حمزة البشتاوي/ كاتب وإعلامي
في ظل الانشغال الإعلامي بحرب الإبادة والتجويع على قطاع غزة وسط صمت وخذلان كبير؛ يستمر العدوان على الضفة الغربية بهدف إحداث تغييرات جغرافية وديمغرافية على الأرض، من خلال أيديولوجيا الاستيطان والضمّ التي تعمل اليوم من دون ضجة أو مواجهات واسعة على الأرض.
انطلاقًا من أن الضفة الغربية هي جوهر المشروع الصهيوني، يتبع الاحتلال الإسرائيلي إستراتيجية العدوان والتدمير والتهجير في الضفة، بهدف فصل المدن الفلسطينية عن بعضها البعض، خاصة ما بين مدينتي القدس وبيت لحم، وما بين القدس ومنطقة الأغوار، وتحويل المدن كافة في الضفة الغربية إلى كانتونات سكانية منعزلة ومحاصرة، ووفقًا لما قاله يتسلئيل سموتريتش الذي جاءت عائلته من أوكرانيا وولد في مستوطنة في الجولان ويعيش في مستوطنة بنابلس: لكي يفهم الأغيار المطالبين بحل الدولتين أنهم لن يجدوا مكانًا لإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة.
هذا الكلام مرتبط بما قاله رئيس وزارء العدو بنيامين نتنياهو الذي يعيش في دائرة الأوهام، بأن الوقت هو لتنفيذ "حلم أرض إسرائيل الكبرى" على أرض الواقع، مع التأكيد بأن هذه الأوهام هي من تحرك عصابات المستوطنين في الضفة الغربية، خاصة ما يسمى "عصابة شبيبة التلال" التي تقوم باعتداءات مسلحة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية بالتنسيق مع جيش الاحتلال الذي يوفر لهم الحماية ويساعدهم في ملاحقة المزارعين ورعاة المواشي، وفي طرد الفلسطينيين من أرضهم بالقوة، وهذه العصابات تخدم الإستراتيجية الإسرائيلية الحالية التي تهدف إلى تحقيق ما يلي:
1- ضم أراضي المنطقة (ج) وفرض ما يسمى "السيادة الإسرائيلية" عليها.
2- إنشاء كتل استيطانية تشكل عائقًا أمام التواصل الجغرافي الفلسطيني.
3- زيادة عدد المستوطنين إلى أكثر من مليون مستوطن خلال العامين القادمين.
4- إعطاء تيارات وأحزاب اليمين الأكثر تطرفا، من أمثال سموتريتش وبن غفير، الدعم كله لتحريك بلدوزر الاستيطان في الضفة تعويضًا عن الفشل العسكري والسياسي في قطاع غزة وباقي الجبهات.
هذه الإستراتيجية العدوانية الإسرائيلية تشكل خطرًا وجوديًا على الفلسطينيين، وتريد جعل الضفة الغربية غير قابلة للحياة اقتصاديًا ومعيشيًا، وسط تصاعد العدوان والاستيطان والتهجير القسري الذي يكرس واقع الضم فعليًا على الأرض.
هذا يحتاج إلى استنفار وطني فلسطيني ليس فقط، في الضفة الغربية وقطاع غزة ومناطق الـ 48، إنما في الأراضي الفلسطينية كلها. وإذا كانت السلطة ترغب بدعم العمل الشعبي ضد الاستيطان، والمقاومة قد اختارت ممارسة العمل المقاوم بأشكاله كلها ضد الاحتلال، فالمطلوب من الجميع، من دون استثناء، تصعيد المواجهة ضد عصابات المستوطنين وجيش الاحتلال، بالوعي والرصاص والعبوات والأناشيد ونشر الذكريات وإعلاء راية فلسطين .. فلسطين التاريخية كلها..