غسان ريفي (سفير الشمال)
"هذه أصعب مرحلة تواجهني منذ أن توليت رئاسة مجلس النواب"، عبارة قالها الرئيس نبيه بري أمام أعضاء مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية في اللقاء الذي عقده معهم في عين التينة، لتؤكد حجم الضغوط التي يواجهها رئيس المجلس والتحديات المفروضة على لبنان، فضلًا عن الانقسامات السياسية العمودية التي تضع البلاد على فوهة بركان.
يدرك الرئيس بري حجم المخاطر الخارجية والداخلية، لذلك يسعى جاهدا للحفاظ على خيط التواصل بين اللبنانيين وعلى صون وحدة الوطن وتماسك نسيجه الاجتماعي، وهو من موقعه الوطني قبل السياسي يحمل هما كبيرًا من الجنوب وأهله وإعادة الإعمار والحياة، وصولًا إلى الوطن بأسره بأمنه واستقراره وانتخاباته وتجديد السلطة السياسية فيه، فضلًا عن الاستهداف الشخصي الذي يتنامى يومًا بعد يوم، حيث كشف أن البعض يعملون منذ ١٢ عاما على “بخ السم” عليه لدى الإدارة الأميركية وإقناعها بوضعه تحت العقوبات، لافتًا إلى أن في أميركا "حالة قرف" من بعض اللبنانيين الذين كلّ منهم يتحدث بشكل مختلف عن الآخر لتحقيق مكاسب ومصالح شخصية.
الجلسة مع الرئيس نبيه بري أكثر من ممتعة، حيث إن الصراحة التي يعتمدها في حديثه تضع النقاط على الحروف وتسمي الأشياء بأسمائها، بروح النكتة التي تختزن الكثير من المخاوف على مستقبل البلاد والعباد.
يضع الرئيس بري الحوار عنوانًا ثابتًا في كلّ مرحلة، كونه على قناعة راسخة أن لبنان لا يُبنى إلا بوحدة أبنائه مهما اشتدت الخلافات، لذلك، يؤكد أن بقاء الاحتلال "الإسرائيلي" واستمرار عدوانه سببه انقسام اللبنانيين، قائلًا: أعطوني وحدة مكونات الوطن وخذوا مني انتهاء هذا الاحتلال.
بهذه الروحية يستمر الرئيس بري في لعب دور الجسر بين كلّ الأطراف مستندًا إلى إرث كبير من العمل الدؤوب لخدمة الوطن واستقراره.
يرى الرئيس بري أن قانون الانتخاب أمر شبه دستوري حيث إن الدستور ذكره أربع مرات، لافتًا إلى أن الحكومة قامت بتأليف لجنتين ولم تأخذ بتوصياتهما ورمت كرة النار على المجلس بالرغم من تحذيري بعدم القيام بذلك.
ويشير إلى أنه حتّى الآن لم يستلم القانون ومطلوب منه حل هذه الأزمة قبل أن يطّلع على تفاصيله، موضحًا، أن طرحًا جرى التداول به ولم يكن بعيدًا عنه، وهو التخلي عن تصويت الاغتراب لـ 128 مرشحًا وعن المقاعد الستة في الخارج ويكون هناك تمديد تقني إلى الصيف وعندها يمكن للمغتربين أن يشاركوا في الانتخابات، مشدّدًا على أن كلّ من قام بتسجيل اسمه في الخارج يحق له الاقتراع في دائرته، ليخلص إلى القول: طالما أن القانون نافذ فإن الانتخابات ستجري في مواعيدها على أساسه.
يؤكد الرئيس برى أن جولات المبعوث الأميركي توم برّاك لم تأت بنتائج إيجابية، آملا أن يكون الحديث مع السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى الذي يلتقيه اليوم الاثنين مثمرًا.
ويلفت إلى أنه لا يستطيع أن يقول هناك حرب أو لا، علمًا أن "الإسرائيلي" لم يوقف اعتداءاته، مشيرًا إلى مسؤولية أميركا وفرنسا في هذا الإطار كونهما قاما بضمان اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن لجنة "الميكانيزم" كانت تجتمع فصليًا واليوم بدأت تجتمع كلّ أسبوعين لكن بدل أن تراقب الاعتداءات "الإسرائيلية" تقوم بمراقبة الجيش اللبناني، مؤكدًا أن لا مانع من تطعيم اللجنة بخبراء تقنيين لكن التفاوض السياسي مع "إسرائيل" غير وارد.
ويعتبر أن العرب عندما يأتوا إلى لبنان يكونوا في بلدهم، وأن التواصل والحوار مع السعودية مستمر منذ أربعين عامًا ولم ينقطع ولبنان لم يكن يومًا بعيدًا عن أشقائه.
ويؤكد أنه كان ضدّ توجيه كتاب حزب الله إلى الرؤساء الثلاثة لأن أعطيَ تفسيرات استغلها "الإسرائيلي" ووسع من اعتداءاته، ولو صدر الكتاب بصيغة بيان كان أفضل، لافتًا إلى أن مضمونه كان جيّدًا ويتحدث عن ثوابت ومسلمات وعن الاعتداءات، مؤكدًا أن حزب الله لا يتحدث خارج المألوف.
وعن رضاه على أداء الحكومة يؤكد بري أن العلاقة مع هذه الحكومة وكلّ الحكومات تكون على القطعة "شي بيعجبني وشي ما بيعجبني"، ولم يعجبن إحالة قانون الانتخابات إلى مجلس النواب.
وعما إذا كانت علاقته بالرئيس نجيب ميقاتي أفضل، يؤكد أن العلاقة تكون بحسب مرونة الشخص.
وفي ردود سريعة على جملة من الأسئلة يؤكد الرئيس بري أن لا فتنة داخلية، وأن المنطق "الإسرائيلي" المتنامي في لبنان يجب أن يلاحق أصحابه قضائيًا، وأن ليس لي أعداء في لبنان بل خصوم، وأرفض منطق العزل مذكرًا أنه عندما تم عزل الكتائب وقف مع الأمام موسى الصدر ضدّه وواجه أزمات مع حلفائه.
وعن الضغوطات التي تمارس عليه للانفصال عن حزب الله، يؤكد أنه يدعو إلى وحدة اللبنانيين فكيف ينفصل عن أشقائه.
وعن توصيفه للوضع في لبنان والأطراف فيه، يستعين الرئيس بري بالآية الكريمة: "تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى"!..