محمد باقر ياسين
خاص موقع "أوراق"
كلما هلّ هلال شهر رمضان المبارك، في كل عام، تهلّ معه البركات وتظهر فيها بشكلٍ واضحٍ وجلي مبادرات التكافل الاجتماعي والسعي إلى الإسهام في كسب أجر إفطار الصائمين، وخاصةً العائلات المتعففة منهم. وبقعل العدوان الإسرائيلي على بلدنا لبنان؛ زادت هذه الحاجة في هذه السنة، ومع ازدياد الحاجة ازدادت وتيرة إسهام جمعيات ومبادرات اجتماعية.
"مائدة الإمام زين العابدين (ع)" اسمٌ على مسمى
في الحديث عن المبادرات الاجتماعية؛ لا يمكن إغفال دور مائدة الإمام زين العابدين (ع) التي تكبر وتتعاظم عامًا تلو الآخر، فقد غدت هذه المائدة تغطي مناطق عديدة في بيروت وضاحيتها إلى الجنوب والبقاع. يعمل في هذه المائدة يوميًا متطوعون يقومون بإعداد الطعام وسكبه وتوصيله إلى العائلات المتعففة يوميًا من دون كللٍ أو ملل. ولا يقتصر الأمر على الوجبات الساخة اليومية؛ بل يجري توزيع حصص غذائية وحصص تموينية، وما تيسر من المساعدات المالية النقدية ووجبات إفطار صائم.
في هذا الصدد؛ نشرت المائدة أرقام تبرز نشاطها في الأسبوع الأول من شهر رمضان المبارك، في منطقة بيروت، والتي جاءت على الشكل الآتي:
- حصص غذائية: 1398 حصة، بقيمة إجمالية قدرها 15,595 دولارًا أميركيًا.
- حصص تموينية: 3495 حصة، بقيمة إجمالية قدرها 11,895 دولارًا أميركيًا.
- وجبات طعام ساخنة: 1120 وجبة، بقيمة إجمالية قدرها 7,700 دولارًا أميركيًا.
- مساعدات مالية نقدية: وزعت على 30 شخصًا، بقيمة إجمالية قدرها 1,860 دولارًا أميركيًا.
- وجبات إفطار صائم: 79 وجبة، بقيمة إجمالية قدرها 1,170 دولارًا أميركيًا.
الوجه الحسن لجمعية "وتعاونوا"
من بين المبادرات الاجتماعية الفعالة والمشرقة، ما تقوم به جمعية "وتعاونوا"، والتي تضم الكثير من الشبان والشابات المتطوعين لخدمة أهلهم، وتنمو مشاريع هذه الجمعية عامًا بعد عام، ولا تحدها حدود فتراها تارةً في بيروت وضواحيها، وطورًا في البقاع والشمال والجنوب.
في هذا الشهر الفضيل؛ تسهم هذه الجمعية عبر مشروعها الذي أطلقت عليه اسم "الوجه الحسن" في ترميم ما تيسر من المباني المتضررة في الجنوب اللبناني، جراء العدوان الإسرائيلي على البلاد، ومساعدة المزارعين لمعاودة نشاطهم الزراعي لكسب قوت عيشهم من تراب أرضهم المبارك.
هذا بالإضافة إلى تأمين البيوت الجاهزة للإسهام بصمود الجنوبيين في قراهم، وكذلك المطبخ الرمضاني "مطبخ السيدة أم البنين ع"، والذي يقوم بتوزيع الوجبات الرمضانية على القرى الحدودية في الجنوب. كما تقوم الجمعية بتوزيع الحصص الغذائية في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت. والتوزيع مستمر طوال الشهر الفضيل ليصل إلى مئة ألف عائلة، من الشمال إلى البقاع إلى الجنوب.
مبادرات الأحياء والمناطق
كما تنشط داخل الأحياء، وفي مختلف المناطق اللبنانية، مبادرات فردية يقوم بها أهالي الحي الواحد، بتبرعهم بجزء من إفطارهم اليومي للإسهام بإفطار جيرانهم من العائلات المتعففة. وهذه المبادرة تزداد وتنمو على الرغم من تواضع الإمكانات فيها؛ إلّا أنها تعبر بشكل واضح وصريح عن طيبة مجتمعنا وتكافله وتضامنه وحبّه لمساعدة المحتاج بما تيسر له من الإمكانات المتواضعة جدًا، وفي الوقت نفسه تدخل السرور إلى قلوب الكثير من العائلات والأطفال في الشهر المبارك.
في الختام؛ تبقى هذه المبادرات جيدة ومشكورة؛ ولكنها لا تعفي الدولة من مسؤولياتها أزاء هذه العائلات المتعففة، والتي تحتاج إلى الدعم طوال السنة، وليس في الشهر المبارك وحسب. يبقى الأمل أن ياتي يومٌ تصبح قيه الدولة مسؤولة بكل ما للكلمة من معنى عن مواطنيها، وتقدم لهم برامج رعاية اجتماعية تعينهم على حياة لائقة ومحترمة.