أوراق سياسية

"إسرائيل" تشرح خطة أميركا: نحو التطبيع مع لبنان

post-img

الأخبار

تردّدت أمس أصداء كلام نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس عن "إطلاق المسار الدبلوماسي، عبر ثلاث مجموعات عمل على ثلاثة ملفات متوازية عالقة بين لبنان وإسرائيل"، وطفت على السطح أسئلة محورية حول ما إذا كان لبنان على أعتاب مرحلة جديدة تقوده إلى تطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال، إضافة إلى طبيعة المسار الذي تتحكّم به الولايات المتحدة لتعبيد الطريق أمام حل مستدام لربط لبنان بخط "السلام" الذي يطوّق دول المنطقة. وزاد منسوب القلق ممّا يُحضّر للساحة اللبنانية لما قد ينتج عنه من تداعيات في الداخل اللبناني، خصوصًا مع بدء الإعلام العبري الترويج لهذه الخطة.

وبعد بيان مكتب رئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو حول الموضوع نفسه، بدأت الخطة المُعدّة لملف الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة تتكشّف تباعًا، ليظهر أنها جزء من خطة أوسع بين "تل أبيب" وواشنطن، وفق ما نقلت وسائل إعلام "إسرائيلية" عن مصدر سياسيّ "إسرائيلي" أشار إلى أنّ "سياسة نتنياهو غيّرت الشرق الأوسط، ونحن نريد مواصلة هذا الزخم كي نصل إلى التطبيع مع لبنان".

وأضاف المصدر (الذي تردّد في الكيان أنه نتنياهو نفسه): "كما أن للبنان مطالب بشأن الحدود، هناك مطالب لـ"إسرائيل" أيضًا، وسنناقش هذه الأمور"، مشيرًا إلى أنّ "المحادثات مع لبنان جزء من خطة واسعة وشاملة".

وأوضح أن "المباحثات في الناقورة (أولَ أمس) أجريت مع ممثلين عن الجيش الإسرائيلي، لكن اتُّفق أن تكون المحادثات المقبلة مع ممثل دبلوماسي إسرائيلي. هذا اختراق دبلوماسي دراماتيكي. من ناحية الرئيس اللبناني الجديد، هذا أمر من الصعب تمريره سياسيًا، ولذلك أفرجنا عن اللبنانيين الخمسة، والهدف هو دعم الرئيس أمام حزب الله وأمل اللذيْن يعارضانه، وسعيًا للتطبيع مع لبنان.

هذا هو الطموح، ولهذا السبب أنشأنا فرق العمل وسنواصل المحادثات". وعلى صعيد متصل صرّح الكولونيل احتياط في الجيش "الإسرائيلي" موشيه العاد خلال مشاركته في برنامج عبري قائلًا: "أعتقد بأن الرئيس عون يريد مرحلة جديدة من العلاقات بين لبنان وإسرائيل".

ما كشفته أورتاغوس والإعلام العبري، وكلّ  ما سيلي من تصريحات بشأن هذه الخطة، يؤكّد أن واشنطن وتل أبيب تتشأركان الهدف ذاته من العدوان الصهيوني على لبنان، وهو التأسيس لحقبة جديدة من خلال إنتاج سلطة موالية لا ترفض طلبًا للأميركيين، وتكون أداة مساعدة ومسهّلة لانضمام لبنان إلى اتفاقيات أبراهام.

ويستند الجانبان، وفقَ ما تقول أوساط سياسية بارزة، إلى قناعة لديهما بأن "الحرب أتاحت لخصوم المقاومة في الداخل تجاوز التعقيدات الداخلية، وأبرزها قوة المقاومة التي كانت ستقف في وجه هذا المشروع، خصوصًا مع انتخاب سلطة جديدة تتماشى مع المصالح الأميركية".

وعليه تريد الولايات المتحدة، بالتعاون مع العدو، استغلال الوضع اللبناني الحالي لتعزيز مصالحهما، خصوصًا أن الجميع يتعامل مع حزب الله على أنه في "حالة ضعف"، وحيث يقود تقييم الأميركيين للوضع الجديد إلى قناعة بأنهم باتوا يستطيعون الانخراط في كلّ تفاصيل الملف اللبناني من بوابة الجنوب، وفرض شروط سياسية، يدّعي المسؤولون اللبنانيون أنهم يرفضونها، ويؤكّدون أنّهم يتمسّكون بتطبيق اتفاق الهدنة وترسيم الحدود وفق اتفاقية نيو كامب في عام 1923، بينما تطلب "إسرائيل" اعتماد الخط الأزرق والاحتفاط بنقطة رأس الناقورة العالقة منذ اتفاق الترسيم البحري"، وهي الشروط التي أشار إليها المسؤول الإسرائيلي.

حتّى اللحظة، لا تزال الرواية الخاصة بملف التفاوض "محكيّة" من الطرفين الأميركي والإسرائيلي، بينما يختفي في المقابل صوت لبنان الرسمي. فحتّى يوم أمس، لم يصدر عن الجانب اللبناني ما يثبت العكس، باستثناء مواقف منقولة عن مصادر هنا وهناك، حاولت نفي الأهداف الإسرائيلية، مع علم الأطراف اللبنانية المعنية بمدى خطورة الخطة المُعدّة سلفًا للبنان والتي لا يمكن أن تمرّ بسلاسة مهما تبدلّت التوازنات.
 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد