اوراق مختارة

العدوان على الضاحية يُسقط الشعارات والعنتريات!!.. 

post-img

غسان ريفي (سفير الشمال)
  
لم يقتصر العدوان "الإسرائيلي" الذي طال الضاحية الجنوبية من دون أي مبرر يوم أمس على خرق اتفاق وقف إطلاق النار والقرار ١٧٠١ من قبل العدو، بل تعداه ليظهر العجز الكامل للدولة اللبنانية أمام العربدة الصهيونية وعدم قدرتها على تحريك الدولتين الراعيتين للاتفاق أميركا وفرنسا للتدخل، ولا على كسر جمود لجنة المراقبة الدولية التي تحولت إلى شاهد زور، ولا اللجنة الخماسية التي تتدخل في كلّ الشؤون اللبنانية باستثناء ما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي.

لم تستطع بيانات الاستنكار التي صدرت من الرئاسات ومن وزارة الخارجية أن تغطي عجز الدولة أو على التواطؤ الحاصل بين أميركا و"إسرائيل" التي أعلنت هيئة بثها أنها أبلغت الولايات المتحدة بالغارة التي شنّتها على الضاحية الجنوبية ما يطرح المزيد من الأسئلة حول نزاهة الوسيط الأميركي وعن شروطه التي تمليها مورغن أورتاغوس على السلطة اللبنانية لا سيما سحب السلاح في ظل استمرار الاحتلال وتنامي الاعتداءات على مختلف المناطق من الجنوب إلى البقاع إلى العاصمة بيروت.

يمكن القول إن "إسرائيل" “كذّبت الكذبة وصدّقتها”، فأعلنت أنها رصدت أسلحة وصواريخ في الهنغار في الحدث، وأنذرت السكان ثمّ أطلقت مقاتلاتها ثلاثة صواريخ ليتبين أمام الرأي العام وعبر وسائل الإعلام التي كانت تبث الاعتداء على الهواء مباشرة أنه لا يوجد أسلحة ولا صواريخ. وأن الأضرار التي حصلت كانت ناتجة فقط عن العدوان ولم يسمع أي كان أصوات تفجيرات غير دويّ الغارة التحذيرية ومن ثمّ الصاروخين.

واللافت، أن ما بين التحذير والاعتداء نحو ساعة كاملة لم تستطع السلطة السياسية فيها من إقناع أي جهة دولية للضغط على "إسرائيل" كما لم تتحرك ميدانيًّا في إرسال الجيش إلى الهنغار والتأكد من المزاعم الإسرائيلية، علمًا أن الاتفاق يؤكد على مسؤولية الدولة وعلى ضرورة أن تبلغ "إسرائيل" لجنة المراقبة الدولية عن أي تحرك يهدّدها واللجنة بدورها تبلغ قيادة الجيش، إلا أن العدوّ ضرب كلّ ذلك بعرض الحائط وانتظرت السلطة السياسية والسلطة العسكرية والمواطنون ساعة كاملة لحصول العدوان من دون أن يتمكّن أحد أن يوقفه أو يثني العدوّ عن ارتكابه.

وبدا واضحًا أن رئيس الحكومة نواف سلام ووزير الخارجية يوسف رجي كانا غائبين عن السمع، ليتولى رئيس الجمهورية جوزاف عون اتصالات مع الجهات المعنية لكنّها لم تثمر ما يدحض كلّ الشعارات الأميركية حول دعم العهد والحفاظ على استقرار لبنان وأمن وسلامة اللبنانيين.

العدوان "الإسرائيلي" الجديد على الضاحية الجنوبية جاء بالتزامن مع الجولة الثالثة من المفاوضات الأميركية الإيرانية حول الملف النووي في سلطنة عُمان، وبالتالي هي تعكس مخاوف العدوّ ورئيس حكومته بنيامين نتنياهو من نتائجه التي تتّجه نحو الإيجابية، لذلك فهو يريد فرض المزيد من الضغط على أميركا التي تبيع وتشتري في المنطقة وتسمح وتمنع لتحقيق مصالحها، في ما لبنان يغرق بالتبعية العمياء وتنفيذ الإملاءات والشروط لإرضاء الأميركي الساعي بدوره إلى إرضاء الإسرائيلي.

لا شك في أن العدوان "الإسرائيلي" قد وضع الجميع في خانة “اليك” ولا سيما وزير الخارجية يوسف رجي الذي كان ولا يزال يبرر الاعتداءات الإسرائيلية ويخالف التوجّه العام للسلطة السياسية، ويدفن رأسه في التراب كالنعامة أمام التدخلات والانتهاكات الأميركية ويمارس العنتريات على جهات أخرى من دون أي مبرر، كما أسقط العدوان مقولة سحب السلاح قبل الانسحاب "الإسرائيلي" الكامل وتنفيذ القرارات الدولية وكذلك امتلاك الدولة لقرار الحرب والسلم، حيث تبين أن الدولة لا تملك حتّى حق الدفاع عن نفسها أمام العدوّ الذي وحده يمتلك قرار الحرب والسلم ولا يقيم وزنا لأحد، ولا يفهم سوى لغة القوّة ومنطق المقاومة التي يبدو أنها لن تنتظر طويلا.


 

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد