اوراق مختارة

المافيات العقارية تطلّ برأسها: الإيجارات السكنية القديمة... إلى «التحرير» درْ

post-img

زينب حمود (صحيفة الأخبار)

في 28 شباط المقبل، تنتهي مهلة الإشغال التي حدّدها قانون الإيجارات السكنية القديمة بنسخته المعدّلة عام 2017، و«يتوجّب على المستأجرين إخلاء منازلهم فوراً». ومنذ الآن، بدأ المالكون يمارسون الضغوط، مستخدمين الترغيب والترهيب ضد المستأجرين، لاسترداد أملاكهم. إذ تصل إلى مكتب الاتحاد الوطني للنقابات «عشرات الإنذارات لإخلاء منازل مستأجرة، تصدر غالباً عن شركات عقارية وليس أشخاصاً عاديين، ما يشير بوضوح إلى استثمار المافيات والسماسرة في مجال العقارات القديمة، عبر شرائها بـ «تراب المصاري»، والعمل اليوم على تهجير المستأجرين من دون دفع أي تعويضات»، بحسب رئيس الاتحاد كاسترو عبد الله.

ورغم أنّ القانون نافذ ويحفظ الحق في الملكية عموماً، إلا أنه فشل في إيجاد تسوية ترضي المستأجرين، وهم بمعظمهم من كبار السن، ولا توجد أمامهم حلول سكنية بديلة. وعليه، من المقرّر أن تتم الإخلاءات بعد أربعة أشهر، في ظل أزمة اقتصادية حادة وتدنّي قيمة الرواتب والأجور وارتفاع بدلات الإيجار الجديدة، إضافة إلى خسارة الأموال في المصارف، والأزمة السكنية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي، و«من دون وضع خطة سكنية تحمي المستأجرين من التهجير، وتحفظ حقهم في السكن».

إذ يلفت عبد الله إلى أن الصندوق الخاص الذي استُحدث بموجب القانون ليستفيد منه المستأجرون ذوو الدخل المحدود فارغ من أي أموال كان يُفترض أن تُدفع كـ «خلوّات» للمستأجرين لتأمين مأوى بديل بعد إخلاء المأجور، إما ببناء منازل في قراهم أو بشراء منزل جاهز مستفيدين من إعفاءات وتسهيلات للحصول على قروض إسكان». أما اللجان التي نص عليها القانون للبتّ في طلبات الاستفادة من الصندوق، فلم تُشكّل بالكامل ولا تزال معطلة، فيما القضاة غائبون عن هذه اللجان للفصل في النزاعات بين المالكين والمستأجرين.

إلى ذلك، يشكو المستأجرون من «غش» خبراء تخمين قيمة المأجور. ويروي عبد الله مثلاً أن «تخمين سعر المتر الواحد لمحال تجارية في نفس الشارع في بيروت، يُراوح بين 1200 دولار للمتر و5000 دولار لنفس المساحة». فمن يقوم بالتخمين؟ وكيف؟ وعلى أي أساس يمكن الوثوق بنتائجه للوصول إلى تقييم عادل للطرفين؟

يجيب عبد الله: «غالباً ما يأتي بخبير التخمين المالك القادر على تسديد أتعابه، وربما الضغط عليه لتحديد أسعار تناسبه وترفع بدلات الإيجار، حتى أصبح التخمين العقاري باب رزق لأعداد كبيرة دخلت المهنة أخيراً». ويشير عبد الله إلى أنه «حتى إذا شعر المستأجر بالظلم في التخمين، فإن التوجه إلى القضاء يتطلب تكاليف وأتعاب محامٍ عالية، لا يستطيع غالبيتهم تحمّلها».

في أواخر عام 2023، نجح المستأجرون في ربط احتساب مهلة الإشغال، التي تبلغ تسع سنوات، بتاريخ تعديل قانون عام 2017، لتنتهي المهلة بذلك عام 2026، وليس بتاريخ دخول القانون حيز التنفيذ في 28 كانون الأول 2014، كما أراد المالكون. وبذلك ربح المستأجرون ثلاث سنوات إضافية للمناورة. ولكن، أي «تخريجة» سيجدونها هذه المرة؟

يراهن هؤلاء على تزامن تطبيق قانون الإيجارات السكنية مع مراجعة مجلس النواب للتعديلات على قانون الإيجارات غير السكنية. فبعد سنتين من «المتاهة الدستورية» والأخذ والرد، أدرك المعنيون حجم الكارثة التي سيجلبها قانون الإيجارات غير السكنية بعد ثماني سنوات على مؤسسات الدولة، عند اضطرارها إلى إخلاء الأبنية المستأجرة وفقاً لعقود إيجار قديمة، والتي تشمل مؤسسات حكومية ومدارس رسمية ومباني للجامعة اللبنانية ووزارات ومخافر وغيرها، مع غياب أي تصور للبديل منها.

لذلك، يطمح المستأجرون إلى أن تكون التعديلات التي تُدرس في قانون الإيجارات غير السكنية مدخلاً لإعادة النظر في «الظلم والإجحاف في ملف الإيجارات السكنية»، والبحث عن حلول أكثر عدلاً توفر الأمان الاجتماعي لشريحة واسعة من السكان.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد