العربي الجديد
أضحت شركات التكنولوجيا التايوانية في قلب تصعيد خطير بين "إسرائيل" وحزب الله اللبناني، بعدما انفجرت أجهزة النداء الآلي المحمولة "البيجر" التي يستخدمها عناصر الحزب في وقت واحد تقريبًا، يوم الثلاثاء، في لبنان وسورية، ما أسفر عن مقتل 12 شخصًا، وإصابة ما يقرب من ثلاثة آلاف.
وتلقي العملية بظلال من الريبة حول إمكانية اختراق الشركات التايوانية والمجرية وغيرها من الكيانات الاقتصادية في مناطق أخرى من العالم، في أعمال هجومية من هذا النوع، في ظل تشابك العلاقات وامتداد الأذرع الاستثمارية "الإسرائيلية" إلى كيانات منتجة لأجهزة الاتّصالات وتكنولوجيا المعلومات، وربما تحمل رسالة سلبية أشد وطأة إلى دول كثيرة تتعامل مع تايوان، ما يضر بشدة بالاقتصاد التايواني وقطاع التكنولوجيا الحيوي.
ورغم نفي شركة "غولد أبولو" التايوانية التي تحمل أجهزة البيجر المتفجرة علامتها، تورّطها في العملية المميتة، مشيرة إلى تصنيع شريك مجري لها، فإن الأمر لا يبعد الأزمة عن الشركة، وكذلك عن قطاع التكنولوجيا في تايوان بأكمله، الذي تظهر التقارير "الإسرائيلية" عمق التعاون معه.
وقالت "غولد أبولو"، في بيان أمس الأربعاء، إن تلك الأجهزة صنعتها شركة "بي.إيه.سي كونسلتينج" ومقرها في بودابست، لافتة إلى أنها منحت الترخيص لتلك الشركة لاستخدام علامتها التجارية، وأن الشريك المجري هو وكيل للشركة التايوانية، وهو الذي ينتج ويبيع طراز "إيه.آر - 924". وقال رئيس "غولد أبولو" هسو تشين - كوانغ للصحافيين في تايبيه: "هذه ليست منتجاتنا (...) هذه ليست منتجاتنا من البداية إلى النهاية". وأضاف أن "غولد أبولو" هي أيضًا ضحية للحادث، وتخطط لمقاضاة الشركة التي حصلت على الترخيص. وتابع "قد لا نكون شركة كبيرة، ولكننا شركة مسؤولة.. وهذا محرج للغاية".
كما ذكرت وزارة الشؤون الاقتصادية في تايوان، أنه لا يوجد لديها أي توثيق للتصدير المباشر للأجهزة إلى لبنان، ورجحت أن تكون الأجهزة قد خضعت لتغييرات بعد إنتاجها. وأضافت الوزارة أن أجهزة البيجر المصنعة من شركة غولد أبولو في تايوان لديها "وظيفة استقبال" فقط، وأن سعة بطاريتها "تعادل قدرة بطارية "إيه إيه" عادية لا يمكن أن تنفجر لتسبب الوفاة أو الإصابة.
وقالت: "بعد مراجعة تقارير إعلامية وصور، نعتقد أن هناك شكوكًا كبيرة في أن يكون (الطراز المستخدم) من تصنيع الشركة"، مؤكدة عدم وجود أي سجل يشير إلى قيام الشركة بعمليات تصدير مباشرة إلى لبنان.
في هذا الصدد أيضًا، قالت وزارة الشؤون الاقتصادية التايوانية إنه منذ بداية عام 2022 وحتّى أغسطس/آب 2024، قامت شركة غولد أبولو بتصدير 260 ألف جهاز من أجهزة البيجر، بما فيها أكثر من 40 ألف جهاز بين يناير/كانون الثاني وأغسطس/آب من هذا العام. وأضافت الوزارة أن الأجهزة جرى تصديرها بشكل أساسي إلى دول أوروبية وأميركية، وأنها لا تملك أي سجلات لصادرات مباشرة من أجهزة "غولد أبولو" إلى لبنان.
ورغم محاولة الشركة في تايوان والسلطات هناك نفي أي صلة بأجهزة الاتّصالات المتفجرة في لبنان، فإن الحدث يلفت الانتباه غير المرغوب فيه إلى تايوان وصناعة التكنولوجيا الرائدة فيها، المسؤولة عن إنتاج الجزء الأكبر من أشباه الموصلات المستخدمة لتشغيل معظم الأجهزة الإلكترونية في العالم. وأعرب محللون في تايوان عن قلقهم البالغ من تداعيات الأمر على الشركات في بلدهم، وسمعة قطاع الصناعة وتكنولوجيا المعلومات بأكمله.