اوراق خاصة

صناديق البلديّة تسقط الرهانات.. بيئة المقاومة أكثر تمسكًا بها

post-img

حسين كوراني/ خاص موقع أوراق

أعطت نتائج الانتخابات البلديّة والاختيارية في جولاتها السابقة مؤشّرات ودلالات يبنى على مقتضاه خاصة في ملعب بيئة المقاومة. إذ تمكّن الثنائي الوطني وتحديدًا حزب الله، من تحصين بيئته في بلديّات البقاع وضاحية بيروت الجنوبية وأيضاً في بيروت، حيث قدّم نفسه رافعة لا مفرّ منها في العاصمة لحماية المناصفة، وهذا بدوره يجعل رهانات الغرب على فرض التغيير في برلمان 2026 صعبًا جدًا.

يبدو أنّ المجتمع الدولي راهن على الجولة الثالثة من الانتخابات في البقاع وفي بعلبك ـ الهرمل تحديدًا، التي كانت أكثرها أهمّية بالنسبة له، كونها الاختبار السياسي الأوّل والحقيقي لعلاقة حزب الله مع محيطه الشيعي بعد كلّ الأحداث الكبيرة التي حصلت منذ اندلاع حرب الإسناد. ومع ذلك، كانت "البروفا" الأولى في البقاع ناجحة بالنسبة للحزب، حيث تمكّن من تطويق معاقله البلديّة، ليثبت بالورقة والقلم، وبالأرقام الدامغة، أنّ الضغط الذي يُمارس عليه لن يزيد ناسه إلّا تصلّبًا وتشدّدًا في مساندته والوقوف إلى جانبه.

لكن الاختبار المفصليّ للانتخابات البلدية سيكون السبت في الجنوب الجريح، مع توقع فوز حزب الله بالتحالف مع حركة أمل في غالبية البلديات، وقد يكون من أهم أسباب التصعيد الإسرائيلي عشية الانتخابات، أن العدو تلمّس ذلك بعدما كان يراهن على تراجع شعبية الحزب لتأتي النتيجة مغايرة في الانتخابات السابقة.

وفي هذا السياق، تبيّن الوقائع التي عكستها أرقام صناديق الاقتراع أنّ سلسلة الضربات التي تعرّض لها حزب الله، والتي كان يُعتقد أنّها ستساهم في تفكيك بنيته التنظيمية، لا سيما الاجتماعية، وانقلاب بيئته ضدّه، انعكست مفاعليها بشكل إيجابي عليه، على نحو فاجأ الدبلوماسية الغربية المعنيّة بالملفّ اللبناني، بحسب المحللين.

أكثر من ذلك، ثمّة من يعتقد أنّ الأحداث الدموية التي تعرّضت لها الأقليّات في سوريا رفعت من منسوب المخاوف لدى الكثير من بيئة المقاومة، لا سيما أبناء البقاع والهرمل وبعلبك من المحيط القريب، فزادت مبرّرات تمسّكهم بالسلاح تحت عنوان الحماية. 

ويجعل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في التلال الخمس في الجنوب وتواصُل الاعتداءات اليومية من مسألة سلاح الحزب حاجة ماسّة لا يجوز التخلّي عنها، بنظر الكثير من اللبنانيين وخاصة من الطائفة الشيعية، في هذه الظروف الصعبة.

كلّها عوامل حيّة لا يمكن نزعها من صناديق الاقتراع التي ستُفتح في الانتخابات النيابية المقبلة ومن المرجّح أن تلعب دوراً مؤثّراً في النتائج، بشكل يحول دون تحقيق أيّ خرق في صفوف المقاعد الشيعية الـ27، فيحول الثنائي دون تسرّب أيّ نائب من تحت عباءته، وهذه مسألة بالغة الأهمّية بالنسبة له، كما للمجتمع الغربي الذي يراهن على إحداث خرق، ولو أحاديّاً لتغيير موازين القوى في البرلمان أوّلاً، ثمّ في تأليف الحكومات ثانياً. ولكن يبدو أنّ ما أنتجته صناديق البلديّة أسقط الرهانات على انقلابات منتظرة في صيف 2026.

وعليه، ليست العملية الانتخابية الجارية في نظر الثنائي الوطني مجرد استحقاق إداري دوري، بل هي أصبحت فعل سيادي بامتياز، يعبّر، بحسب مصادر في الثنائي عن الإرادة الحرة لجمهور واسع يرفض الرضوخ للتهديد، ويصرّ على الإمساك بمفاصل حياته العامة، مهما كان الثمن. ورغم التهديدات الأمنية التي فَرضت إعادة توزيع مراكز الاقتراع حرصًا على سلامة الناخبين، لم يتراجع الإقبال الشعبي، بل ازداد تمسكاً بالمشاركة.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد