محمد باقر ياسين / خاص موقع أوراق
مع استمرار العدوان الوحشي الإسرائيلي على قطاع غزة والحصار المطبق الذي يفرضه على الغزيين، تنتشر بكثافة فيديوهات لأطفال مجوّعين في القطاع، وسط تعاطف عربي كبير مع الحالات التي تتفطر لها القلوب، وصرخات يهتز لها الوجدان.
صرخاتٌ تجعل المرء ينتابه الغضب العارم من هذه الممارسات البربرية التي يرتكبها العدو على مرآى ومسمع جميع الدول، ومنها الدول العربية.. فهل هناك من يُغيث هؤلاء الموجوعين؟
لقد أكدت وزارة الصحة في قطاع غزة المحاصر استشهاد أكثر من 900 فلسطيني، بينهم 71 طفلا قضوا بسبب الجوع وسوء التغذية، إضافة إلى 6 آلاف مصاب من الباحثين عن لقمة العيش، منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية الممنهجة على القطاع.
بعد انتشار واسع لفيديوهات الأطفال الغزيين الجوعى، برز التفاعل العربي الواسع معها والتأثر الكبير الذي ظهر في التعليقات على المقاطع. وكذلك برزت مبادرة عدد من الأشخاص إلى التبرع بالأموال علها تسهم في سد جوع أي طفل. فكل هذه المظاهر هي دليل عافية في المجتمعات العربية، ودليلٌ على أن هذه الأمة لم تمت إنسانيتها بعد وما يزال هناك كثير من المتعاطفين مع الفلسطينيين الذين يتعرضون يوميًا للإبادة الجماعية. ومن بين المتعاطفين علماء دين ومفتون ونخب علمية واجتماعية. ولكن هل سيل العواطف هو المطلوب ويكفي؟
ترافق التعاطف على وسائل التواصل الاجتماعي مع مظاهرات خرجت في المغرب وموريتانيا وتونس وفي مدينة رام الله الفلسطينية، حيث شارك فيها الآلاف منددين بتدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، ومعترضين على التجويع المستمر لسكانه داعين إلى إنهاء الحصار الإسرائيلي الجائر على غزة.
من الجيد خروج المظاهرات رفضًا للتجويع والإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان القطاع، ولكن هل من المعقول بأن تخرج مظاهرات في 3 دول عربية فقط! أليست مشاهد استغاثة الأطفال الجوعى كافية بأن تشكل سيلًا عارمًا معترضًا على هذه الإبادة الجماعية؟
بات الوضع في قطاع غزة يرثى له، فلم تعد التعليقات التي تضج بها وسائل التواصل الاجتماعي ولا التصريحات التي تصدر من هنا وهناك وحدها كافية وحتى التبرع بالأموال، على أهميته، لأن كل هذا لم يعد مجديًا، فلن يطعم هذا طفلا جائعًا ولن يروي عطش طفل ظمآن.. بل المطلوب فزعة عربية تفرض على المحتل كسر الحصار وإدخال الطعام والشراب، ولا ينقص العرب الفزعات فهم ما شاء الله يفزعون لأمور عديدة.. فليدرجوا قطاع غزة وأطفاله على "جدول فزاعاتهم"؛ علّهم يحرجون الراعي الأول للحصار في أمريكا، ولعلهم يفرضون على العدو كسر الحصار ويدخلون المواد الغذائية المتكدسة على المعابر الحدودية.
لم يعد طموح الفلسطينيين أن يناصروهم بالجهاد، على الرغم من صدور فتوى واضحة بذلك، ولم يعد أملهم من العرب العمل لتحرير فلسطين، صار الحدّ الأدنى المطلوب هو ألا يموت الطفل الفلسطيني من الجوع والعطش، وهذا أضعف الإيمان.. فهل ما يزال بعد في دنيا العرب والمسلمين من مُجيب؟
لقد قال الشاعر العربي أحمد مطر يومًا:
يا قدس يا سيدتي .. معذرة
فليس لي يدان
وليس لي أسلحة
وليس لي ميدان
كل الذي أملكه لسان
والنطق يا سيدتي أسعاره باهظة
والموت بالمجان!