد تشكّل "غطاءً لتهديد ما"، وفقًا لما نقله مصدر أمني.
وفي مقابل المواقع المحتلة رسميًا، تشكّل المناطق الحدودية التي تربط في ما بينها مناطق عازلة لا يُسمح للأهالي بدخولها، تمتد من اللبونة إلى الضهيرة وبركة ريشا ووادي العلّيق. ومع تزايد القيود، تقتصر حركة السكان على طول بلدات القطاع الغربي، من الناقورة والضهيرة إلى يارين والبستان ومروحين، على زيارات نهارية قبل المغادرة ليلًا، بفعل الدمار الشامل وغياب مقوّمات الحياة. أما في القطاعين الأوسط والشرقي، فتتأرجح الحدود بين مناطق محتلة وأخرى عازلة، على غرار ما يحدث في القطاع الغربي، من وادي قطمون إلى سهل مارون الرأس، وصولًا إلى جلّ الدير ومنارة ميس الجبل، والدواوير بين حولا والعباد، حتّى العديسة وجدار كفر كلا والحمامص.
وأظهرت خريطة محدّثة للمواقع المحتلة والمناطق العازلة، حصلت عليها "الأخبار"، وجود مراكز محتلة مقابل مستوطنات شلومي وشوميرا و"أفيفيم" والمنارة والمطلة، إضافة إلى مناطق عازلة تمتدّ بين الضهيرة والبستان، والعديسة وكفر كلا. وبحسب مصدر مطّلع، فإن "لائحة النقاط الخمس قد ترتفع إلى عشر"، إذ أبدت "إسرائيل" نيّتها توسيع موقع اللبونة باتّجاه أطراف علما الشعب، كما تخطّط لاحتلال موقع جديد بين أطراف عيتا الشعب ورميش، في ما تحدّثت مصادر أخرى عن إمكانية ضم مواقع في أطراف شبعا لناحية راشيا، بما يتيح السيطرة على الجنوب السوري.
وسط ذلك، لم يعد الجيش اللبناني إلى مراكزه الحدودية بعد، باستثناء نقطة رأس الناقورة، في ما تستمرّ الاعتداءات على قواته، إذ أطلقت قوات الاحتلال أمس النيران على آلية للجيش على طريق النقار في أطراف شبعا. كما توغّلت جرافة "إسرائيلية" إلى المنطقة العازلة في محيط جدار كفر كلا، وأقدمت على تجريف عدد من المنازل المدمّرة القريبة من الجدار. وفي كفرشوبا، تمّ العثور على كاميرات تجسّس زرعتها قوات الاحتلال في أرجاء البلدة. ولم تقتصر الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب الليطاني، بل امتدّت إلى الهرمل، حيث استهدفت طائرة مُسيّرة، أمس، سيارة في بلدة القصر الحدودية، ما أدّى إلى استشهاد المواطن مهران ناصر الدين، وإصابة آخر.
ورغم التصعيد المتواصل منذ تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وانتهاء المهلة، لم يظهر بعد أي تحرّك لـ"لجنة الإشراف" المكلّفة بتطبيق الاتفاق نفسه، والتي عُقد آخر اجتماع لها في 14 شباط الجاري، من دون تسجيل أي نشاط لرئيسها الجنرال الأميركي غاسبر جيفرز. أما المبعوثة الأميركية الخاصة إلى لبنان، مورغان أورتاغوس، والتي كان من المفترض أن تزور لبنان في 16 الجاري، فقد أجّلت هي أيضًا زيارتها إلى أجل غير مسمّى.