منذ تلك اللحظة المشؤومة والصادمة، برزت مقارنة بين ما حصل على الأرض والنهاية المروّعة لفيلم «كينغزمان: الاستخبارات السرية» (إخراج ماثيو فون) الذي تشارك بطولته تارون إيغرتون، وكولين فيرث، وصامويل إل جاكسون، ومايكل كين. في المشهد الأخير من الشريط الصادر العام 2014، تؤدي إشارة عالمية مُرسلة عبر شرائح الاتصال (SIM) إلى تفاعل متسلسل عنيف ومتزامن، أسفر عن انفجار رؤوس الناس. وفي حين كان يُنظر إلى هذا المشهد في السابق على أنه نوع من الكوميديا السوداء أو يصنّف في خانة المبالغة والخيال العلمي، إلا أنه يبدو الآن قريبًا من الواقع في ضوء الحدث اللبناني الأخير.
ففي كل من فيلم «كينغزمان» والمأساة اللبنانية، استُخدمت أجهزة تبدو غير مؤذية (شرائح الاتصال في الفيلم وأجهزة الاستدعاء في لبنان) كسلاح من بُعد، ما أدى إلى دمار مفاجئ ومنسّق. وقد عكست الأجواء المروّعة على الأرض في لبنان الفوضى السريالية التي شهدها الشريط، حيث استحالت أجهزة الاتصال العادية أدوات قتل وإجرام. وبطبيعية الحال، أدخل حجم الهجوم ودقّته وهوله الناس في حالة من الصدمة، ما خلق شعورًا عامًا بالعجز والارتباك.
التشابه بين الدمار المتخيّل في «كينغزمان» وذلك الواقعي في مناطق لبنانية مختلفة، يشير إلى قلق مجتمعي أعمق: مدى سهولة استغلال التكنولوجيا اليومية التي نعتمد عليها لأغراض شنيعة. فما كان يُنظر إليه سابقًا على أنه مبالغة سينمائية بعيدة المنال، يبدو الآن معقولًا بشكل لا يطاق، ما يطمس الخطوط الفاصلة بين الخيال والواقع.
في كلتا الحالتين، لا يؤدي العنف المتزامن إلى تدمير أولئك المتأثرين مباشرةً فحسب، بل يثير أيضًا خوفًا واسع النطاق بشأن هشاشة أنظمة الاتصالات الحديثة. فقد أشعلت المشاهد المروعة على أرض الواقع في لبنان الخطاب العام حول نقاط الضعف في عصرنا الرقمي، حيث يمكن للتكنولوجيا التي تربطنا أن تنقلب ضدنا بالسهولة نفسها. هكذا، يثبت التشابه المخيف بين «كينغزمان» والواقع مدى سرعة تحوّل الملاءمة التكنولوجية إلى تهديد مسلّح، ما يرغم المجتمع على مواجهة الجانب المظلم للابتكار.