نعرفه مذ وعينا مسيرة حزب الله والمقاومة، مستشارًا إعلاميًا لسماحة الشهيد الأقدس السيد حسن نصرالله.. كان يمثل منبرا سياسيا إعلامياً ليستلم إدارة العلاقات الإعلامية على مدى عقود.. لقد مثل حنجرة الحزب الإعلامية..
هو فارس الكلمة في كل مناسبة، يحرر البيانات الإعلامية ويدير دفتها ويوجهها، ثم يوجه عموم وسائل الإعلام في لبنان والعالم نحو الخبر الصحيح نافيًا أو مثبتًا بالدليل والوثيقة..
لم يكن ينطق يومًا عن هوى شخصي؛ هو شخصية ملتزمة بقيادته السياسية والحزبية منذ العام 1983، فهو من الجيل المؤسس لحزب الله، حيث واكب كل مراحله التاريخية والمفصلية منذ 40 عامًا..
عُيّن الحاج محمد عفيف النابلسي، في العام 2014، في منصب مسؤول العلاقات الإعلامية لحزب الله، إضافة إلى عمله مستشارا إعلاميا لنصر الله. وتولى إدارة الأخبار والبرامج السياسية في قناة المنار الإخبارية الناطقة باسم الحزب مدة من الزمن، وشارك في إدارة التغطية الإعلامية طوال عدوان العدو الإسرائيلي على لبنان في يوليو/تموز 2006.
شارك في إدارة الرسائل الإعلامية الموجهة للجمهور، كما تولى مسؤولية الإشراف على الحرب الإعلامية والنفسية الموجهة ضد الكيان الصهيوني، وأسهم في صياغة المواقف السياسية والإستراتيجية للحزب.
برز الحاج محمد عفيف ناطقًا رسميًا باسم حزب الله بعد اغتيال الأمين العام السابق السيد حسن نصر الله، وعقد 3 مؤتمرات صحفية في ضاحية بيروت الجنوبية، وكان آخرها في الحادي عشر من الشهر الجاري، حيثن أكد أن مخزون حزب الله من السلاح كافٍ لحرب طويلة، وأن يد المقاومة تطال فلسطين المحتلة من الشمال إلى الجنوب.
اليوم؛ استشهد الحاج محمد عفيف، وهو ابن العلامة الراحل الشيخ عفيف النابلسي، في مقر المركزي لحزب البعث في منطقة رأس النبع في العاصمة بيروت.. وباستشهاده لا يسكت صدى حنجرته ستبقى صادحة في أصداء الهواء الذي نتنفسه في الضاحية الجنوبية، حيث تحدى العدو مرارًا، في العدوان الحالي، وخرج فارسًا لا يهاب الموت ليقول كلمة حزب الله في يوم الشهيد وليردّ على العدو ادعاءاته الكاذبة..
رحمك الله أيها الفارس المقدام، ستفتقدك أرجاء قناة المنار وإذاعة النور والموقع العهد الإلكتروني ..ستفتقدك أرجاء الضاحية لبيروت..ستفتقدك الأجيال الصاعدة التي اعتادت على سماع تصريحاتك ونبرة صوتك الجهادي..
هذا وقد نعى حزب الله الشهيد الإعلامي في البيان الآتي:
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}
صَدَقَ اللهُ العليُّ العظيمُ
ننعى إلى أمة المقاومة والإعلام المقاوم، وأمة الشهداء والمجاهدين، قائدًا إعلاميًا كبيرًا وشهيدًا عظيمًا على طريق القدس، الحاج محمد عفيف النابلسي، مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، والذي ارتحل إلى جوار ربه مع خيرة من إخوانه المجاهدين في غارة صهيونية إجرامية عدوانية، بعد مسيرة مشرّفة في ساحات الجهاد والعمل الإعلامي المقاوم.
لقد التحق الحاج محمد عفيف، كما تمنى، برفاق دربه وبحبيب قلبه وأبيه الذي كان يحب أن يسميه بهذا الاسم، الشهيد الأسمى سماحة السيد حسن نصر الله. كان يستمدُ من حكمته قوة، ومن توجيهاته رؤية وبصيرة ونورًا. لقد كان مثال الأخ الوفي، والعضد القوي، وأمينًا على صوت المقاومة، وركنًا أساسيًا في مسيرة حزب الله الإعلامية والسياسية والجهادية.
هو الذي لم تُرهبه تهديدات العدو بالقتل، واجهها ببأسٍ شديد وبعبارته المشهورة: «لم يخفنا القصف فكيف تخيفنا التهديدات». أصر بشجاعته المعهودة على الحضور الإعلامي الجريء لمواجهة الآلة الإعلامية الإسرائيلية، ونقل صوت المقاومة وموقفها، ورسم معالم المعركة القائمة بكل وضوح من خلال إطلالاته الحية في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت.
كان يرسم بقلمه النيّر ومواقفه الشجاعة أحرف المجد والانتصارات، ويدب الرعب في نفوس العدو، يخط بأوتار صوته عزف الموت لبيتهم الواهن. بندقية كلماته كانت تقتلهم، وصوته السيف كسر جبروتهم ، كان ينقل ما يفعله الكربلائيون في الميدان، ويسطر ملاحمهم في الإعلام، فكان حقًا أسد ميدان الإعلام، وهو الذي صدح بصوتٍ عالٍ في أذان العدو وقلوبهم قائلاً: «المقاومة أمة، والأمة لا تموت».
نتقدّم بالعزاء من صاحب العصر والزمان "عجل الله تعالى فرجه الشريف" ومن سماحة ولي أمر المسلمين حفظه المولى ومن الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم حفظه الله، ومن إخوانه المجاهدين في المقاومة الإسلامية، ومن عائلته الشريفة الصابرة المحتسبة، ونسأل الله تعالى أن يمّن عليهم بالصبر الجميل وثواب الدنيا والآخرة .
الأحد 17-11-2024
14 جمادى الأولى 1446 هـ