فؤاد بزي (صحيفة الأخبار)
يستعد برنامج الغذاء العالمي لطلب تمويل «برنامج طوارئ» في لبنان مخصص للاستجابة لـ«أي حالة مفاجئة جديدة تتطلب توفير وجبات جاهزة». بمعنى آخر، يحضّر برنامج الغذاء العالمي في لبنان أجهزته والمتعاونين معه لاحتمال تجدّد الحرب مع العدو الإسرائيلي.
والأخطر في الإشارات التي يتركها هذا الطلب بأنّه يمتد على 12 شهراً، من كانون الثاني عام 2026، وحتى كانون الأول من العام نفسه. ويهدف هذا التمويل الذي لم تحدّد قيمته إلى توقيع اتفاقيات مع «شركاء متعاونين» بهدف توفير وجبات جاهزة للمتضررين، من المطابخ التجارية أو المجتمعية المتعاقدة مع البرنامج.
وبحسب النقاط التي يسعى برنامج الغذاء العالمي إلى تغطيتها، تبدو الحرب أقرب من أيّ وقت مضى، إذ يؤكّد في تقريره أنّ «ميزانية الطوارئ الأوليّة قابلة للتمديد بناءً على التمويل المتاح، والأداء الأولي للشركاء (المطابخ)». ويستنتج من التقرير أنّ السعي على الأرض لوضع خطة طوارئ جارٍ بصمت وعلى قدم وساق، إذ يسعى البرنامج إلى معرفة أسعار الوجبات الجاهزة التي تعدّها المطابخ، وتوقيع اتفاقيات أو مذكرات تفاهم مع المورّدين، ورسم الخرائط لتحديد التوزيع الجغرافي للمطابخ المحتملة.
لذا، يهدف مشروع برنامج الغذاء العالمي في لبنان إلى إعادة التعاقد مع المطابخ القريبة من الملاجئ والمدارس المرشحة لاستخدامها كمراكز إيواء، ثمّ تشكيل فرق عمل بالتعاون مع البلديات ومسؤولي الملاجئ أو المدارس لمعرفة حاجاتهم من الوجبات الغذائية الجاهزة.
حتى الآن، لم يحدّد برنامج الغذاء العالمي حاجاته المالية لإدارة هذه الخطة المستجدّة، إلا أنه تجب الإشارة إلى أن البرنامج يعاني من نقص في التمويل نسبته 49% في برامجه العادية في لبنان، مثل تغطية الحاجات الغذائية لـ 802 ألف شخص. فبسبب تراجع التمويل بعد حجب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأموال عن وكالة التنمية الأميركية (USAID)، بلغت قيمة الموارد المتاحة للبرنامج في لبنان 112 مليون دولار، بينما تبلغ قيمة الحاجات المالية 228 مليون دولار.
ويأتي هذا النقص في التمويل والإعلان الجديد لبرنامج الغذاء عن ضرورة التحوّل إلى حالة الطوارئ، في ظل ضغط كبير على البنية التحتية في لبنان نشأ عن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة منذ عام 2023، والتي أدّت إلى تعطيل الوصول إلى الحاجات الأساسية. ووفقاً لتقرير آخر صادر عن برنامج الغذاء العالمي بعنوان «القدرة على الصمود ودعم سبل العيش»، فقد تعرضت أكثر من 130 بلدية لمخاطر عالية جرّاء الخسائر الزراعية وذلك بعد تعرّضها لـ336 غارة على الأراضي الزراعية منها 74 على مناطق مرويّة.
لذا يستنتج البرنامج بأنّ تداعيات الحرب الأخيرة، وبعيداً عن إمكانية نشوب حرب جديدة، لا تزال في تفاقم مستمر، خاصةً أنّ الظروف الأمنية تترافق مع وضع اقتصادي ضاغط يسيطر في التضخم والركود، وتتسع فيه فجوات التمويل، كما ورد في التقرير
ومن المتوقع أن يعاني 1.24 مليون شخص في لبنان من «انعدام الأمن الغذائي الحاد» مع نهاية تشرين الأول الجاري، 705 آلاف منهم لبنانيون، أي ما يوازي 18% من السكان. وبالمقارنة مع حزيران من عام 2025، ارتفعت أعداد اللبنانيين الذين يعانون من «انعدام الأمن الغذائي» بنسبة 16%، إذ كانت 591 ألف شخص.
ولزيادة الضغط على المجتمع في لبنان، يترافق التحضير لـ«الحالات المفاجئة»، أو خطط الطوارئ، مع تزايد ندرة المياه وتدهور الأراضي الزراعية، ما يزيد من تحديّات الأمن الغذائية. فلبنان، بحسب برنامج الغذاء العالمي، يعاني من أشدّ حالات نقص المياه، إذ انخفض معدل هطول الأمطار في عام 2025 بنسبة 51% عن المتوسط العام، ما جعل معظم كميّة المياه المتبقية غير آمنة نتيجة التلوث. واليوم، يعيش أكثر من ثلث السكان في لبنان، أي 1.85 مليون شخص، في مناطق معرّضة بشدّة للجفاف، ويعتمد 44% من السكان على الصهاريج لنقل المياه.
ويذكر أنّ 23 ألف و500 أسرة لبنانية تحصل على مساعدات عينيّة من برنامج الغذاء العالمي، وهي عبارة عن حصة غذائية وزنها 20 كيلوغراماً تحتوي على 10 سلع أساسية، مثل الأرز والمعكرونة والبرغل والعدس... وتؤمن هذه الحصة، بحسب تقارير البرنامج، 60% من الاحتياجات الفردية اليومية من الطاقة.
83 ألف شخص
هو عدد الأشخاص الذين لا يزالون نازحين بعد نهاية الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي.