أوراق سياسية

العدوّ يبلغ أميركا نيّته توسيع اعتداءاته على لبنان جوًا وبرً.. السكوت غير ممكن فـ"إسرائيل" لا تريد الاتفاق

post-img

الأخبار

تصاعد التوّتر على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة. وبعد يوم طويل من الغارات الجوية جنوبًا، والتحليق فوق العاصمة ومناطق عدة، جاءت "غزوة" العدوّ لبلدة بليدا واغتيال المواطن إبراهيم سلامة، لتفتح الباب أمام مستوى جديد من التعامل الرسمي مع التهديدات الأميركية الأخيرة، والتي ترافقت ليل أمس، مع إعلان انعقاد جلسة أمنية برئاسة رئيس وزراء العدوّ بنيامين نتنياهو للبحث في الملف اللبناني.

وقد أحدث عدوان الأمس، نقلة نوعية في الموقف الرسمي، حيث طلب رئيس الجمهورية جوزيف عون إلى قيادة الجيش التصدّي لقوات الاحتلال، وذلك ردًا على قيام جنود العدوّ بتوغّل في بلدة بليدا، وإعدامهم الموظف في بلديتها إبراهيم سلامة، ما جعل عون يستدعي لاحقًا قائد الجيش رودولف هيكل، ليطلب إليه، كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة، التصدّي لأي عملية توغّل "إسرائيلية" باتّجاه المناطق المحرّرة، واتّخاذ الإجراءات العسكرية التي تسمح بنشر قوات للجيش على الحدود مع فلسطين المحتلة. كما أوصى بأن "لا تكتفي لجنة "الميكانيزم" بتسجيل الوقائع بل العمل لوضع حدّ لها من خلال الضغط على "إسرائيل" ودفعها إلى التزام مندرجات اتفاق وقف إطلاق النار".

ونقل زوار رئيس الجمهورية أنه "كانَ مستاء جدًا يوم أمس مما حصل"، وتحدّث أمام مقرّبين منه أن "ما حصل لا يمكن أن يمر مرور الكرام، ولم يعد ممكنًا الصمت، لأن "إسرائيل" تقول لنا إنها لا تريد التفاوض ولا الوصول إلى اتفاق". وأضاف: "سابقًا كانوا يغتالون عناصر من الحزب، ويدّعون بأنهم يستهدفون مخازن لحزب الله وكنا نسكت ونقول هذه من نتائج الحرب، علمًا أننا كنا نعلم أن هناك تضليلًا كبيرًا، لكننا، كنا نتجاوز الحديث باعتبار أن ذلك ضمن مسار التصعيد والتفاوض، فضلًا عن الرهان على لجنة الميكانيزم باعتبارها مسؤولة". وتابع عون بأن "الجيش يقوم بما هو مطلوب منه لجهة حصرية السلاح بما يكفل تطبيق القرار 1701، لكن دور الجيش غير مقتصر على ذلك، ولا يمكننا أن نقف ونتفرج على مثل هذه التطورات".

واكتسبت خطوة عون أهمية مضاعفة، كونها أتت في أعقاب اجتماع لجنة "الميكانيزم" بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، التي طالبت الجيش بتنفيذ خطته لسحب سلاح حزب الله فورًا، مبرّرة ذلك بأن لدى الإدارة الأميركية معلومات بأن الحزب يُعيد بناء قدراته. في ما برّر ‌‏السناتور الجمهوري ليندسي غراهم عدوان "إسرائيل" قائلًا، إنه "لو نُزع سلاح حزب الله لتوقّفت العمليات "الإسرائيلية""، مضيفًا أن "انضمام الجيش اللبناني إلى حزب الله في قتال "إسرائيل" يُعرقل جهود مساعدة لبنان".

في هذا السياق، قالت مصادر مطّلعة، إن "موقف عون متقدّم ويمكن البناء عليه مع المقاومة ولأنه يعكس وحدة وطنية مطلوبة بشدّة في هذه المرحلة الحساسة"، وإن ذلك "كانَ ضروريًا، إذ إنتقل العدوّ إلى سياسة التوغلات التي قد تصل إلى أي منطقة في لبنان، حتّى الضاحية"، خصوصًا أن عون اطّلع من الأجهزة الأمنية على معطيات حول نشاط استخبارات العدوّ في عمق لبنان، وقد كشفت التحقيقات مع شبكة العملاء التي اعتُقل عدد من أفرادها، أن العدوّ يجري تحضيرات لعمليات ذات طابع عسكري تنفيذي في داخل الأراضي اللبنانية، وأنه عمد إلى استئجار عدد غير قليل من مستودعات في أكثر من منطقة لبنانية، وكانت مُخصّصة لعمليات تفخيخ من أنواع مختلفة.

وعلمت "الأخبار" أن وحدات الجيش المنتشرة في القرى الحدودية، بدأت خلال ساعات النهار بتنفيذ قرار القيادة. وقد وصلت تعزيزات مؤلّلة إلى سهل المحافر في أطراف عيترون الشرقية وأطراف بليدا.

وفي تل أبيب، أُعلن ليلًا عن جلسة مشاورات أمنية عقدها رئيس الحكومة نتنياهو "في ظل محاولات حزب الله تعزيز قدراته خلال الأشهر الأخيرة". ونقلت هيئة البث عن مسؤول "إسرائيلي" رفيع قوله: "إن حزب الله يحاول وينجح إلى حد ما في إعادة بناء قدراته الهجومية والدفاعية". وأضاف أن "تل أبيب" أبلغت واشنطن بـ"أن الضربات على لبنان ستتزايد وأميركا قلقة من رد فعل الحكومة اللبنانية".

وقال وزير خارجية العدوّ جدعون ساعر، إن "حزب الله يكثّف جهوده لإعادة بناء وتسليح نفسه بدعم من إيران. وإن "إسرائيل" لا تستطيع أن تدفن رأسها في الرمال في مواجهة توجّه حزب الله الخطير على أمنها ومستقبل لبنان".

وفي انتظار تكشّف الحقائق، يمكن القول، إن لبنان انتقل ولو ظاهريًا، إلى مرحلة جديدة من المواجهة، إذ لم يكتف بالإدانة بل تعدّاها إلى التهديد بدخول الجيش المعركة. واعتبر حزب الله، أن قرار عون "يشكّل منعطفًا جديدًا له أبعاده"، في ما قال الرئيس نبيه بري: "إن ما حصل هو عدوان على لبنان لا يمكن لجمه بالإدانة"، أمّا الرئيس نواف سلام فاعتبر الجريمة "اعتداءً صارخًا على مؤسسات الدولة اللبنانية وسيادتها". ووجّهت كتلة "الوفاء للمقاومة" أعنف الإشارات إلى ما سمّته "تحرك حاملي الأجندات الأميركيّة الذين ينقلون التهديدات".

وكانت قوة مؤلّلة من جنود الاحتلال توغّلت فجر أمس بمسافة أكثر من 1500 متر شرقي بليدا. وكانت تضم جنودًا من المشاة وراكبي دراجات رباعية اخترقوا الأراضي اللبنانية من ناحية خربة شعيب - بئر شعيب باتّجاه منطقة الوادي صعودًا نحو البلدية مرورًا بأحياء سكنية مأهولة". واقتحم الجنود مركز البلدية وتواجهوا مع عامل البلدية إبراهيم سلامة الذي يبيت في البلدية بعد أن دُمّر منزله. وقد سمع سكان البلدة أصوات رشقات نارية وصراخًا، حيث بقي الجنود لنحو ساعتين. وبعد مغادرتهم، حضرت قوة من الجيش لتجد سلامة غارقًا في دمه. وأفاد عناصر الدفاع المدني بأنّ سلامة تعرّض لرشقات نارية من سلاح رشاش وتُرك ينزف حتّى استشهد.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد