أوراق ثقافية

«بركان الفرات» تهدّد المثل السوري باسم ياخور... يا فرحة ما تمّت!

post-img

أثارت عودة الممثل السوري باسم ياخور إلى دمشق جدلًا واسعًا، وسط انقسام حاد بين من رأى فيها زيارة شخصيةً وفنية لا تحتمل التأويل السياسي، وبين من اعتبرها مؤشرًا إلى مرحلة جديدة من الانفتاح الرسمي تجاه الفنانين، بعد سنوات من الملاحقة والاعتقال والإبعاد بسبب المواقف السياسية في بلد لا تزال جراحه مفتوحة.

ياخور، المعروف بمواقفه المؤيدة للنظام السوري السابق، دخل البلاد عبر مطار دمشق الدولي، وظهر في صور انتشرت بكثافة، خلال لقاء جمعه بعدد من الفنانين والمنتج محمود شلش في أحد مطاعم العاصمة السورية. وسرعان ما وُصفت زيارته إعلاميًا بـ«العودة الفنية»، بتنسيق مع لجنة صناعة الدراما، في وقت تبقى فيه طبيعة هذه العودة غير واضحة: هل هي زيارة عمل سريعة أم تمهيد لاستقرار من أجل إنتاج عمل فني جديد؟

عودة بطل «ضيعة ضايعة» شكّلت حدثًا لافتًا في الوسط الفني، رآها بعضهم مؤشرًا إلى تحوّل في تعامل السلطة مع أصحاب المواقف المختلفة. وعلّق متابعون بالقول: «دخول باسم ياخور أو غيره من دون محاسبة دليل على تعافي البلد من عقلية الاعتقال التعسفي والتهم الجاهزة». في المقابل، تساءل آخرون: «إذا ما عليه أحكام، من شو خايف؟

الشعب لازم يتقبل الرأي الآخر بلا هستيريا أو تشبيح». لكن «يا فرحة ما تمت»، فقد لقيت الزيارة اعتراضًا حادًا من بعض الناشطين المعارضين على منصات التواصل الاجتماعي، ممن يتبنّون نهجًا إقصائيًا شبيهًا بالموقف الذي اتخذه النظام السابق ضدهم.

إذ رأى ناشطون أن عودة ممثل لم يعتذر عن مواقفه خلال سنوات الحرب، بل عبَّر بوضوح عن عدم تأييده للسلطة السورية الجديدة أو تجريمه للنظام السابق، تمثّل «استخفافًا بدماء الضحايا»، و«إعادة تدوير لوجوه لعبت دورًا في تسويق السردية الرسمية على حساب الحقيقة».

لم يتوقف التصعيد عند حدود الانتقاد الشعبي، بل تجاوزه إلى تهديد مباشر، بعد تداول بيان منسوب إلى مجموعة مسلحة تُدعى «بركان الفرات»، توعّدت ياخور بـ«إجراءات حاسمة» إن لم يغادر سوريا خلال 48 ساعة. واتهم البيان، الذي وقعه شخص يطلق على نفسه «القائد العسكري أبو إبراهيم السوري»، الفنان السوري بالتشبيح والتحريض على المعارضة، إلى جانب دعمه ميليشيات مرتبطة بإيران.

ورغم تعذّر التحقق من صحة البيان أو الجهة التي تقف وراءه، إلا أنّ انتشاره الواسع على منصات الناشطين أضفى على القضية بعدًا أمنيًا خطيرًا، خصوصًا أنه سبق لمجموعة «بركان الفرات» تبنّي هجوم على مطار حميميم الموجود تحت سيطرة روسية، وأعلنت حينها عن مقتل اثنين من مقاتليها في الهجوم قبل يومين.

من جهته، تجاهل ياخور التهديدات، وواصل نشر مقاطع مصوّرة من شوارع دمشق ومطاعمها، بما في ذلك جولة بسيارة برفقة أحد المنتجين في ساحة الأمويين، معبّرًا عن سعادته بالعودة إلى «بلده الأم».

في ظل غياب أي تعليق رسمي من الفنان أو من الجهات السورية المعنية، أعاد ناشطون نشر مقاطع قديمة له يهاجم فيها الفصائل المسلحة ويصفها بـ«الفراطة»، مشيدًا بـ«محاربة الإرهاب»، إلى جانب مقابلات أعلن فيها خوفه من سقوط النظام، واعتباره ما جرى في البلاد «مشروع تقسيم» تواجهه الدولة.

بين مؤشرات الانفتاح والتهديدات العلنية، يبقى المشهد ضبابيًا: هل تمثل هذه العودة بداية مرحلة جديدة من التسامح والانفتاح؟ أم أنها مجرّد لحظة عابرة في مشهد ما يزال محكومًا بإرث سياسي ثقيل يصعب تجاوزه، خصوصًا أنها جاءت بعد عمليات إقصاء لعدد كبير من الفنانين؟

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد