أسماء عبدالوهاب/ كاتبة وناشطة من اليمن
في عالمٍ مليءٍ بالتناقضات والأحداث المتسارعة نجد أنفسنا دائمًا نقف أمام معسكرين هما الحق والباطل.. الخير والشر.. العدل والظلم ..المظلوم والظالم والمستضعف والمستبد.
إن كنت إنسانا سويًا؛ فستقدر أن تفرق بين معسكر الحق ومعسكر الباطل، وسيبدو أمامك جليًا من هو الظالم ومن هو المظلوم؟ لقد اكتشفنا كما أثبتت لنا الوقائع مرارا أن الأمر ليس له علاقة بالدين ولا النوع ولا الانتماء، ولا حتى من أي دولةٍ أنت.. حتى لو كنت نصرانيا أو مجوسيا.!
لقد رأينا بأم أعيننا كيف وحّدت غزة العالم من أقصاه إلى أقصاه حتى لدرجة أن بعض أخوتنا في الإنسانية أخذوا مواقف شجاعة أكثر حتى من كثير من العرب والمسلمين، وقد عرّضوا أنفسهم بذلك لخطر محقق أمام حكومات علّمها اليهود جيدا كيف تعبدهم من دون الله.!
إذًا؛ الإنسانية لا تتجزأ. هذا ما قلناه قبل زمن، وهذا ما سنظل نردده ونقوله إلى آخر الزمن. فالناس صنفان إما أخٌ لك في الدين او نظيرٌ لك في الخلق، كما قال الإمام علي (عليه السلام).
شاهدنا كيف استنفرت البشرية وهي تجوب الشوارع وتدين الإجرام ومجازر الإبادة بحق أهلنا في غزة، وتستغيث لها. وقد صرخت فيها إنسانيتها أن السكوت خزيٌ وعار.. وأن الكلمة والموقف هي أقل ما قد يوهب لأخيك في الإنسانية.
إذا كانت هذه المواقف من الغرب الذي لا يدين بديننا، ولا تجمعه معنا أواصر العروبة والدين واللغة والكثير غيرها من الأواصر المشتركة، فما هو المفترض ممن تجمعنا بهم كل هذه الأواصر، ومن أمة أمرها الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام بالقسط وقول كلمة الحق وأخذ الموقف الحق.
لكنهم اليهود الأشد مكرا ودهاءا وخبثا.. فالمتأمل، في سنوات خلت، يجد أنه كلّما أسرف اليهود في الدماء وارتكبوا أقبح المنكرات هرعوا إلى عمليات التجميل. ومع الأسف؛ هذه العمليات يجريها تلامذة بارعون ومتخصصون تخرجوا من مدارس اليهود والصهاينة أنفسهم. وكلما وجد اليهود أنفسهم قد تورطوا أكثر أوعزوا إلى تلامذتهم أن يبتكروا ويبتدعوا منكرات وجرائم ويرتكبوا إبادات ومجازر اسوأ من التي عملها الصهاينة أنفسهم. ولا بد للممارسات الشيطانية الماسونية أن تكون أشد بشاعة وقبحا وأكثر دموية، وأن تكون هناك ابتكارات في أثناء ممارسة طقوس القتل والتعذيب الشيطانية لم يسبقهم إليها أحد.
اعتقد أنه لم يعد خافيًا على أحد؛ إنها "داعش" التكفيرية الصناعة والهندسة الصهيونية بامتياز. وما الذي يمكن له أن يلفت الأنظار عن جرائم الصهوينة في غزة إلا جرائم "داعش" في سوريا. وهكذا يحقق الصهاينة والأمريكان عددًا من الأهداف؛ نذكر منها:
- الاستمرار في تشويه الإسلام، والترسيخ في عقول الناس لا سيما الغرب بإن الإسلام يعني الإرهاب والإسراف في القتل واستباحة الدماء والأعراض والاموال لأسباب غير منطقية ولا مقبولة.
- التغطية على جرائم الصهاينة في فلسطين وغيرها بابتداع جرائم أشد بشاعة وقبحا وابتكار أساليب في التعذيب والقتل لم يسبقهم إليها أحد من العالمين، مع عدم مراعاة حرمة لأي شيء. فلم يسلم من شرهم حتى الحيوانات، وكان استهداف الأطفال من أبشع ما حصل خلال عمليات الإبادة الجماعية لآلاف المدنيين السوريين العزل بأقبح أنواع الإجرام على مر التاريخ، والذي لم يفرق بين أحد ولم يراعِ أي شيء. وكان الدواعش التكفيريون يرفعون السكين في وجه الأطفال الصغار، ويطلبون منهم أن يختاروا من سيذبحون منهم أولًا وسط حالٍ من الذعر والهلع والبكاء؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل.
- تقديم خدمة عظيمة للصهيونية المتعطشة لدماء المسلمين وقتل أكبر عدد بالنيابة عنهم. حتى يأتي دورها لتقضي على ما تبقى؛ إن لم يكن من بينهم الدواعش المتأسلمون أنفسهم.
- الاستمرار في اللعب على أعظم فتنة يستخدمها الصهاينة للتفريق بين المسلمين وإضعافهم وصرف أنظارهم عن العدو الحقيقي المغروس في قلب الأمة، وهي الفتنة الطائفية والمذهبية.
إذ كما نرى؛ لا يمكن للدواعش التكفيريين أن يتخذوا أي موقف أمام الصهاينة، ولو احتلوا أرضهم واعتدوا عليهم وقاموا بقتلهم وارتكاب المجازر بحقهم وحق أخوتهم. وكيف يجرؤ التكفيريون على ذلك وهم الحذاء الطوعى واليد الطولى للصهاينة في المنطقة.
قد تكون هذه بعض النقاط المهمة؛ لكن الأهم أن الحكومة السورية الجديدة بقيادة أ[ي محمد الجولاني أو أحمد الشرع قد أثبتت معمّدةً ذلك بدماء أبناء شعبها ومرتكبةً مجازر إبادة جماعية لم يسبقها إليها أحد في التاريخ بأنها الوجه الأقبح للصهيونية والأداة الأبشع للماسونية. وإن كانت قد جاهرت بذلك ووثقته بعشرات الصور والفيديوهات بالصوت والصورة مفاخرةً ومباهيةً به أو أدركت حجم حمقها مؤخرا؛ فأمرت بعدم التصوير والتستر على جرائم يندى لها جبين الإنسانية. فلن يتأتى لها في نهاية المطاف أن تتستر عن عين الله، ولا أن تغسل عارا لن يكفيه كل بحار ومحيطات العالم.
تبقى الكلمة الأخيرة مفادها أن الإنسانية لا تتجزأ يا سادة، وأن السكوت عن أي ظلم وجرم وطغيان بحق أي إنسان هو انتهاك لحقوق الناس جميعا، وإخلال بالإنسانية التي تتغنى بها وتدافع عنها.. وإن من وقف مع أخيه في غزة، ولم يقف معه في سوريا أو أي مكان آخر، ولم يستنكر ولم يشعر بالغضب ولم يحاول أن يتخذ أي موقف إزاء ذلك، فعليه أن يراجع نفسه: هل هو إنسان حقا أم مدعٍ للإنسانية!