تتّحد السينما هذا العام مع ذاكرة النكبة في لحظة رمزية فارقة، إذ تنطلق غدا الخميس فعاليات الدورة التاسعة من مهرجان العودة السينمائي الدولي، في خمس عشرة دولة حول العالم، تحت شعار «انتظار العودة… عودة»، في مناسبة تتزامن مع إحياء الذكرى السابعة والسبعين لنكبة الشعب الفلسطيني، لتؤكد من خلال الفن السابع أن حق العودة ليس مجرد حلم، بل وعد لا يسقط بالتقادم.
ينعقد المهرجان برعاية وزارة الثقافة الفلسطينية، بالتعاون مع مؤسسات ثقافية ومجتمعية في عواصم ومدن عربية وأجنبية، ليحمل رسالة موحدة تقول إن الفلسطينيين في الشتات، كما في الوطن، متمسكون بحقهم في العودة، مؤمنون بأن الثقافة والفن هما سلاحا الوعي ومقاومة النسيان.
في القاهرة، تنطلق الفعاليات في دار الأوبرا المصرية، بالتعاون مع الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وجمعية الفيلم، وصندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة المصرية. كما تستضيف العاصمة البريطانية لندن، وتحديدًا مدينة شفيلد، عروضًا مخصصة ضمن تعاون مثمر مع «حملة التضامن مع الشعب الفلسطيني».
أما في فرنسا، فتحتضن باريس عروضًا ونقاشات بالشراكة مع «الاتحاد العام للكتاب والصحافيين العرب في أوروبا» ومجلة «كل العرب»، حيث سيتم عرض أفلام وثائقية ودرامية تتناول محطات نضال الشعب الفلسطيني، يليها نقاشات بمشاركة مثقفين وأكاديميين عرب وأوروبيين، تأكيدًا على حضور القضية في الضمير العالمي.
في الولايات المتحدة، ينظم فرع المهرجان بمدينة هيوستن بالتعاون مع منظمة «أطفال بلا حدود»، فيما تحتضن جامعة سان فرانسيسكو فعاليات خاصة بالتعاون مع البرنامج الأكاديمي لدراسات الجاليات العربية والمسلمة، في تأكيد على أهمية الذاكرة الفلسطينية في الخطاب الأكاديمي المعاصر.
على امتداد المغرب العربي، يشارك المهرجان في تونس بالتعاون مع دار الشباب في حمام الأنف والمركز الثقافي والرياضي للشباب، وفي الجزائر عبر تعاون مع جمعية الإخوة الفلسطينية الجزائرية والسفارة الفلسطينية، بينما تُقام عروض في ليبيا بالتنسيق مع الهيئة العامة للسينما والمسرح والفنون.
كما تحتضن تركيا فعاليات المهرجان عبر شراكة مع جمعية «غصن الزيتون»، بينما تقام العروض في صربيا بالتعاون مع السفارة الفلسطينية، في انعكاس لحجم التفاعل الدولي مع القضية الفلسطينية من خلال بوابة الفن.
ولا تغيب فلسطين عن المشهد، بل تبقى القلب النابض للمهرجان؛ ففي غزة تُعرض الأفلام بالتعاون مع قناة «طلائع فلسطين»، وفي الضفة الغربية تقام الأنشطة في جامعة دار الكلمة في مدينة بيت لحم، لتكون الرسالة من قلب الوطن أقوى وأكثر رسوخًا.
يشارك في هذه الدورة 333 مخرجًا من 43 دولة، ما يعكس مدى اتساع التضامن العالمي مع فلسطين، وتحول السينما إلى منبر عالمي لحكاية شعب يعاني من الاحتلال والاستيطان، ويؤمن بالكرامة والحرية.
يمنح المهرجان هذا العام عددًا من الجوائز النوعية، أبرزها «مفتاح العودة» لأفضل فيلم عن قضية الأسرى، وجائزة أفضل فيلم عن حق العودة، إلى جانب جائزة السلام العمانية المقدّمة من المخرج خالد الزدجالي، لأفضل فيلم يتناول قضية القدس. كما تحمل جائزة أفضل إخراج اسم المخرج الراحل حاتم علي، في تكريم رمزي لمسيرته الفنية الداعمة للقضية الفلسطينية.
المهرجان لا يكتفي بعرض الأفلام فحسب، يقدم أيضًا ورشات حوارية وندوات ثقافية وفكرية، تسلط الضوء على دور السينما في حفظ الذاكرة الجماعية وتشكيل الوعي. فكل فيلم يُعرض هو بمثابة شهادة تاريخية، ومساهمة فنية في معركة طويلة من أجل العدالة.