اوراق خاصة

التجويع كـ"سلاح حرب".. هذا ما تفعله "إسرائيل" في غزة 

post-img

حسين كوراني

لم تترك الولايات المتحدة وسيلة لقتل الشعوب أو قهرها وارضاخها لمطالبها إلا واستعملتها، وكذلك فعلت ربيبتها "إسرائيل". إذ لم تعد حروبهما تقتصر على استخدام السلاح والرصاص فقط، بل باتت الموارد الأساسية مثل الطعام والماء والدواء أدوات للقتل البطيء. يُستخدم التجويع كسلاح حرب لا يقل فتكاً عن الأعمال العسكرية، لكنه، في بعض الأحيان، أشد قسوة، إذ يستهدف الحياة اليومية للمدنيين، محوّلاً الحاجة الأساسية للبقاء إلى "وسيلة ضغط" و"إخضاع".

كثيرة هي الدول التي أوقعت الولايات المتحدة شعوبها في فخ التجويع، وبات هذا السلاح أداة واشنطن في إذلال الدول واخضاعها لسياستها. ومن أجل تحقيق ذلك، اعتمدت على منهجين، الأول اغراق الدول في الديون عبر اقراضها من صندوق النقد الدولي، والثاني قانون العقوبات، وبهذا تصبح الدولة مديونة ومحاصرة اقتصادية. كما أن صندوق النقد يطلب من الدول تطبيق إصلاحات اقتصادية واتباع سياسات معينة مقابل هذه القروض، وهذه السياسات تمليها واشنطن كونها تسيطر على الصندوق، وإن عارضت تواجه بسلاح العقوبات.

وسياسية العقوبات هذه، طبقتّها الولايات المتحدة في كثير من الدول التي تخالف توجهاتها، والقائمة تطول، لكن أبرزها فنزويلا وكوبا والعراق وكوريا الشمالية، والآن روسيا وإيران. أما سياسية قروض صندوق النقد، فهناك عشرات الدول التي باتت مرهونة له.

لكن، كيف اذا استُعمل الرصاص والتجويع والحصار معًا في إبادة مجتمعات بأكملها. وهذا ما تفعله "إسرائيل" في قطاع غزة بحق الفلسطينيين من النساء والأطفال والعُجّز، فبعد أن قطعت عنهم كل سبل الحياة وحاصرتهم، ودمّرت بيوتهم ومستشفياتهم وخزانات الماء والوقود وأحرقت الشجر والزّرع، وارتكبت أفظع المجازر، اتقنت أساليب أكثر فتكًا وقذارة؛ إذ سمحت للمنظمات الدولية بإدخال المواد الغذائية الى بعض مناطق القطاع، وجعلتها مصائد موت لهم. فما أن يتجمّعوا حتى تنقضّ عليهم بالطائرات والرصاص موقعة عشرات الشهداء والجرحى في مشهد بات يتكرر بشكل يومي.

في هذا السياق، يقول رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" جوناثان ويتال في الأراضي الفلسطينية المحتلة إن: "ما تشهده غزة ليس مجرّد جوع، بل سياسة تجويع مدروسة".

شهادات من منظمات دولية، بينها "أوتشا" و"أونروا" و"أوكسفام" و"أنقذوا الأطفال"، أشارت إلى أن أكثر من 90 في المئة من سكان القطاع يعيشون في مواجهة حادة مع تأمين لقمة العيش، وتنبه التقارير نفسها إلى أن الآلاف من الأطفال عرضة للوفاة بسبب نقص الغذاء والدواء في وضع إنساني بات فعلياً "من صنع البشر".
كما تؤكد تقارير مجلس الأمن الدولي، ومنظمة "هيومن رايتس ووتش"، وبرنامج الأغذية العالمي، أن الحصار والتجويع أصبحا استراتيجيات عسكرية "ممنهجة"، تُستخدم لإخضاع المجتمعات عبر تدمير منظومة حياتها اليومية، وليس مجرد آثار جانبية للحرب.

وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم (الجمعة 7/11/2025) ارتفاع حصيلة ضحايا مراكز المساعدات الإنسانية المزعومة، إلى 773 شهيدًا و5101 إصابة و41 مفقودًا، منذ بدء هذه النقاط العمل بتاريخ 27 أيار/مايو 2025 وحتى اليوم، مؤكدًا أنّ هذه الأرقام تعكس حجم الجرائم البشعة والممنهجة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المجوّعين، الذين دفعتهم المعاناة والجوع إلى البحث عن لقمة العيش.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد