حسان الحسن (العهد)
يبدي مرجع لبناني كبير تخوفه على وحدة لبنان وسورية في آنٍ معًا، وذلك إثر الجرائم ومختلف الموبقات التي ارتكبتها عصابات الإرهاب التكفيري التابعة "لسلطة أبي محمد الجولاني الراهنة والقائمة في دمشق"، في حق أهالي محافظة السويداء، في الجنوب السوري، ذات الغالبية من المواطنين من الموحدين الدروز، ما دفعهم إلى المطالبة بالانفصال وإقامة دولةٍ مستقلةٍ عن "سلطة الجولاني"، كرد فعلٍ على الحرب الهمجية، التي شنتها هذه "السلطة" على السويداء. وما عزز أيضًا من مخاوف المرجع المذكور على "الوحدة"، هو التهديد العلني، الذي أطلقه الموفد الأميركي إلى سورية ولبنان، السفير توم برّاك، "بضم لبنان إلى بلاد الشام".
في المقابل، يستبعد مرجع سوري واسع الاطلاع "تقسيم أو تفتيت الجمهورية السورية، على يد الولايات المتحدة"، سائلًا: "ما الذي كان يمنعها من الاعتراف "بدولةٍ كرديةٍ" في شمال - شرق البلاد السورية، منذ الأشهر الأولى للحرب الكونية التي شنت على سورية، في منتصف آذار 2011؟". هنا، تؤكد مصادر سياسية سورية معارضة للنظامين السابق والراهن، أن "قيام "دولة كردية" في سورية، قد يشجع الأكراد في تركيا وسواها، على الانفصال أيضًا، أي تعريض الأمن القومي التركي للخطر، ما يؤثر سلبًا في العلاقات الثنائية بين الحليفين الأميركي والتركي، على سبيل المثال لا الحصر، لذا تتجنب الإدارة الأميركية دعم نشوء كيانٍ كرديٍ مستقلٍ عن سورية".
وفي هذا السياق، يرى المرجع المذكور آنفًا، أن "ما يعوق قيام كونتوناتٍ مذهبيةٍ في سورية، هو ألا مناطق كاملةٍ من لونٍ مذهبيٍ واحدٍ، في كلّ أنحاء البلاد، كمثل الساحل السوري، أو حتّى السويداء، وإن يكن لهاتين المنطقتين طابع مذهبي معيّن، ولكنهما تشكلان نموذجًا للاختلاط"، على تعبير المصادر.
وفي هذا السياق أيضًا، تؤكد المصادر المعارضة المذكورة آنفًا من جهتها، أن "الموحدين هم سوريون وعرب أقحاح، لديهم كلّ الحرص على وحدة الأراضي السورية، ولكن ما يقلقهم، ويدفعهم إلى المطالبة "بدولةٍ مستقلة"، أو إدارة ذاتية، هو وجود "سلطةٍ وهابيةٍ تكفيرية ٍفي دمشق، ليس إلا، مهما حاولوا تلميع صورتها (أي السلطة)"، على حدّ قول المصادر.
وتلفت إلى أن "وجود هذه "السلطة التكفيرية"، لا يقلق الدروز فحسب، بل أهل السنّة المعتدلين، والعلويين والمسيحيين على حدٍ سواء". لذا، "لا تستبعد تطبيق اللامركزية الإدارية والمالية، الموجودة أصلًا في التشريع السوري، ولكنها لم تطبق سابقًا، وقد تكون الحل المناسب في البلاد السورية لاحقًا".
وعن تهديد برّاك "بضم لبنان إلى بلاد الشام"، يكشف المرجع السوري المذكور أعلاه، أن "المشروع الأميركي الذي يقضي بوضع لبنان تحت "الهيمنة السورية"، يعود إلى خمسينيات القرن الفائت، ولكن أن يكون تحت "سلطة سورية المطبّعة مع الكيان الإسرائيلي" آنذاك، غير أن فشل الانقلاب العسكري الذي قاده منير العجلاني، المدعوم من الغرب، ضدّ حكم شكري القوتلي في العام 1956، حال دون وضع لبنان تحت هيمنة دمشق".
ويلفت إلى أنّ "الرئيس الراحل حافظ الأسد الممانع للتطبيع مع الكيان الصيهوني، أدخل الجيش العربي السوري إلى لبنان، من خلال تفاهماتٍ إقليميةٍ ودوليةٍ في العام 1976، كقوات ردعٍ في الحرب الأهلية اللبنانية، ثمّ استحصل الأسد على الوصاية الكاملة على لبنان، بمباركة من الولايات المتحدة وحلفائها، بعد مشاركة الجيش السوري في عملية تحرير الكويت، إلى جانب "حلف واشنطن"، من الاحتلال العراقي، في العام 1991، واستمرت هذه الوصاية حتّى ربيع العام 2005".
ويقول المرجع عينه: "راهنًا، بعدما وصل إلى "السلطة" في دمشق، تنظيم تكفيري، بدعم "إسرائيليٍ" وأميركي علنيٍ، وبتأكيد من رئيس وزراء الكيان الغاصب، بنيامين نتنياهو، الذي قال حرفيًا، إثر سقوط الدولة السورية في الثامن كانون الأول الفائت، "لقد أسقطنا نظام بشار الأسد"، لذا من غير المستبعد، إعادة إحياء "مشروع الخمسينيات" المذكور أعلاه"، أي إلحاق لبنان "بسلطة سورية" مطبّعة مع "إسرائيل"، برعايةٍ من الإدارة الأميركية، وبدعمٍ منها، إذا تسنّى لها ذلك.