اوراق خاصة

صرخة طفلة قبريخا الجنوبية .. برسم من؟

post-img

محمد باقر ياسين / خاص موقع أوراق

ضجت وسائل التواصل الاجتماعي، اليوم الجمعة (18-7-2025) بصرخة الطفلة زينب الحوراء جعفر حجازي ابنة بلدة قبريخا جنوبي لبنان، والتي مزقت القلوب وأجرت مآقي العيون حزنًا على ما أصابها من الألم.. زينب شاهدت والداها مضرّجين بدمائهما إثر غارتين من مسيّرة غادرة للعدو الإسرئيلي غادرة؛ بهما، وهما على شرفة منزلهما. 

كي تصرخ الطفلة المفجوعة قائلة: "ماما وبابا عم بموتو تعو ساعدوني..!".. طلبت هذه الطفلة المساعدة  مستغيثةً علّها تحرّك الضمائر، فلم تلقَ أي جوابٍ رسمي يبّرد بعض ما ألمّ بها من مصاب. 

بدأت الفاجعة الأليمة حينما قرر العدو الغادر استهداف عائلة جنوبية آمنة، في منزلها الكائن في بلدة قبريخا، وعادة الجنوبيين السهر على شرفات منازلهم؛ فكان الوالد جعفر إسماعيل حجازي وزوجه يسهران على الشرفة بينما كانت طفلتهما زينب الحوراء داخل المنزل.. وما هي لحظات حتى رمت تلك المسيّرة حقدها الدفين في غارة تلو الأخرى.. أسرعت طفلتهما زينب مذعورة من هول ما رأت ..أمها وأبوها مسجّيان أمامها، يغطيهما الدم الذي لوّن الشرفة بعدما أصبجت خرابًا..

كانت شجاعة زينب، في تلك اللحظة، استجمعت قواها وراحت ترسل رسالة صوتية إلى أقاربها صارخةً صرختها المدوّية: "ماما وبابا عم بموتو تعو ساعدوني..!".. وصل الجميع إليها ومعهم فرق الإغاثة، ولكنّ هاتين الروحين أسلما أمرهما لخالقهما، فارتفعا شهيدين..

سألوا زينب، وأنت كيف نجوتِ؟.. بجواب يفطر القلب قالت": "عملت حالي ميتة حتى ما يستهدفوني مرة تانية". كلمات كانت كفيلة أن تهزّ الضمائر الحية، وتجعل المرء يسأل السؤال تلو الآخر... ماذا فعل الشهيد جعفر إسماعيل حجازي وزوجه كي يستحقا القتل ؟ غير أنه سكن قريته التي نشأ وترعرع فيها، وبنى منزله المتواضع بجهده وتعبه.. 

ما كان يفعله هذا الأب؟ غير أنه كدّ على عياله بما أتاه الله من القوة للعمل في تصليح الأدوات الكهربائية؛ فهل هذا جرم يستحق بأن يسفك دمه وزوجه أمام مرأى ومسمع ابنتهما الملكومة؟. 

ما ذنب زينب لكي تتيتم على صغر سنها؟ ما ذنبها لتشاهد مصدر أمنها وأمانها ومخزن الحبّ والحنان أمام أعينها أوصالًا  مقطعة؟ أي قلب لهذه الفتاة لتقوى به على اليتم والأمل ومواصلة الحياة؟ 

أسئلة كثيرة والأجوبة غائبة، وهناك كثير مثل جعفر حجازي وزوجه، وكثير مثل زينب، فقد قتل العدو بعد اتفاق وقف إطلاق النار نحو 216 مواطنًا برئيًا، وأصاب 508 آخرين بجروح متفاوتة، وفقًا لمعطيات رسمية.. 

دماء هؤلاء كلهم برسم من؟ ومن يحمي أهل الجنوب من غدر العدو اليومي، ومن خروقاته واعتداءاته المتواصلة؟

ما يُحزن اللبنانيين أكثر؛ ليس عدم إمكان دولتهم الدفاع عنهم، بل عدم اكتراثها لأمرهم، فلم تكلفّ نفسها أن تصدر، حتى لحظة كتابة هذه السطور، أي بيانٍ تجرّم العدوان الأخير على الجنوب الذي راح ضحيته عدد من الشهداء.. وكأنه أصبح قدر اللبناني الجنوبي أن يموت بصمت في ظل دولة عاجزة حتى عن تعزيته ومواساته. 

صرخة زينب ستظل تلاحق المتخاذلين كلهم، العملاء كلهم، اللاهثين كلهم خلف التطبيع مع العدو ونزع قوة البلد ومناعته. 

صرخة زينب وأقرانها ستكون سببًا في زوال هذا الاحتلال مهما طال الزمن.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد