حسام بندر/جريدة الأخبار
لم يكن «حزب الله» يومًا، منذ انطلاقته في العام 1982 وعلى امتداد مسيرته، بعيدًا من استلهام الإرث الشيعي، وأبرز محطاته ملحمة كربلاء التاريخية، دفاعًا عن قيم الحق والإنسانية.
إذا كانت عبارة «كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء» ومدلولاتها لا تحتاج إلى شرح وتفسير، فإن الحرب الأخيرة بمجرياتها القاسية وتضحياتها الكبيرة كانت الأقرب إلى ذلك النموذج التاريخي والأدعى إلى استلهامه، حتى بات استحضار واقعة الطفّ وإسقاط أحداثها على الواقع المعاصر بداهة تجري يوميًا على ألسنة الناس العاديين كما في حلقات النقاش المتخصصة والتحليلات السياسية والمحاضرات الدينية.
من التفاوت الواضح في الإمكانات بين معسكرَي الحق والباطل، تبدأ التقاطعات، ولا تنتهي باستشهاد القائد عن وعي وإدراك مسبق لما هو مقدم عليه، مرورًا ببسالة المقاتلين وتسابقهم إلى الشهادة، وانتقام العدو من النساء والأطفال لترسيخ وأد فكرة مقارعة الظلم إلى الأبد، وصولًا إلى العتو الذي أعقب المعركة ونصرها الموهوم، وتجلى في تجرؤ يزيد على قصف الكعبة بالمنجنيق، كما في مواصلة إسرائيل حربها بأشكال مختلفة في غزة ولبنان.
اليوم، بعد صمودٍ أسطوري للمقاتلين في الخيام وعيتا الشعب وشمع، وعلى امتداد الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، أحبط مخططات العدو وأجبره على الانكفاء والسير باتفاق وقف إطلاق النار والبحث عن أشكال وآليات بديلة لعدوانه، مسنودًا بدور إعلامي خبيث يعمل دون كلل على تشويه صورة قوى المقاومة وحركاتها، هل نخوض حربنا الإعلامية المكمّلة لما بدأه أولئك الرجال على أكمل وجه وفق أدوات زماننا الحاضر؟
جبهة في معركة الوعي
الحقيقة أن المسؤولية كبيرة، بحجم التضحيات العظيمة التي بُذِلَت، ورغم تزاحم التحديات أمام أهل المقاومة من إعادة بناء القدرة العسكرية ودعم صمود الأهالي من خلال الإسهام في ملف تعويضات الإيواء والترميم وإعادة الإعمار، في ظل حصار داخلي وخارجي، فإن الإنتاج الفني بشتى أنواعه ليس ترفًا، وتخصيص ميزانيات معقولة له ليس هدرًا، والالتفات لأهميته ليس تضييعًا للأولويات.
ليعد الإنتاج الدرامي والموسيقي والأدبي المقاوم صدىً لصوت المعركة، ولتشكَّل لجان من متخصصين يمتلكون الكفاءة والمعرفة لمساندة المؤسسات الموجودة عند الحاجة، ولتعد مسارحنا وشاشاتنا واستديوهاتنا صادحةً باسم المقاومة، كي تكون جبهةً أولى في معركة الوعي، على طريق النصر النهائي العظيم.