هذا، أيضا، مع التبني الكامل لرواية الاحتلال في الأخبار والتقارير التي تعبّر عن انزعاجهم كلما استطاعت المقاومة كسر شوكة جيش الاحتلال وتحطيم غطرسته وإذلال قوّته وإغراقه في حرب استنزاف عالية الكلفة، وينشرون في سياق تغطيتهم للعدوان مفاهيم الذل والخضوع وترهيب الناس في محاولة للتأثير على القلوب والعقول باعتماد التضليل والكذب والافتراء وتسويق رواية العدو ومفرداته بهدف خلق البلبلة والتشكيك بدور وجدوى المقاومة وجبهات الإسناد من لبنان التي زادت من وتيرة التأثير والمسّ بقواعد عسكرية وأمنية «إسرائيلية».
قد نكون في المرحلة المقبلة أمام ضربات نوعية مؤلمة للكيان الإسرائيلي تنفذها المقاومة في معركة الحساب المفتوح، ويمكن أن تستهدف هذه الضربات شخصيات أمنية وعسكرية «إسرائيلية» مع تأكيد أن معركة الإسناد التي تخوضها المقاومة في لبنان دعمًا لغزة مرتبطة بالصراع الذي تخوضه المقاومة ضد المشروع الصهيوني الاستعماري وقيام بواجب الدفاع عن النفس ضد الاحتلال وعدوانه مهما عظمت التضحيات دفاعًا عن لبنان، دعمًا للشعب الفلسطيني الذي يخوض معركة الدفاع عن النفس والقدس، ويكافح من أجل استعادة حقوقه الوطنية المشروعة في فلسطين بمعناها التاريخي والجغرافي.
في سياق تغطية هذه القنوات العدوان كانت القوى الوطنية والإسلامية في غزة قد أصدرت بيانًا؛ رأت فيه أن قناتي «العربية» و»الحدث» تمعنان في نقل السردية الصهيونية وتسويغ جرائم الاحتلال وتعلنان حربًا إعلامية على جميع قوى المقاومة لدرجة أن صحيفة «هآرتس» علقت مرارًا على أهمية قناة العربية بالنسبة للكيان.
قال البيان أيضًا إنّ هاتين القناتين تسعيان إلى تشويه الوعي الجمعي العام في العالم العربي عبر بروباغندا نفسية تتمّ صياغتها بأيدٍ صهيونية. ووجهت القوى الوطنية والإسلامية في غزة دعوة خاصة إلى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بإصدار توجيهاته لمراجعة السياسات المعادية لهاتين القناتين ليس فقط للشعب الفلسطيني بل لنبض أمتنا العربية والإسلامية.
هذا؛ ويتماشى عمل القناتين مع أهداف العدوان «الإسرائيلي» الحالي على لبنان الذي يهدف إلى إضعاف تأثير جبهة الإسناد وفصل جبهات المقاومة الداعمة لفلسطين عن المقاومة الفلسطينية، وأيضًا تشديد الضغط على البيئة الحاضنة للمقاومة وخلق شروخ جديدة بين مكونات الداخل اللبناني، ولكن النتائج أتت معاكسة تمامًا، حيث زاد الالتفاف حول المقاومة التي يشنّ ضدّها الاحتلال بالإضافة للحرب العسكرية والأمنية حربًا إعلامية ونفسية ضخمة لا تقلّ أهمية عن حربه العسكرية والأمنية، وذلك بالتعاون مع بعض الإعلام العربي الذي يضخّ عددًا كبيرًا من الشائعات والتهويل ضدّ الناس والمقاومة لتبرير حرب الإبادة الوحشية والعدوان.
إذ يعمل الإعلام الإسرائيلي، بمختلف وسائله وتقنياته، على بث مواده السامة بعيدًا عن أيّ معايير لمعايير سياسية وايدولوجية، وهو ليس وحيدًا في ذلك، حيث تحوّل إلى مصدر لوسائل إعلام يصفها الجمهور بـ «العبرية» أو المتصهينة التي لا همّ لها سوى إرضاء الولايات المتحدة الأميركية على حساب عدالة القضية الفلسطينية والحق بالمقاومة التي يحاولون تشويه صورتها ضمن الحاضنة الشعبية.
هذا جزء من عمل بعض المنظومة العربية الرسمية التي تدعم وتموّل التحريض على حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية. وهذا يضع الإعلام التحريضي المنافق في خانة الباطل وتزييف الحقائق بعيدًا عن كلّ المعايير الأخلاقية والإنسانية. وهذا ما يفعله دائمًا الناطق العسكري باسم جيش الاحتلال ومن يسيرون خلفه وخلف سيوفه وسهامه الحاقدة.