دعا تحالف "كُتّاب ضد الحرب على غزة" (WAWOG) إلى مقاطعة صحيفة نيويورك تايمز لقاء دورها في تسويغ الإبادة الجماعية التي شنتها "إسرائيل" على قطاع غزة، عبر سحب الاشتراكات والمعلنين وامتناع الكتاب عن النشر في الصحيفة.
تطرق التحالف عبر تقرير نشره موقع "موندويس" الأميركي إلى علاقات قديمة وحديثة تربط محرري الصحيفة بالتيارات الصهيونية، ووصف قسم الرأي في الصحيفة بأنه أعاد تأهيل صورة إسرائيل وتقويض قيمة المساءلة الصحفية، وشدد على أهمية مكافحة سعي المؤسسات المتواطئة بالإبادة الجماعية في غزة إلى الهروب من المساءلة والإفلات من العقاب.
استحضر مقولة لمراسل الجزيرة مباشر حسام شبات، أحد الصحفيين الشهداء الذين قتلتهم "إسرائيل" لفضحهم جرائمها حين قال: "أحد أسباب استمرار قصفنا.. هو صحيفة نيويورك تايمز ومعظم وسائل الإعلام الغربية". ويعرّف التحالف -الذي نشأ بعد بدء الحرب على غزة- نفسه بأنه يضم عددا من الكتاب والمحررين والعاملين في المجال الثقافي، الملتزمين بالتضامن مع الشعب الفلسطيني، والداعين لإنهاء الحرب على غزة وإيقاف الدعم الأميركي العسكري لإسرائيل، ومحاسبتها على جرائمها.
محطات من الانحياز الفاضح لــ"إسرائيل"
وفق التحالف فقد لعبت نيويورك تايمز دورا حاسما في شرعنة الإبادة الجماعية، إذ شرّعت أكذوبة دُحضت عن تورط مقاتلي المقاومة بالعنف الجنسي في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وزرعت الشك حول استهداف الجيش الإسرائيلي للمستشفيات، وحرّفت الصياغة اللغوية لتجنب نسبة المسؤولية عن الاغتيالات المستهدفة، وساعدت في تهيئة الظروف للمجاعة من خلال تقويض منظمة الأونروا، والتقليل من شأن الحصار الإسرائيلي المتواصل لغزة.
ما علاقة رئيس التحرير بمجزرة صبرا وشاتيلا؟
لفت التحالف إلى أن الصحيفة سارعت بعد وقف إطلاق النار، إلى السعي لإعادة تأهيل صورة إسرائيل، تماما كما فعلت في العام 1982، إذ أضرت آنذاك مذبحة صبرا وشاتيلا بسمعة إسرائيل في الغرب بالطريقة نفسها التي أضرت بها الإبادة الجماعية المكثفة في غزة خلال العامين الماضيين. قال إن الصهاينة سارعوا عقب ذلك إلى إنشاء مجموعات مراقبة إعلامية مثل لجنة الدقة في التغطية والتحليل في الشرق الأوسط (CAMERA)، من أجل إخفاء حقيقة جرائم إسرائيل، عبر الضغط على وسائل الإعلام لإصدار "تصحيحات" واعتماد معايير تحريرية تتماشى مع الخط الصهيوني.
بحسب "كُتّاب ضد الحرب على غزة" تعلم جوزيف كاهن، المحرر التنفيذي الحالي لصحيفة نيويورك تايمز، قراءة الأخبار وتحليلها من والده ليو، الذي كان عضوا في مجلس إدارة CAMERA لمدة 18 عاما على الأقل، إذ كان ليو ما يزال عضوا في مجلس الإدارة عندما عُيّن ابنه لأول مرة في الصحيفة عام 1998. وخلص التحالف إلى القول: "يواصل كاهن، الصحفي الأعلى رتبة في غرفة الأخبار بالصحيفة، إرث والده في دعم الأكاذيب الصهيونية تحت شعار الموضوعية".
صحفيون خدموا في جيش الاحتلال الإسرائيلي
بيّن التحالف أن عددا من كبار المحررين والصحفيين والمديرين التنفيذيين في صحيفة نيويورك تايمز الذين يغطون أخبار فلسطين خدموا في الجيش الإسرائيلي ولديهم أقارب خدموا فيه، وقال إن بعضهم عملوا أو ما زالوا يعملون مباشرة في مراكز أبحاث إسرائيلية، ويقيمون في منازل فلسطينية مسروقة.
أطلق "كُتّاب ضد الحرب على غزة" حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وإلغاء الاشتراكات في محاولة لحث الكتاب والقراء على الانفصال عن صحيفة التايمز منذ أكثر من عام، وتمكن من تغيير النظرة إلى الصحيفة.
نبّه القائمون على التحالف إلى ما وصفوه بالدور الرئيسي الذي يلعبه قسم الرأي في صحيفة التايمز، في تبييض سمعة الصحيفة، وإخفاء مسؤوليتها عن تغطيتها المنحازة لإسرائيل، عبر تظاهرها بالتنوع والانفتاح، إذ تقوم بنشر مقالات لكتاب شباب من السود والملونين، لكنها ترفض توظيفهم كصحفيين بالصحيفة، في محاول لكسب ود الصهاينة وأصحاب الضمير على حد سواء، وفق التحالف.
3 مطالب لوقف المقاطعة
دعا التحالف إلى جانب منظمات أخرى إلى رفض أي طلب للكتابة في صفحات الرأي في الصحيفة حتى تحقق 3 مطالب أساسية، وتتمثل بسحب المقال المشكوك في صحته "صرخات بلا كلمات" الذي عزز أسطورة الاعتداء الجنسي الجماعي في عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأن تستخدم هيئة التحرير نفوذها الهائل على الرأي الليبرالي للمطالبة بفرض حظر على الأسلحة، وأخيرا، أن تعترف الصحيفة بالتحيز العميق ضد الفلسطينيين في غرفة الأخبار لديها من خلال تحديث دليل التغطية الخاص بها، وإرشادات الحصول على المصادر والاقتباس، وممارسات التوظيف.
أعلن أكثر من 300 من الشخصيات المعروفة مقاطعتهم للكتابة في صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن تُصلح سياساتها التحريرية، وكان من بينهم النائبة الأميركية رشيدة طليب، والكاتبة سالي روني، والممثلة هانا إينبايندر.
بعد إطلاق الحملة انضم 200 آخرين، وكان من المشاركين البارزين الآخرين فيها الأكاديمي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط رشيد الخالدي، والمبلغة في ويكيليكس تشيلسي مانينغ، وعضو البرلمان الأوروبي ريما حسن، والطبيب والكاتب الكندي غابور ماتيه، والناشطة البيئية غريتا تونبرغ، والكاتبة الأيرلندية سالي روني، والكاتبتان صوفي كيمب وروبي كور، والممثلون هانا إينبايندر، وهاري نيف، وإنديا مور.
حتى الشهر الأخير للحرب قبيل إعلان وقف إطلاق النار، استمرت الفعاليات الاحتجاجية أمام بعض المؤسسات الإخبارية المنحازة، وإحداها كانت نهاية شهر أغسطس/آب الماضي حين قام نشطاء متضامنون مع غزة برش طلاء أحمر على مدخل مبنى سكني يقيم فيه رئيس تحرير صحيفة نيويورك تايمز جوزيف كاهن في مدينة منهاتن الأميركية، وكتبوا عبارة "جو كاهن يكذب، غزة تموت".
قال الناشطون آنذاك في بيان إن الصحيفة "نشرت أبشع دعاية منذ السابع من أكتوبر" مشيرين إلى مقال "صرخات بلا كلمات" للصحفية الإسرائيلية أنات شوارتز والذي استند إلى أكاذيب وزعمت أن مقاتلي حماس استخدموا العنف الجنسي خلال عملية طوفان الأقصى واغتصبوا نساء إسرائيليات.
عقب انكشاف زيف المقال والادعاءات التي جاء بها، قاد كاهن "حملة عنصرية" ضد موظفين عرب وشرق أوسطيين في الصحيفة سعيا للتعرّف على المبلّغين الذين فضحوا أكاذيب الصحيفة، وفق البيان.