أوراق سياسية

عبد الكافي الصمد (سفير الشمال)

post-img

عبد الكافي الصمد (سفير الشمال)
  
برغم أنّ المُهل القانونية لإنجاز الانتخابات النيابية في موعدها في شهر أيّار المقبل، تدهم الجميع بلا استثناء، فإنّ المعنيين بالاستحقاق الانتخابي يتعاملون معه بـ”ترف” غير مبرّر، لجهة الاستفاضة في النقاش البيزنطي وفي الكباش السّياسي حول قانون الانتخابات، ما بات يُهدّد فعليًا إجراء الاستحقاق بموعده على وقع تهديدات "إسرائيلية" بضرب لبنان وضعته على صفيح ساخن.

وفق القانون، يجب أن يُنشر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة قبل 90 يومًا من موعد الانتخابات، وبما أن الانتخابات يُفترض أن تجري مبدئيًا جولتها الأولى في 3 أيّار المقبل (يصادف أوّل يوم أحد من شهر أيّار)، فإنّه يتوجب نشر المرسوم في مطلع شهر شباط المقبل، ما يعني أنّ أمام المعنيين بإجراء الانتخابات قرابة شهرين فقط للانتهاء من اتّخاذ الإجراءات المتعلّقة بسير العملية الانتخابية، وقبل ذلك ضرورة التوافق حول القانون الانتخابي الذي ستجري على أساسه، خصوصًا التوافق على اقتراع المغتربين، وتجاوز هذه العقدة التي باتت تهدّد بتطيير الانتخابات.

عمليًا ما تزال الأمور على حالها من المراوحة، ولم تغادر المربع الأوّل من الجدل العبثي الدّائر حول قانون الانتخابات واقتراع المغتربين نتيجة تمسّك كلّ طرف بموقفه، ورفضه التنازل عنه، في ظلّ غياب أيّ مساعٍ لتقريب وجهات النظر، خصوصًا من الخارج المؤثّر، وإيجاد قواسم مشتركة بينهم، أو التوصّل إلى تسوية تسهم في إخراج الاستحقاق الانتخابي من عنق الزجاجة.

غير أنّ مهلة الشّهرين هذه ليست مقتصرة على الاستحقاق الانتخابي فقط، فخلالها ـ أيّ المهلة ـ يبدو البلد مقبل على ضغوطات هائلة تمارسها عليه الولايات المتحدة و"إسرائيل" ودولٌ في المنطقة، لدفع حزب الله نحو تسليم سلاحه، هو والفصائل الفلسطينية الحليفة له، وتحديدًا حماس والجهاد الإسلامي، قبل أن تنضم إليهم الجماعة الإسلامية بعدما صنّفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب هي ونظيراتها الدائرة في فلك تنظيم الإخوان المسلمين على أنها تنظيمات إرهابية، وهي ضغوط كشفها على نحو واضح الموفد الأميركي إلى لبنان توم برّاك الذي قدم ما وصفه “الفرصة الأخيرة” لبدء لبنان مسار واضح في هذا الاتّجاه، والنجاة من عدوان "إسرائيلي" واسع أشارت وسائل إعلام "إسرائيلية" مؤخّرًا إلى أنّ هذه الفرصة ـ المهلة تنتهي نهاية العام الجاري، أيّ بعد شهر، وإلّا فإنّ مئات الأهداف اللبنانية ستكون عرضة لضربات "إسرائيلية"، وهو تهديد نقله وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى المسؤولين اللبنانين، محذّرًا من “تصعيد "إسرائيلي" صار محتومًا قبل نهاية العام الجاري” في حال لم تنفذ الحكومة اللبنانية ما طلبته منها واشنطن وتل أبيب معًا.

ما سبق يترك إنطباعًا واضحًا أنّ همّ إجراء الانتخابات النيابية تراجع إلى الخلف أمام تقدّم التهديد ال"إسرائيلي"، وهو ما يعكس البرودة بالتعاطي مع الاستحقاق الانتخابي مقابل استنفار واسع أمام خطر التهديد ال"إسرائيلي"، وجعل الأفق مفتوحًا على كلّ الاحتمالات الصّعبة.

من نحن

موقع اعلامي يهتم بالشؤون السياسية والقضايا الاجتماعية والشؤون الثقافية في لبنان والمنطقة العربية والعالم ويناصر القضايا المحقة للشعوب في مواجهة الاحتلال والاستبداد