أوراق إعلامية

"#غزة_تموت_جوعًا" يوثّق المجاعة في ظل الإبادة الإسرائيلية

post-img

شهد وسم "#غزة_تموت_جوعًا" تفاعلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، في صرخة أطلقها فلسطينيون من داخل القطاع المحاصر، توثّق الجوع الكارثي الذي ينهش أجساد المدنيين، في ظل حرب إبادة جماعية ترتكبها إسرائيل بدعم أميركي.

امتلأت منصات "إكس" و"فيسبوك" و"إنستغرام" بمنشورات مؤلمة ومقاطع مصوّرة تظهر أطفالًا ونساءً وشيوخًا يعانون الجوع والهزال وسط مشاهد الخراب، في وقت تتعالى فيه أصوات من داخل غزة وخارجها مطالِبةً بتدخّل عاجل لفتح المعابر والسماح بإدخال الغذاء.

لم يعد في مقدور الفلسطينيين اليوم توفير الحدّ الأدنى من مقوّمات البقاء، إذ فقدت الغالبية الدقيق اللازم لصناعة الخبز، بينما ترتفع أسعار الكميات القليلة المتوفرة في السوق السوداء بشكلٍ لا يتيح للفلسطينيين الجائعين الحصول عليها. ومنذ 2 مارس/آذار 2025، تغلق إسرائيل جميع المعابر مع القطاع وتمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية، ما سبّب تفشّيَ المجاعة داخل غزة.

أطفال على حافة الهلاك

في أحد المقاطع المتداولة، تظهر طفلة صغيرة تبكي أمام ركام منزل مدمّر وهي تقول: "يكفي الحديث عن الصبر وكأنّنا لسنا بشرًا، نحن جوعى ومشتاقون للخبز وللحياة". وفي فيديو آخر، يسأل مصوّر طفلًا مصابًا عن حاله وهو على سرير في المستشفى، فيردّ والدموع تملأ عينيه: "جوعان".

تُظهر صور أخرى أجساد أطفال هزيلة بارزة العظام، وشيوخًا لا يقوون على الوقوف من شدّة الوهن، فيما تصف سيدة حالها، وهي تنتظر أمام "تكية" (جمعية خيرية) للحصول على وجبة، قائلة: "اختنقنا من التنقّل من تكية إلى أخرى، نبحث عن لقمة خبز ولا نجد ما نأكله. ما هو ذنبنا؟!"

صرخات من داخل غزة

كتب الصحافي الفلسطيني أنس الشريف، عبر منصة إكس: "لا صوت يعلو الآن فوق صوت البطون الخاوية، ولا حديث يسبق صرخة الجوع في شوارع غزة"، مضيفًا: "الجوع أوجع الكبير قبل الصغير".

أما المحامي يحيى سهيل، فكتب على صفحته في "فيسبوك": "أنا أبكي على وضع الناس قبل وضعي. جوعانين يا عالم". وفي منشور آخر، أضاف: "الجوع ينهش الأرواح قبل الأجساد... ما أصعب شعور العجز والجوع والخذلان والقهر".

كتب المدير العام لوزارة الصحة في غزة، منير البرش، عبر "تليغرام": "في غزة، لم يعد الطعام حقًّا، بل صار أمنية مؤجّلة، تتكرّر كل ليلة على شفاه الأمهات، وترتسم في عيون الأطفال الذين ينامون جياعًا يحتضنون الهواء بدل الحليب، ويحلمون برغيف خبز كما لو أنه كنز مفقود". وأضاف البرش في منشوره السبت: "في غزة، الجوع لا يقرع الأبواب، بل يسكن البيوت، ويأكل من أعمار الناس، ويطحن كرامتهم تحت وطأة النسيان العالمي".

أكد أنّ الخبز بات "عملة نادرة في غزة"، بينما لا يشكّل حليب الأطفال المفقود غذاءً فحسب، بل "هو وعد بالحياة أجهضه الحصار، وصار حلمًا مستحيلًا في فم طفل يحتضر على سرير الطوارئ".

الجوع كما رسمته الريشة

في تعبير فني موجع، نشر رسام الكاريكاتير كامل شرف رسمة لخريطة قطاع غزة وقد بدت كأنّها وعاء فارغ من الطعام، في إشارة إلى شحّ الغذاء وانعدام الأمن الغذائي الذي يضرب القطاع المحاصر.

لم يقتصر التفاعل مع الوسم على الداخل الغزّي؛ إذ شارك نشطاء من مختلف الدول العربية والغربية في الحملة، داعين المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لفتح المعابر فورًا، والسماح بدخول الغذاء والدواء إلى من تبقّى من الفلسطينيين في غزة، الذين يعيشون واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث.

تحذيرات من موت جماعي

سبق أن حذّرت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة من "احتمال تعرّض مئات الفلسطينيين المجوّعين للموت"، عقب تدفّق أعداد غير مسبوقة إلى المستشفيات بحالتي إعياء وإجهاد شديدين.

قالت الوزارة في بيان الجمعة: "أعداد غير مسبوقة من المواطنين المجوّعين من كافة الأعمار تصل إلى أقسام الطوارئ في حالة إجهاد وإعياء شديدين". وأضافت: "مئات من الذين نحلت أجسادهم سيكونون ضحية للموت المحتم، نتيجة الجوع وتخطّي قدرة أجسادهم على الصمود".

في بيان لاحق صدر السبت، أكدت الوزارة أنّ القطاع يمرّ "بحالة مجاعة فعلية، تتجلّى في النقص الحاد بالمواد الغذائية الأساسية، وتفشّي سوء التغذية الحاد، وسط عجز تام في الإمكانيات الطبية لعلاج تبعات هذه الكارثة".

ضحايا المجاعة في ازدياد

أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الجمعة، أنّ عدد الأطفال الذين تُوفّوا بسبب سوء التغذية ارتفع إلى 69 طفلًا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأضاف أنّ عدد الوفيات في صفوف الفلسطينيين بسبب نقص الغذاء والدواء ارتفع أيضًا إلى 620 شخصًا منذ التاريخ نفسه.

أشار إلى أنّ 650 ألف طفل معرّضون للموت بسبب سوء التغذية والجوع، فيما تواجه نحو 60 ألف سيدة حامل خطرًا حقيقيًّا جراء انعدام الغذاء والرعاية الصحية اللازمة.

منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشنّ إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلةً جميع النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وقد خلّفت هذه الإبادة، بدعم أميركي، أكثر من 199 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلًا عن أكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد