د. زينب صالح الطحان/ خاص موقع أوراق
يحمل يوم القدس العالمي هذا العام أهمية استثنائية؛ بعد مضي 18 شهرًا على عملية "طوفان الأقصى" وتداعياتها على بلدان المنطقة، حيث عشنا حربًا عتيّة فقدنا فيها أعزّ ما منّا الله علينا به، في زمننا، وهو سماحة العشق الشهيد الأسمى السيد حسن نصرالله.
يوم القدس سيفتقد، هذا العام، ذلك الصوت الذي كان يصدح عاليًا يصل إلى عنان السّماء، والذي كان يقول: " لا يحق لأي أحد، سواءً أكان فلسطينيًا أم عربيًا مسلمًا أم مسيحيًا أن يَهب فلسطين أو جزءًا من فلسطين أو القدس أو جزءًا من القدس للصهياينة أو لأي أحد آخر، لغير أهلها. هذه مقدسات الأمة، وهذه الأرض هي ملكٌ للشعب الفلسطيني، وهي ليست ملكًا للجيل الحالي من الشعب الفلسطيني، هي ملك للجيل الحالي وللأجيال المقبلة، ولا يوجد أحد لديه تفويض من الشعب الفلسطيني ومن أجياله المقبلة، ولا يوجد أحد لديه تفويض من الأمة في مقدساتها بأن يَهب ما لا يملك وما لا يملك فيه تفويضًا للصهاينة تحت أي عنوان من العناوين، هذه من الثوابت الحاسمة".
السردية التاريخية في الانتماء إلى المكان وهويته
هذه الثوابت الحاسمة التي حدّدها الشهيد الأسمى هي الجذر الأساسي في تكوين هوية القدس الإسلامية أولًا والعربية ثانيًا؛ إذ إنّ مفهوم الهوية لا يتشكّل خارج إطار الأرض والانتماء إليها، هي منظومة متكاملة من المعطيات المادية والنفسية والمعنوية والاجتماعية تنطوي على نسق من عمليات التكامل المعرفي، وتتميز بوحدتها التي تتجسد في الروح الداخلية التي تنطوي على خاصية الإحساس بالهوية والشعور بها. وقد اتفق العديد من الباحثين على هذا التعريف للهوية. ومن هذا التعريف يرى المفكّر الفرنسي "أليكس ميكشيللي" أن الهوية تتشكّل في ثلاث دوائر:
- دائرة الفرد ضمن مجموعة واحدة، باختلاف أنواع هذه المجموعات، حيث يتمايز الفرد عن ذويه من المجموعة ذاتها بهوية خاصة.
- دائرة المجموعة المتمايزة ضمن الأمة.
- دائرة الأمة المتمايزة بين الأمم الأخرى.
اختصارًا للحديث عن كل بنية من هذه البنيات الثلاث؛ هي تدور في فلك الجماعة المحور، والذي هو من يؤسس للأمة؛ عندما تتحول إلى حيز ديموغرافي كبير يمتد إلى مساحات جغرافية تمتلكها هذه الجماعات الكبرى ذات الثقافة والانتماء والدين الواحد، مع ما يحمله من ثنائيات عرقية ودينية أخرى أقلية لا تطغى على الإجماع العام.
لكن السؤال الجوهري في هذا السياق: هل نحن في دائرة الأمة المتمايزة بين الأمم الأخرى؟
للإجابة عن هذا السؤال؛ أمامنا مساران: الأول؛ لا يمكن إغفال السردية التاريخية الإسلامية التي تأسست بعد وفاة نبي الإسلام الرسول الأعظم محمد (ص) وما بنته من أفق ثقافي- فقهي حمل إرثًا هدم أصول الحضارة الإسلامية من الداخل. والثاني؛ التحوّلات الفكرية الكبرى في فهم القيم الثقافية والأخلاقية ومفرادتها، والتي أتت بها العولمة العالمية المنبثقة من فلسفة ما بعد الحداثة.
أولًا- السردية التاريخية الإسلامية ومفارقتها لسيرة النبي (ص)
إنّ الحديث عن هذا الجانب من التاريخ الإسلامي يتطلب بحثُا أو أبحاثًا مطولة؛ وهو ذو شجون، لكن اختصارًا للمقام؛ نقول حين انقسم المسلمون بعد استشهاد النبي (ص) في مسألة تولّي الخلافة؛ مُنع تدوين الأحاديث الشريفة، وتبعها منع تدوين سيرة الرسول الكريم، فأسس هذا المنع الإجباري، بعد أكثر من مئة عام تقريبًا، توليدًا لسيرة مغايرة في الكثير من محطاتها لحقيقة الواقع، وبُني عليها رؤى فقهية في حقب لاحقة أسست مفاهيم بعيدة عن أصالة الإسلام المحمدي الأصيل، وخصوصًا في ما يتعلق بمفهوم الجهاد والقتال في سبيل الله والدفاع عن المقدسات. أما أمر ما يُسمّى بــــ"الفتوحات الإسلامية"- بحال سألنا أحدهم- فلم يكن جهادًا؛ إنمّا هي نزعة استعلائية من بعض الصحابة والتابعين الذين تولوا أمر المسلمين؛ فغزوا بلدانا آمنة وأجبروا أهلها بحد السيف على اعتناق الإسلام بعدما أمنعوا فيهم قتلا وإرهابا - { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ْ { أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ْ} .. لتمتين ملكهم وتكريس سلطانهم على الولاة والناس. هذا التاريخ القديم أدى إلى ظهور "القاعدة" و"داعش" وغيرهما، ومن "إسلام" أولئك الأوائل خرجت أفكار التعذيب وقطع الرؤوس والقتل بالحرق للمخالفين من المسلمين أو من غير المسلمين...
نعم؛ يستثنى من تلك "الفتوحات" بعضها، والتي شارك فيها عدد من شيعة الإمام عليّ بن أبي طالب بأمر منه، قبل استلامه الخلافة، مثل فتح فارس وأفريقيا، حيث كان هناك خطورة كبرى على بيضة الإسلام وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من سمعة الإسلام حين يدخل تلك البلاد، فكانت وظيفتهم هي المحافظة قدر ما أمكن على أخلاقيات الحرب الإسلامية، وتبليغ الدين الصحيح إلى أهالي البلدان المفتوحة.
امتدادًا لتلك الحقب، أصبح الفقه الشائع والمعمول به بين المسلمين يمنع الثورة على الحاكم الظالم؛ بحجة أنه خليفة الرسول، وحتى لو كانت أعماله وسلوكياته مخالفةً للشريعة الإسلامية؛ فخمدت روح الثورة على الظلم والاضطهاد وتحريف الدين. وقد أسس لذلك منذ عهد معاوية بن أبي سفيان حين أمر بوضع الأحاديث واختلاقها لتؤيد ما يأتي به من أفعال باسم الدين والشريعة، ويسوّغ اغتصابه الخلافة من أهلها.
لذلك؛ نرى عبر التاريخ الإسلامي المديد الرضوخ والاستسلام للأمر الواقع؛ وإلًا ما تحكّم فينا المماليك ثم العثمانيين، والذين دام احتلالهم 400 عام ونيف؛ حين لجأوا إلى تلك "السيرة" المصطنعة لإخماد اعتراض المسلمين وإقناعهم إنهم ولاة الأمر وامتداد لخلافة رسول الله (ص).
تاريخ المسلمين في العصر الحديث؛ ورث كلّ تلك النوائب، وتتابع على حكم بلادنا ولاة أقل ما يقال فيهم إنهم أصحاب سلطة ومال؛ حتى تدهورت حضارتنا ووصلت إلى الحضيض؛ خاصة مع مجيء الاستعمار الغربي وإحكام سيطرته على بلداننا؛ ليقسمها قطعًا قطعًا، ويشرذمها ويخلق فيه أزمات زلزلت كينونة الهوية وأصالتها، حتى وصل الأمر ببعض الحكام العرب أن باعوا فلسطين للاستعمار واليهود بصكوك ما تزال شاهدة عليهم منذ القرن الماضي.
في هذا السياق؛ السؤال: لماذا لا تثور الشعوب العربية على حكامها على الرغم من خيانتهم التاريخية وعمالتهم للاستعمار وانكفائهم عن تحرير فلسطين؟
لقد أسّست المرحلة المملوكيّة ومن بعدها المرحلة العثمانيّة لتخلّف رهيب عرفته مجتمعاتنا؛ فإذا ما استنفد القرن الخامس الهجري الأبعاد التّقدّميّة الّتي تأسّست على الإسلام، جاء القرن السادس الهجري قرن الصليبيّين وما تبعه من قرون مملوكية ثمّ عثمانية لتوقف العقل العربي عن الإنتاج الثقافي المبدع، ولتعطّله إلى حدّ الاستغلاق. وما ظهور بعض العلماء والمفكرين في هاتين المرحلتين المعتّمتين إلّا صيحة في وادٍ. وإذا سلّم العثمانيّون مجتمعاتنا المعطّلة عن التّفكير الجدّي للاستعمار الغربي، إنما أدخلوها في نطاق الهزيمة، ولحقبة ما تزال مفاعيلها قائمة حتّى يومنا هذا. وإذا راقبنا إمكان قيام صراعية داخل ثنائية الهزيمة/ الانتصار في أثناء حضور الاستعمار الغربي في بلادنا، فإنّ محاولات تحرّر بلداننا المجزّأة إلى حدّ التمزق لم تكن محاولات استراتيجية. فقد رتّب الغرب لكل رقعة من هذه الدويلات حاكمًا تابعًا له يؤمّن له هدفين: السّيطرة على المواد الأولية من نفط ومعادن، وجعل البلد سوقًا استهلاكية لمنتوجاته الصناعية.
ببساطة، هو الأمر الواقع الذي أسست له تلك الحقب التاريخية، دينًا محرفًا وثقافيًا قاصرًا وجهلًا مركبًا، أوجد زعماء ينتمون إلى تلك العقلية الرجعية العربية، وأنتج شعوبًا تسير كالنعاج مؤدلجة بعقيدة محرفة، إذ يجهد "علماء الدين" التابعين للسلاطين في إخفاء حقائق الدين، والتي هي في بطون الكتب التي هجرتها الأجيال تباعًا تحت ذريعة هناك من يربيّهم دينيًا ويثقفهم ويوفّر عليهم الاطلاع على تلك الكتب.
ثانيًا- التحوّلات الفكرية الكبرى مع عصر العولمة الاستعمارية الجديد
تعرّفت النخبة العربية الثقافة الغربية، بعد تفكك السلطنة العثمانية أو عشية سقوطها، في ظروف عجزت تلك النخبة عن المشاركة في الإنتاج الثقافي العالمي، فحاولت أن تمتلك المعرفة مع البروز الأكبر للفلسفتين الماركسية والوجودية، ثم مع الأفكار القومية العربية، والتي غذاها الاستعمار الغربي، للمزيد من التفرقة بين المسلمين. لقد نمت المثاقفة العربية مع الغرب خارج سلطة الحكام. وهي، وإن أنشأت لنفسها مؤسسات حزبية وغير حزبية، إلا أنّ هذه المؤسسات لم تمتلك من الأسباب العلمية المعرفية ما يسمح لها أن تنشئ الدّوائر البحثية الجادة المتخصّصة التي تمكّنها من رسم الخطط السليمة الناجحة فتكون البديل الجدّي والفاعل للحكومات المحلية في إقامة النهضة والتقدم؛ فقد بقي التثاقف قاصرًا، ومبهورًا في أغلبه بالنتاج الغربي الثقافي والتبعية له.
تأتي بعد هذا السياق فلسفة ما بعد الحداثة التي راحت تقود مسار العولمة بكل جوانبه؛ والذي أخذ يكتسح العالم بشكل أكثر اتساعًا منذ تسعينيات القرن الماضي. رحنا نشهد، بشكل أكبر، تأزم مسألة الهوية الثقافية، وفي ضوئها جدليات الوعي والتفكك وإعادة البناء في كل مكان على شكل تحديات وجودية تواجه المجتمعات التي تتعرض لمؤثرات نموذج عالمي يعتمد أحدث ما أنتجه العقل البشري من تقنيات تكنولوجية، تتآلف فيها الصور والإشارات والرموز والنصوص المرئية والمقروءة على الشاشات الدائمة البث التي تجتاح الأمكنة. لقد وجدت الثقافات الخاصة بالأمم والشعوب نفسها مكشوفة أمام تدفق الرسائل والمعلومات والمفاهيم والقيم الجديدة التي تجوب العالم على مدار الساعة حاملة معها أبطالًا ورموزًا تقتحم مخيِّلة المشاهد؛ بدءًا برموز الفن والرياضة والأزياء والسينما وصولًا إلى الأعمال والأطعمة وأنماط السلوك والمفردات اللغوية المتكررة.
لقد تمكّن هذا التحول من اختراق الحدود الثقافية للشعوب انطلاقًا من مراكز صناعة وترويج النماذج الثقافية ذات الطابع الغربي، وألغت إمكانات التثاقف خيارًا يعني الانفتاح الطوعي على المنظومات الثقافية المختلفة عبر آليات التأثر والتأثير والتفاعل المتبادل، لمصلحة الاستباحة الكاملة للفضاء الثقافي الذي يعزز قيم الغالب، ويؤدي إلى استتباع المغلوب واكتساح دفاعاته التقليدية، فلا تترك أمامه من خيارات خارج حدود الانعزال أو الذوبان، سوى هوامش محدودة في مواجهة تكنولوجيا الإخضاع وصناعة العقول وهندسة الإدراك لغرض الغلبة الحضارية وكسر الممانعة الثقافية، ودفعها إلى الانكماش والتحول إلى طقوس وأشكال فولكلورية تسجنها في مشاهد الأسطورة والتراث والتاريخ، وتدفعها إلى الغربة الحضارية والخروج من التاريخ.
لقد حطمت العولمة الأيديولوجيا وحولتها إلى سوق لترويج الاوهام فأصبحت أكثر ضبابية وأقل وثوقية ونجحت في زرع القيم الجديدة التي يحتاج إليها ازدهار الأسواق العالمية. إنها أيديولوجيا العولمة التي تفرض على الشعوب اختيارًا مستحيـلًا: إما التقليد الأعمى للغرب الذي يقطعها عن ثقافتها الخاصة، وإما ثورة التشبث بالهوية وأصالتها التاريخية، ولكن من دون أدوات المعرفة وتطورها.
غير أن أهمّ نتاج هذه العولمة الما بعد حداثية، وهي لبوس استعماري حديث، ما أنشأته من "هويات صلبة"، بالمعنى المتشدد ذات الطابع الديني والإثني، نقطة تحول فارقة في سيرورة توحش النظام العالمي الجديد وسعيه الدؤوب لإدامة الإقصاء والهيمنة وإعادة ترسيم الخرائط الهوياتية والقومية من جديد. وشيّدت منطقًا جديدًا وصياغة مستحدثة للنظام الدولي المعولم من جهة ثانية، أصبح معه مفهوم المقاومة والإرهاب عصيًا على التعريف؛ مع أن التبيان بينهما واضح. ولكن كان لا بدّ من خلق هذه الفجوة الثقافية عالميًا في الفهم والتعريف، في الوقت الذي يُعمل فيه على تفتيت السرديات الكبرى لتاريخ الشعوب وتفكيكها إلى ثنائية ضدية متصارعة؛ تمامًا هي لعبة الاستعمار القديم، إنما حاليًا باخترافية أكبر تجند لها كل أشكال التقدم التنكولوجي والتقني. وتمثل قضية الشعب الفلسطيني المستضعف والمحتل ذُروة هذا المشهد الكارثي، والذي لم تتوقف فصوله حتى اليوم، حتى قبل انهيار السلطنة العثمانية بعقود.
إن هذه العولمة زعزعت ثوابت الهويات في كل مكان؛ وخصوصًا في منطقتنا؛ فوجدت هويات فرعية متناحرة لتحصين نفسها والدفاع عن مصالحها؛ وكانت الحصيلة اليوم أن هذا الوعي الهوياتي المزيف والمؤدلج، قد تسيّس وتمذهب، وفي بعض جوانبه تمأسس وتشرعن في أحزاب ومؤسسات أصبحت شريكة في الحكم، ما أنتج نوعًا من "الوعي القطيعي" حيث عصبيات انفجرت، وهويات طائفية ومذهبية وإثنية تضخمت حتى بدأت تتحول إلى سياج لا يسمح للعقل أن يخترقها، ولا لـ «الجماعة» أن تخرج عن طوقه. الهويات المتشظية في الوطن العربي أطاحت الهوية الجامعة وأصبحت محرك العقل الجمعي، وهي أصابته في صميم بنيته، حيث وقعت أنظمة ومنظمات ودول في فخ الوعي الهوياتي – القطيعي المتمذهب، والتي يتغذى في فضائها الخطاب الديني والإثني المتشدد والمتطرف، الذي يشيطن الآخر متناغمًا بذلك مع مقولة صِدام الحضارات، متمددًا بتأثيراته إلى مختلف أنحاء العالم.
بناء على كلّ ما تقدّم؛ لا يمكن فصل أبعاد يوم القدس العالمي الذي حدده الإمام الخميني الراحل، في أخر يوم جمعة من شهر رمضان، عن هذا السياق التاريخي للأمة؛ فهو يعيد منصة الوعي عند الجماهير الإسلامية إلى أولويات هويتها، والتي من ركائزها بيت المقدس عبر الآف العقود. إذ إنّ بيت المقدس والمسجد الأقصى يوحّدان المسلمين جميعًا تحت رايته، ويجب أن يشحذ فيهم قوة الحركة للمبادرة في خلع الملوك والزعماء الخانعين عن عروشهم والمضي قدمًا لاسترجاع كرامتنا وعزتنا. وهذا الأمر لا يمكن تحققه إلا بامتلاك أصول المعرفة والعلم وأدواتهما، والعودة إلى حقيقة الدين المحمدي الأصيل، والذي هو سفينة النجاة في الدنيا والآخرة. من هنا؛ ندرك سبب محاربة الاستكبار العالمي لجمهورية إيران الإسلامية ومنعها من امتلاك أسباب المعرفة والعلم حتى لا تعيد إلى العالم توزانه وتحقق العدالة بين الشعوب.
لذلك؛ الأمر تمامًا مثلما قال ذات يوم سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي(رض) :"الأمة الإسلامية مدعوة لإعادة قضية فلسطين إلى موقعها التاريخي والحضاري؛ حيث تترسخ قضيةً مركزية لكل الوطن الإسلامي".
ختامًا
مع كلّ ما تقدّم؛ ما يزال الأمل معقودًا على يقظة الشعوب ونهضتها من كبوة الجهل المركب، والذي أسس لها مع تلك الحقب التاريخية؛ إذ نشهد في الحقيقة وعيًا متزايدًا في هذا الجانب؛ وبالتحديد ما لا يمكن أن تلاحظه إلا عبر ما يجري من مناظرات دينية وثقافية جدية على مواقع التواصل الاجتماعي والعديد من المحطات المتلفزة في بعض الدول العربية.
هذا الأمل بهذه الجماهير يؤكده شهيدنا الأقدس السيد نصرالله؛ حين يقول في يوم القدس العالمي في العام 2020:" إذًا نحن نمضي إلى العام الجديد، إلى يوم القدس الآتي -إن شاء الله- بآمال كبيرة وتوقعات كبيرة وإمكانات أيضًا كبيرة؛ على الرغم من أن الكثير في عالمنا العربي والإسلامي من الحكومات والدول تقف جانبًا؛ لكن نحن على ثقة بأنّ شعوبنا العربية والإسلامية تدعم هذا المحور وهذا المسار. وعندما تتوفر الفرصة لهذه الشعوب كي تعبر عن نفسها، وأن تحضر وتدعم تباشر، سيكون الانتماء المباشر لهذا المحور، نحن واثقون؛ لأن الخير في هذه الأمة إلى يوم القيامة".