الشيخ سامر عباني/ عالم دين لبناني
وُلد الرسول الأعظم (ص) في فجرٍ أضاء الجزيرة كلّها.
لم يكن ميلاده حدثًا تاريخيًا فقط، هي لحظة انبعاث أمّة من فرقة إلى وحدة. جاء بدينٍ يجمع لا يفرّق، يوحّد لا يمزّق، يربط القلوب على كلمة سواء: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله.
اليوم، على أبواب ذكرى ولادته، نلتقي في "أسبوع الوحدة"، والذي أطلقه الامام الخميني (قده) ليكون جسرًا بين 12 و17 ربيع الأول، بين ما يحتفل به السنّة وما يحييه الشيعة، لنفهم أن الخلاف في التاريخ لا يلغي الاتفاق على الرسالة.
لكن الخطر الأكبر أن نترك يوسف/ الأمة وحيدًا في البئر، كما ترك إخوة يوسف أخاهم.. فإذا تنازعنا على العصبية والمذهب، سنبيع قضايانا للغريب بأبخس ثمن. أمّا إذا اجتمعنا، كما اجتمع إخوة النبي يوسف (عليه السلام) في النهاية، واعترفوا: ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا﴾- في سورة يوسف الآية 91- عندها فقط نعيد إخراج يوسف/ الأمّة من الجبّ، ونستعيد عزّتنا.
ألم يقل الله تعالى: ﴿ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾- في سورة الأنفال الآية 46- في الريح هنا هي القوة والعزة والهيبة. وإذا ضاعت، لم يعد لنا وزن بين الأمم.
غزّة، اليوم تذكّرنا بهذه الحقيقة: صواريخها يطلقها من هو سنّي ومن هو شيعي، ودمها يُراق من الجميع. والعدو لا يفرّق بين المذاهب، بل يراهم جميعًا يوسف / الأمّة الذي يريد أن يرميه في البئر.
لنستعد لإحياء ذكرى ولادة الرسول (ص)، ونجعل منها ولادة جديدة لوحدتنا.
إذا اجتمعنا، كما اجتمع المهاجرون والأنصار في بدر والأحزاب، نستعيد ريحنا وقوّتنا، ونُخرج يوسف/ الأمة من ظلمات البئر إلى نور العزّة.