أصدرت الهيئة التنفيذية في "مجلس النواب اليهود البريطانيين"، مساء يوم الثلاثاء، بيانًا عن انتقاد عدد من أعضاء المجلس لحكومة العدو الإسرائيلية خلال حرب الإبادة الجماعية على غزة، أعلنت فيه تعليق عضوية خمسة نواب في المجلس لمدة عامين، ما يعكس زيادة الانقسام داخل الجالية اليهودية في بريطانيا بسبب الحرب على غزة. وأفاد بيان الهيئة التنفيذية أن جميع الموقعين الـ36 على رسالة مفتوحة نُشرت في إبريل/ نيسان ضد الحكومة الإسرائيلية، انتهكوا مدونة قواعد سلوك مجلس النواب، وذلك بعد تحقيق استمر شهرين.
يُعدّ مجلس النواب اليهود البريطانيين، والذي أسس في العام 1760 لتمثيل اليهود في بريطانيا، هيئة مناصرة لــ"إسرائيل"، وقد أصدر عددًا من البيانات بعد بدء حرب الإبادة الجماعية على غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 اعتُبرت داعمة بشكل كبير لإجراءات الحكومة الإسرائيلية، فيما يرفض العديد من اليهود البريطانيين تمثيل المجلس لهم، ويشاركون بشكل فعّال في نشاطات حملة التضامن مع الشعب الفلسطيني.
رفض عدد من أعضاء مجلس النواب اليهود البريطانيين ممارسات حكومة الاحتلال الإسرائيلية والفظائع التي ترتكبها بحق الفلسطينيين والتي يُنظر فيها في محكمة العدل الدولية، وعبّروا عن موقفهم في بيان صدر في أعقاب خرق "إسرائيل" لاتفاق وقف إطلاق النار، قالوا فيه إن "روح إسرائيل تُمزَّق" بفعل العمل العسكري الذي تجدَّد في مارس/ آذار، وأنه لم يعد بإمكان الموقعين "غض الطرف أو التزام الصمت" حيال هذه القضية.
جاء في بيانهم الصادر في شهر إبريل/ نيسان الماضي عبر صحيفة "فاينانشال تايمز": "يُنظر إلى الصمت على أنه دعم لسياسات وإجراءات تتعارض مع قيمنا اليهودية"، مُعربين عن تضامنهم مع عائلات المحتجزين الإسرائيليين الذين ما زالوا في غزة و"المئات والآلاف" من الإسرائيليين المحتجين على حكومتهم بقيادة بنيامين نتنياهو، مؤكدين أن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي "الأكثر تطرفًا، تشجع علنًا العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وتخنق الاقتصاد الفلسطيني، وتشيّد مستوطنات جديدة أكثر من أي وقت مضى". وقال الموقعون: "نحن نقف ضد الحرب... من واجبنا، كيهود، أن نعبّر عن رأينا".
قال عضو المجلس فيليب غولدنبرغ في حينه، في تصريحات صحافية لـ"بي بي سي"، أثارت عاصفة من الانتقادات الداخلية: "انظروا، كان من الممكن أن تنتهي هذه الحرب ويُطلق سراح الرهائن. لقد أحياها نتنياهو عمدًا لجذب بعض العنصريين المتطرفين المتعصبين إلى حكومته ليحافظ على أغلبيته، حتى لا يفقد منصبه. الأمر بهذه البساطة".
جاء في نتائج لجنة التحقيق الداخلية للمجلس حول هذه القضية، مساء الثلاثاء: "العديد من وسائل الإعلام والأفراد وغيرهم من أصحاب المصلحة في المجتمع فهموا في البداية الرسالة على أنها بيان صادر عن المجلس. إن مدونة قواعد السلوك الخاصة بالمجلس تُلزم النواب بعدم تحريف موقف المجلس وعدم الإساءة إلى سمعة المؤسسة".
خلصت لجنة التحقيق بالإجماع إلى أن الموقعين الـ36 انتهكوا المدونة. وبعد دراسة نتائج اللجنة، قررت الهيئة التنفيذية للمجلس إرسال "إشعار انتقاد" إلى 31 من الموقعين الـ36. ولكن أوقف خمسة نواب عن عضوية المجلس لمدة عامين، وعند الاقتضاء، عزلهم من مناصبهم المنتخبة. وفي ثلاث حالات، يمكن تخفيض مدة الإيقاف إلى ستة أشهر "بموجب اعتذار للأطراف المتضررة"، وفقًا للمجلس.
كما قال مايكل ويجير الرئيس التنفيذي لمجلس النواب اليهود البريطانيين: "نحن منظمة ديمقراطية نرحب بالنقاش والتنوع وحرية التعبير. تعتمد إدارة تنوع الآراء داخل منظمتنا على مدونة قواعد السلوك لدينا. تضمن هذه المدونة عدم تسبب النواب في سوء فهم حول موقف المجلس أو أعضائه، وعدم الإساءة إلى سمعة المؤسسة، ومعاملة بعضهم البعض والمؤسسة باحترام".
بدأ المجلس تحقيقه بعد تلقيه عددًا من الشكاوى بشأن الرسالة، جاءت من أعضاء الكنيس اليهودي المُتحد، وهي أكبر طائفة يهودية في المملكة المتحدة، فيما ينتمي معظم الموقعين على الرسالة، الذين يزيد عددهم قليلًا عن 10% من المجلس، إلى الطوائف الإصلاحية أو الليبرالية أو المسورية، ويُعتقد أنهم تلقوا موجة من الإساءات الكتابية بسبب انتقادهم حكومة بنيامين نتنياهو.
تعكس رسالة المعارضين الـ36 انقسامًا عميقًا داخل الجالية اليهودية البريطانية، التي يقل عدد سكانها عن 300 ألف نسمة، وتمثل نحو 0.5% من سكان المملكة المتحدة. وفي استطلاع رأي أجراه معهد أبحاث السياسات اليهودية في الصيف الماضي، والذي يُعتبر هيئة مستقلة وموثوقة في البحث بقضايا المجتمعات اليهودية، قال 88% من اليهود البريطانيين إنهم لا يدعمون رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي.
تنشط منذ سنوات عديدة مجموعة من الحركات اليهودية البريطانية التي ترفض تماثلها مع حكومة الاحتلال الإسرائيلية وأفعالها أو حتى مع إسرائيل كليًا، وهي تُغيّب غالبًا عن الظهور في الإعلام البريطاني، منهم يهود ناجون من المحرقة النازية. ومن هذه الحركات: حركة "ناعمود" (نقف)، الشبكة اليهودية لأجل فلسطين، مجموعة الاشتراكيين اليهود، الصوت اليهودي من أجل حزب العمال، وغيرها، فيما انخرط العديد من الطلاب اليهود البريطانيين في اعتصامات مخيمات طلاب الجامعات البريطانية لأجل غزة خلال السنتين الماضيتين.